جرائم العدو في شهر الرحمة.. فلسطين الشاهدة!

| نادين نجار |

ليست المرة الأولى التي يعيش فيها الفلسطينيون أجواء شهر رمضان وسط القتل والدمار والحصار، بل التاريخ هو خيرُ شاهد وخيرُ دليل على الفظاعات التي إرتكبها العدو الإسرائيلي في “شهر رمضان” منذ سنوات مضت وحتى يومنا هذا.

الإبادة الجماعية في مدينة اللد

في العام 1948 وبعد شهرين من دخول العدو الإسرائيلي إلى فلسطين لتصبح محتلة، استهدف جيش العدو الإسرائيلي مدينة اللد الواقعة في منتصف الطريق بين يافا والقدس في فلسطين بقصف عنيف وعشوائي ووابل من القذائف والرصاص وذلك بقيادة “موشيه دايان” في 5 رمضان الموافق لتاريخ 11 تموز 1948.

بدأت المعركة بين وحدة كومانوز صهيونية و رجال المدينة الذين واجهوا الآلية العسكرية الصهيونية ببنادقهم القديمة، وتمت محاصرة الناس داخل البيوت والمساجد، وبعد القتال ونفاد الذخيرة، اضطروا للاستسلام قامت القوات الصهيونية بإبادتهم جميعاً.
ووصف الكاتب الصهيوني “أري شافيت” في كتاب له ما حصل في اللد قائلاً: “250 فلسطيني تم قتلهم في نصف ساعة”.

مذبحة الحرم الإبراهيمي

وفي مدينة الخليل قام “باروخ جولدشتاين”، وهو مستوطن و”طبيب” صهيوني بالدخول إلى الحرم الإبراهيمي فجر يوم الجمعة 15 رمضان الموافق لـ 25 شباط 1994 بالتواطؤ مع عدد من المستوطنين وجيش العدو ونفذ مذبحة بحق الفلسطينيين، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد أثناء أدائهم صلاة الفجر، مما أدى إلى إستشهاد 30 مصلي وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

كيف تواطئ جيش الإحتلال معه؟

عند تنفيذ المذبحة قام جنود الإحتلال الإسرائيلي الموجودون في الحرم بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى مما رفع عدد الشهداء إلى 50.

“أيام الغضب”

في العام 2004 ووسط الإنتفاضة الفلسطينية الثانية شهدت غزة معركة “أيام الغضب” كما أسمتها المقاومة أو “أيام الندم” بحسب التسمية الصيهونية، وهي عملية برية شنها الإحتلال على شمالي قطاع غزة دامت لمدة 17 يوماً وأدت إلى استشهاد 150 فلسطينياً، وانتهت في اليوم الثاني من شهر رمضان حيث انسحبت قوات الإحتلال من دون تحقيق هدف وقف إطلاق القذائف على المستوطنات.

“العصف المأكول”

أطلق العدو الإسرائيلي في السابع من تموز 2014 الموافق لتاريخ 11 رمضان عملية أسماها “الجرف الصامد”، وردت عليها المقاومة بمعركة “العصف المأكول” بعد أن اختطف مستوطنون الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير وعذبوه وقتلوه حرقا.
استمرت الحرب لمدة 50 يوما وأسفرت عن استشهاد 1742 فلسطينيا، بينهم 530 طفلا و302 امرأة.

“سيف القدس”

في الخامس والعشرين من رمضان عام 2021 أطلقت كتائب القسام عملية “سيف القدس” ووجهت ضربات صاروخية لمدن القدس وتل أبيب، رداً على الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى و حي الشيخ جراح، والدعوات استيطانية لتنفيذ اقتحام جماعي للأقصى.

اندلعت معركة “سيف القدس”، بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح، واقتحام قوات العدو الإسرائيلي للمسجد الأقصى.

أسفرت هذه الحرب عن نحو 250 شهيدا فلسطينيا وأكثر من 5 آلاف جريح، كما قصف العدو الإسرائيلي عدة أبراج سكنية، وأعلن تدمير نحو 100 كيلومتر من الأنفاق في غزة، وقد تم وقف إطلاق النار بعد وساطات وتحركات وضغوط دولية.

“اقتحام الفجر”

وفي الرابع عشر من رمضان عام 2022 وأثناء صلاة الفجر، باغتت قوات صهيونية المصلين في المبنى القبلي المسقوف من المسجد الأقصى بوابل من الرصاص والقنابل الغازية والصوتية، وأصابت العشرات واعتقلت المئات.

“طوفان الأقصى”

وفي العام 2023 كان العالم على موعد في السابع من تشرين الأول مع الحرب التي غيرت وقلبت كل الموازين، ففي “طوفان الأقصى” ظهرت قوة المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، وفي الوقت عينه، إنكشف زيف المجتمعات والمنظمات الدولية فيما يخص حقوق الإنسان، وباتت حقيقة العدو الإسرائيلي أوضح من أن يتم التستر عنها.

بدأت معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول عام 2023 عندما قررت المقاومة الإسلامية (حماس) إعتقال عدد من الأسرى المستوطنين وإطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة بسبب الإنتهاكات لحقوق الفلسطينيين والإعتداءات على المسجد الأقصى بشكل مستمر، عقب وصول الحكومة اليمنينة المتطرفة إلى سُدة الحكم لدى كيان الإحتلال.

جعلت هذه الهزيمة المدوية الكيان الصهيوني عبارة عن وحش قام بإحراق كل ما حوله، فعلى مدار ستة أشهر وحتى نهاية شهر رمضان 2024 إرتكب العدو الإسرائيلي مئات المجازر التي إرتقى ضحيتها أكثر من 33 ألف شهيد وجُرح أكثر من 70 الف فلسطيني، ويعاني الشعب الفلسطيني في شهر رمضان من مجاعة بسبب منع وصول الغذاء إليهم وتضييق الحصار مما أدى إلى وفاة أكثر من 20 شخص أغلبهم من الأطفال نتيجة الجوع وسوء التغذية، وإنتشار الأمراض والأوبئة.

ودمر العدو الإسرائيلي أحياء ومناطق في غزة بشكل كامل، ودمر المستشفيات أبرزها مجمع الشفاء الطبي والمساجد والمدارس.

وعلى أبواب عيد الفطر يهدد العدو الإسرائيلي بشن عملية برية على رفح شمال قطاع غزة التي تحتضن أكثر من مليون لاجئ فلسطيني، في ظل إنتهاكات يومية لحرمة النساء والأطفال وإغتصابهم وقتلهم مباشرةً أمام أعين العالم أجمع.

ليس الهدف من ما ذُكر تسليط الضوء على الحرب الحاصلة اليوم وحتى هذه اللحظة والتي أصبحنا جزءاً منها، نُعايشها ونتابع أحداثها وتؤثر على مجرى حياتنا في الحاضر والمستقبل، بل الهدف هو التأكيد على أن العدو الإسرائيلي هو المعتدي دوماً وأنه لا يحتاج إلى “حجة” أو “دافع” لإجرامه، لا بل كيانه قائمٌ بالأساس على القتل والوحشية، والتأكيد لأنفسنا أن فهم ومعرفة الماضي الموثق يؤكد أهمية توثيق كل الجرائم التي تحصل لتُضاف إلى السجل الصهيوني الحافل بالإجرام وليكون الماضي الموثق هو مقدمة لمحاولاتٍ مستمرة لصنع حاضر وواقع أفضل ومستقبل خالٍ من الإستعمار والإستيطان.