حددت دراسة حديثة اختلافات عصبية تشريحية لدى الأطفال مرتبطة ببدء تعاطي المواد المخدرة في مرحلة مبكرة من العمر.
وأشارت الدراسة التي أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة إنديانا وجامعة واشنطن في سانت لويس، وغيرها من المؤسسات، إلى أن التغيرات في بنية الدماغ ترتبط بشكل قوي باستخدام المواد المخدرة، وخاصة في مرحلة الشباب عندما يكون الدماغ في مرحلة تطور كبيرة
وقد أجريت هذه الدراسة كجزء من دراسة تطورية طويلة الأمد، حيث تم تتبع تطور سلوك الأطفال من مرحلة الطفولة المبكرة حتى مرحلة البلوغ.
وشملت الدراسة 11875 طفلا في المرحلة العمرية من 8.9 إلى 11 عاما، حيث تم تسجيل تقارير عن بدء استخدام المواد المخدرة (مثل الكحول، التبغ، القنب، والمواد الأخرى) جنبا إلى جنب مع صور الرنين المغناطيسي التي تقيم بنية الدماغ.
وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين بدأوا في استخدام المواد المخدرة قبل سن 15 عاما كانوا يعانون من تغييرات هيكلية في الدماغ، مثل انخفاض سماكة قشرة الدماغ في مناطق معينة مثل القشرة الجبهية الأمامية، وزيادة في حجم الدماغ الكلي والمناطق الفرعية مثل الحُصين والكرات البيضاء.
ولوحظ أن هذه التغيرات الهيكلية كانت موجودة قبل بدء استخدام المواد المخدرة، ما يشير إلى أنها قد تكون عوامل خطر وراثية مسبقة، وليس مجرد نتيجة لاستخدام المواد المخدرة.
وقد تم ربط استخدام القنب بتقليص حجم منطقة معينة في الدماغ تعرف باسم “النواة الذنبية اليمنى” (Right Caudate Nucleus) وهي جزء من الدماغ ينتمي إلى النواة القاعدية – مجموعة من البُنى العصبية العميقة التي تلعب دوراً مهماً في التحكم في الحركة، والتعلم، والمعالجة العاطفية. النواة الذنبية تشارك أيضاً في مجموعة متنوعة من الوظائف العصبية مثل التعلم الإجرائي (الذي يرتبط بالتحفيز والتكرار)، وتعديل السلوكيات، وتنظيم الحركات الإرادية.
وأشار التفسير العلمي لهذه الدراسة إلى أن التغيرات في الدماغ قد تكون جزءا من القابلية الوراثية التي تجعل بعض الأطفال أكثر عرضة لبدء استخدام المواد المخدرة في سن مبكرة. كما أظهرت الدراسة أن هناك تغيرات هيكلية قد تكون عوامل خطر تسبق تأثيرات المواد المخدرة نفسها.
ودعت هذه النتائج إلى إعادة التفكير في نماذج الإدمان والعلاقة بين التغيرات في الدماغ وبدء استخدام المواد المخدرة، ما يعزز من أهمية الفهم العميق لأسباب استخدام المواد في فترة المراهقة وكيفية تأثير البنية العصبية على هذه الظاهرة.