الثلاثاء, ديسمبر 9, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderهبوب مصريّ ـ سعوديّ في الشراع اللبناني

هبوب مصريّ ـ سعوديّ في الشراع اللبناني

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

ترى كلّ من مصر والمملكة العربيّة السعوديّة، أن الدور العربي في معالجة القضايا الإقليميّة المعقّدة، لا يمكن أن يكون شكليّاً أو تجميليّاً للدور الأميركي ـ الإسرائيلي، ولا بدّ من حضور فاعل في كلّ الملفات، سواء في غزّة، أو في لبنان، أو في سائر الدول العربيّة.

وتتوافق الوساطة التي يقودها رئيس جهاز المخابرات المصري اللواء حسن رشاد، تجاه لبنان، وفق التنسيق الدبلوماسي المستمر ما بين وزيري الخارجيّة بدر عبد العاطي، والأمير فيصل بن فرحان، وإنطلاقاً من مبدأ أن الساحة لا يجوز أن تبقى حكراً على الإسرائيلي، والأميركي، والإيراني، بل يجب أن يكون هناك حضور عربي مؤثّر، وصاحب كلمة في مصطلحات المخارج المتداولة.

وتتزامن المبادرة السعوديّة الهادفة إلى فتح أبواب المملكة أمام الصادرات اللبنانيّة، مع تأكيد مصريّ رسمي، رفيع المستوى، مفاده أن اللواء رشاد مستمر في مهامه، وأن الحراك الدبلوماسي لمساعدة لبنان قد إزدادت وتيرته في الآونة الأخيرة.. وليس كلّ ما يُعلم يُعلن!

وتقرّ جامعة الدول العربيّة بالدور الريادي الذي تلعبه كلّ من مصر والسعوديّة، في زمن الكسوف العربي، وتؤكد على أمرين:

الأول: إن هذه “الشراكة” قائمة على توزيع متقن للأدوار، بحيث يكمّل الواحد الآخر، وفق إستراتيجيّة متفاهم بشأن عناوينها، وخطوطها العريضة، ومستندة إلى جملة قرارات متخذة في القمم العربيّة، بما فيها قمّة بيروت التي أنتجت المبادرة العربيّة للسلام، والتي كانت السعوديّة قد وضعت مرتكزاتها – الأساس.

الثاني: إن التنسيق والتعاون ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة التخطيط، والتنسيق للوصول إلى أهداف محدّدة. والدليل أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عندما جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب بضيافته، إنما كان يهدف إلى عودة سوريا من محور الممانعة إلى المحور العربي، وقد نجح في رهانه إلى حدّ بعيد. والدليل أن الشرع زار واشنطن مؤخراً بدعوة مباشرة من ترامب، ووسط حفاوة بالغة، وكانت قمّة تأسيسيّة لعلاقات إستراتيجيّة بين البلدين، تُشقع مداميكها يوماً بعد يوم، الإتفاقات التي أبرمت، وتلك التي ستبرم في المستقبل القريب، وتتناول مختلف أوجه التعاون.

ويكفي القول إن الخطاب العدائي بين واشنطن ودمشق قد إنتهى زمانه. وأعلن ترامب رفع العقوبات. ومنح “قانون قيصر” صفة الإلغاء الكامل، ورفع تهمة الإرهاب عن الشرع، وفريق عمله، ورحّب بعودة الإستثمارات الأميركيّة إلى قلب الشام، والإستعداد للمشاركة في ورشة الإعمار…

ماذا عن لبنان؟

فضح الممثّل الأميركي توم براك المستور، وأعلن أن الشرع أبلغ ترامب إنخراط سوريا كعضو فاعل في “التحالف الدولي” لمكافحة الإرهاب. وقال إن دمشق قد حجزت لنفسها دوراً ستلعبه ضدّ “حزب الله”!

وبعد الشرع، يزور بن سلمان البيت الأبيض تحت عنوان “قمّة الشريكين لتنفيذ إستراتيجيّة واحدة”.

وقد وُضعت اللبنة الأساس لهذه الشراكة خلال زيارة ترامب للمملكة في 12 أيار الماضي، وشملت أبواباً عدّة، بما فيها مكافحة الإرهاب، ومصادره، وتنظيماته، والدول الراعيّة له.
وتنعقد هذه القمّة، على وقع تحولات، منها:

– مناقشة ما رسمه الرئيس الأميركي مع الرئيس السوري حول لبنان، وقد أعلن عن جزء منه توم برّاك، ليبنى على الشيء مقتضاه سعوديّاً وأميركيّاً.
– رفع الموانع عن الصادرات اللبنانيّة إلى الأسواق السعوديّة، وتزامن هذه الخطوة قبل زيارة بن سلمان إلى واشنطن.
– زيارة الوفد الأميركي لمكافحة الإرهاب برئاسة مساعد الرئيس ترامب، والمدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الدكتور سيباستيان غوركا، ووكيل وزارة الخزانة الأميركيّة لشؤون الإرهاب والإستخبارات الماليّة جون هيرلي، والمختص في مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن القومي الأميركي رودولف عطا الله.

وإذا ما جُمعت مهمّة هذا الوفد في بيروت، مع مضمون تصريح براك الأخير حول لبنان، تتضح حقيقة الأهداف والمقاصد، ولم يعد اللبيب بحاجة إلى قارئة فنجان!
إن هبوباً سعوديّا ـ مصريّا بدأ يحرّك الشراع اللبناني، من مؤشراته الإتصال الذي جرى قبل أيام بين الوزير عبد العاطي وبن فرحان، والذي تناول الوضع في لبنان، وغزّة، وشؤوناً أخرى، قبيل إنعقاد القمّة السعوديّة ـ الأميركيّة.

وتراهن بيروت في هذه المرحلة على أي دور عربي، أو أوروبي، يساعد على خروج لبنان من “الشرنقة الإسرائيليّة ـ الأميركيّة ـ الإيرانيّة” التي تحاصره حتى الإختناق.

لقد طرح رئيس الجمهورية جوزاف عون مبادرة “الحوار غير المباشر”، وردّ بنيامين نتنياهو مهدّداً بالحديد والنار، فيما لم يعطِ الأميركي رأيّاً واضحاً، علماً بأنه تخلّى عن دوره كوسيط، بعدما تماهى مع الشروط الإسرائيليّة.

إن تمسّك لبنان بأي مسعى يأتي من دول شقيقة أو صديقة، قد لا يكون بالقدر الذي يمكن البناء على أساساته أبراجاً عاليّة، لكن في نفس الوقت يرفع من المعنويات المحبطة، ويؤكد على وجود كوّة في الجدار الأميركي ـ الإسرائيلي ـ الإيراني السميك، يمكن أن يتسرّب منها بصيص أمل يوحي بإنفراج قريب.

وينبثق شعاع الأمل هذا من مصادر ثلاثة:
• تأكيد القاهرة على إستمرار مساعيها ـ بدعم سعودي – لإخراج الوضع اللبناني من رتابته، والإنتقال به إلى مرحلة “سلاح المنطق”، كبديل عن “منطق السلاح”.
• زيارة ولي العهد السعودي إلى البيت الأبيض، وما يمكن أن تحمله من تفاهمات حول الوضع في لبنان، ومستقبله.
• زيارة البابا ليون الرابع عشر، تحت عنوان “ما بعد الزيارة… ليس كما قبلها”.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتساب”، إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_copy_c

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img