قيامة لبنان لا تزال بعيدة.. والعدوان الاسرائيلي يواصل بث سمومه جنوباً

بعد الجمعة العظيمة سبت النور بما فيه من صلاةٍ وتبادلِ تهانٍ بعيد الفصح المجيد لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي.
وفي نهاية هذا السبت، تُقدَّم عقارب الساعة ستين دقيقة عملاً بالتوقيت الصيفي. أما عقارب العدوانية الإسرائيلية فلا تتوقف عن بث سمومها قذائفَ وصواريخ في لبنان وغزة وسواهما.

ففي تطور خطير، إستهدفت الصواريخ الإسرائيلية اليوم الأمم المتحدة من خلال غارة شنتها مسيّرة على دورية لبعثة مراقبة الهدنة في خراج بلدة رميش. الإعتداء الذي أسفر عن إصابة ثلاثة مراقبين عسكريين ومترجم لبناني إستدعى صدور بيان عن اليونيفيل أكدت فيه أنه يجب توفير السلامة والأمن لموظفي الأمم المتحدة وشددت على أنه تقع على عاتق جميع الجهات الفاعلة بموجب القانون الإنساني الدولي مسؤولية ضمان الحماية لغير المقاتلين بما في ذلك قوات حفظ السلام والصحافيون والعاملون في المجال الطبي والمدنيون.

وفيما عبّر رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي للقائد العام لليونيفيل الجنرال أرولدو لازارو عن إدانته لهذا الحادث الخطير مؤكداً تضامنه مع القوات الدولية، سارع جيش الإحتلال الذي ارتكب الإعتداء على الدورية الأممية إلى محاولة غسل يديه من هذه الجريمة والتنصل منها.

في ما يتعلق بالجبهة الفلسطينية، من المقرر أن تجري بعد غد الإثنين المحادثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول العملية العسكرية التي تـُلوّح تل أبيب بتنفيذها في رفح. وإذا كانت واشنطن حتى الأمس القريب تحذر من اجتياح بري في هذه المنطقة، فإن مسؤوليها بدأوا في تعديل لهجتهم قائلين إن المعركة هي إسرائيلية ولا نملي شيئاً على الإسرائيليين وزاعمين أن ما يهمهم هو حماية المدنيين.

خفض سقف التحذيرات الأميركية أرفقته واشنطن بإعطاء الضوء الأخضر لإرسال قذائف وقنابل ومقاتلات ومحركات بمليارات الدولارات إلى إسرائيل. ومع ذلك لا ينفك الرئيس الأميركي جو بايدن يـُصرح بأنه يعمل مع الشركاء لإقرار وقف فوري لإطلاق النار يستمر ستة أسابيع على الأقل. وقال في آخر تصريحاته إننا نركز على ضمان الحفاظ على الهدوء وإستعادته في الدول المجاورة بما في ذلك لبنان.

رفعَ يوآف غالنت من عنترياتِه عندَ الحدودِ اللبنانيةِ مهدداً بتوسيعِ الاعتداءات، فكانت اُولى الخطواتِ استهدافَ قواتِ اليونيفيل العاملةِ في جنوبِ لبنان..

واِن تبرأَ وزيرُ الحربِ وجيشُه من العملية، فهي كتلك التي اَصابت الصحفيين والمسعفين والمدنيين، وكانوا يتبرأون من اجرامِهم ومن ثَمَّ تُثبِتُها التحقيقات..

حتى كانت حادثةُ رميش اليومَ دليلاً اضافياً لمن لا يريدُ ان يرى العدوانيةَ الصهيونيةَ التي لم تَجعل حصانةً لاحدٍ حتى للقواتِ الدولية..

وعلى ارتباكِها كانَ بيانُ تلك القواتِ التي دانت الحادثَ دونَ ان تُحمِّلَ المحتلَّ المسؤوليات، تاركةً للتحقيقِ ان يَكشِفَ الملابسات، فيما الادلةُ التي لا لَبْسَ فيها انَ العدوَ استهدفَ سيارةً تابعةً للقوةِ الدوليةِ واصابَ اربعةً من العاملين معها، هم مترجمٌ لبنانيٌ وثلاثةُ اجانب..

اما الاجابةُ على عنترياتِ غالنت فباستمرارِ مَسيرةِ الاسنادِ لغزةَ والدفاعِ عن لبنانَ بالعزيمةِ نفسِها وبالصواريخِ والمُسيّراتِ التي اَكملت مُهماتِها، مستهدفةً مقراتِه العسكريةَ وتجمعاتِ جنودِه واجهزتَه التجسسيةَ في الشمال، بينَما مستوطنوهُ يزدادونَ اختناقاً ويُصوِّبون على الجيشِ ووزيرِه ورئيسِ حكومتِه المتخبطين بينَ الاقوالِ والافعال..

على اَنَّ ما خطفَ الانظارَ اليومَ الاقوالُ المسرّبةُ عن اجتماعِ حكومةِ الحربِ الصهيونيةِ بالامس، وما اَسمَوها بالعزلةِ الكبيرةِ التي تُطوِّقُ بنيامين نتنياهو ووزيرَ حربِه يوآف غالنت خلالَ النقاشاتِ حولَ المفاوضات، فحتى وزراءُ الليكود الذي يتزعمُه نتنياهو صوَّتوا لمصلحةِ مقترحاتِ وفدِ الموسادِ في المفاوضاتِ بالسماحِ لعودةِ الفلسطينيينَ الى شمالِ غزة، من اجلِ تسهيلِ ابرامِ صفقةٍ تعيدُ اَسراهُم، ما اعتبرَه محللون صهاينةٌ تطوراتٍ غيرَ مسبوقةٍ ومؤشراتٍ على امكانيةِ تحقيقِ اختراق ..

البحثُ عن اختراقٍ في المفاوضاتِ مسارٌ اِلزاميٌ بعدَ عجزِ الاشهرِ الستةِ عن تحقيقِ ايِّ اختراقٍ جِدّيٍّ في الميدان، رغمَ كلِّ المجازرِ والدمارِ وانتهاكِ كلِّ القوانينِ والاعراف، معَ اشارةِ العارفين الى انَ الرُّشَى الاميركيةَ حاضرةٌ في تَبدُّلِ موقفِ بعضِ الوزراء، فاعطاءُ خمسٍ وعشرينَ طائرةً اميركيةً من طراز (أف-35) ومحركاتٍ بقيمةِ خمسةٍ وعشرينَ مليارَ دولارٍ للكيانِ العبري، مسألةٌ تَستحقُ بعضَ التنازلِ بالمواقفِ الاسرائيليةِ بحَسَبِ خبراءَ صهاينة.

بين المعركة المفتوحة في الجنوب والفشل المتمادي للطبقة السياسية في الداخل، سيبقى لبنان حتى اشعار آخر اسير السيادة المنقوصة والفراغ الرئاسي والشلل المؤسساتي والسطو التدريجي على اموال المودعين. اما الوعود والتحليلات المتداولة، فمعظمها يراوح بين الكاذب والخاطئ، الذي يملأ الوقت الضائع بالسخافات او التذاكي.

واذا كان الاعلان عن معاودة مفاوضات الهدنة في القاهرة غدا قد دفع بالبعض الى ابداء التفاؤل من جديد، فاستهداف القوات الدولية في الجنوب اللبناني شكل مصدر قلق رسمي وشعبي.

وفيما برأت اسرائيل نفسها من الاعتداء، ادى لبنان الرسمي، او ما تبقى منه على الاقل، واجب الشجب والاستنكار، مشددا على أنّ هذا الاعتداء المخالف للقانون الدوليّ والقانون الدوليّ الإنسانيّ، يأتي بعد مسلسل استهداف الصحافيين والمسعفين والأطفال والنساء والمدنيين.

اما اليونيفيل التي كررت لازمة التحقيق، فأعلنت ان ثلاثة مراقبين عسكريين تابعين لهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة ومترجما لبنانيا أصيبوا بجروح أثناء قيامهم بدورية راجلة على طول الخط الأزرق، عندما وقع انفجار بالقرب من موقعهم.

هذا على الحدود. اما في الداخل، فرفعت رسالة الفصح التي القاها البطريرك الماروني السقف الى اقصى حد، حيث اعتبر ان الجنوب لا يجب أن يتحول من أرض وشعب إلى ورقة يستبيحها البعض على مذبح قضايا الآخرين وفي قواميس حروبهم.

اما في الملف الرئاسي، فصوّب الراعي بشكل مباشر على الرئيس نبيه بري، حيث اعتبر ان المجلس النيابي، برئيسه وأعضائه، يحرم عمدا، ومن دون مبرر قانوني، دولة لبنان من رئيس، مخالفا بذلك الدستور في المقدمة التي تعلن أن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية… وبالنتيجة مؤسسات الدولة مفككة، وسأل الكاردينال الراعي: أين الميثاق وأين العنصر المسيحي الحقيقي الأساسي في تكوين الميثاق الوطني؟

ألمسيح قام حقاً قام .
لكنّ قيامة لبنان لا تزال بعيدة. وكيف تكون قيامة؟ والدولة مصادرَة، ولا كلمةَ لها في قرار الحرب والسلم؟ وهو ما حمل البطريرك الراعي على أن يرفع الصوتَ عالياً في رسالة الفصح، إذ دعا اللبنانيين إلى كلمةٍ سواء، تعلن وقفَ الحربِ فوراً ومن دون إبطاء والتزامَ القرارات الدولية. فهل يستجيب “حزب الله”؟ أم أن ما كُتِب في طهران قد كُتب؟!

في الجنوب سبتُ النور كان ناراً، والقصف لم يتوقف. وقد سُجل تطورٌ جديد تمثل في استهداف دوريةٍ لقوات اليونيفيل، ما أدى الى جرح ثلاثةِ ضباط، ومترجمٍ مدنيٍ لبناني. وفي حين نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون الفاعل، أعلنتِ القواتُ الدولية أنها تحقق في مصدر الضربة.

على صعيد المواقف، إسرائيل لا تزال تواصل تهديداتِها لحزب الله، فيما تؤكد الولايات المتحدة أنها تسعى لحلٍ ديبلوماسي يجنب جرَ جنوبِ لبنان إلى صراعٍ طويل.

سياسياً، عطلةُ عيد الفصح فرضت نفسَها، فلا جديدَ يذكر! وخصوصاً على الصعيد الرئاسي، باستثناء الموقفِ المتقدم الذي أعلنه البطريركُ الراعي، إذ أشار إلى رئيس مجلس النواب من دون أن يسميه، معتبراً أن المجلسَ ورئيسَه يحرُمان عَمداً، ومن دون مبررٍ قانوني، لبنانَ من رئيس. وفي المعلومات أن الراعي سيستكمل غداً، في عظة الفصح، المواقفَ التي أعلنها. في وقت عُلم أن “حزب الله” يحشُد لأوسعِ مشاركةٍ في عيد القدس يومَ الجمعة المقبل، وأنه ستكون للسيد حسن نصر الله كلمةٌ يتطرق فيها إلى الأوضاع في الداخل وعلى الحدود.

البداية من تطورات الجنوب، حيث أكد المتحدث باسم القوات الدولية للـ MTV ألا معلوماتْ مؤكدة بعد، عما حدث، وأن قواتِ اليونيفيل تحقق في الحادث.

في حرب غزة، غدًا تُعاوَد المفاوضات ، في القاهرة وفي الدوحة. في العلاقة بين واشنطن وتل ابيب ، حلحلة ، واتفاق على إعادة تصدير ما تحتاجه إسرائيل من أسلحة.

في جبهة جنوب لبنان، حادثة غامضة تعرضت لها دورية من قوات الطوارئ: ثلاثة مراقبين ومترجم أصيبوا عندما انفجرت قذيفة بالقرب منهم بينما كانوا في دورية سيرًا على الأقدام. تقول اليونيفيل أنها لا تزال تحقق في مصدر الانفجار.

سجال داخليّ اندلع بين البطريرك الراعي والمفتي الجعفري الممتاز : الراعي اتهم بالمباشر الرئيس بري وأعضاء المجلس بتعطيل انتخاب رئيس، فقال : ” المجلس النيابي بشخص رئيسه وأعضائه يحرم عمدا ومن دون مبرر قانوني، دولة لبنان من رئيس”.

الموقف الأعلى  للراعي كان عن الجنوب إذ قال: “ندعو اللبنانيين الى كلمة سواء تعلن وقف الحرب فورا ، والالتزام بالقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701، وتحييد الجنوب عن آلة القتل الاسرائيلية وإعلاء مفاهيم السلام والقيامة على سواها من المفاهيم المغلوطة”.

المفتي الجعفريّ الممتاز الشيخ أحمد قبلان، سارع إلى الرد، فاعتبر أنّ ما تقوم به المقاومة وأهل الجنوب دفاع استراتيجيّ، حتى لا يشرب نتنياهو الشاي في قصر بعبدا.

بعيدًا من هذه السجالات، كان يقال : هنيئًا لمن له مرقد عنزة في جبل لبنان. اليوم يقال : هنيئًا لمَن يجد طاولةً ، أو حتى كرسيًا في مطعم.

*************

مقدمة تلفزيون “الجديد”

سال الدم الازرق جنوبا في اعتداء سارعت اسرائيل الى نفي مسؤوليتها عنه، كما نفضت عنها في اولى ايام الحرب دماء الصحافي الشهيد عصام عبدالله، قبل ان تجمع كل التقارير الدولية والاممية انها ارتكبت هذه الجريمة عن سابق استهداف وترصد . وحادثة اليوم التي وردت فيها برقية بحث وتحر وقعت في منطقة قطمون عند الأطراف الامامية لبلدة رميش الجنوبية، الأقرب للحدود مع فلسطين المحتلة، ومنطقة استهداف قوات المراقبة التابعة لليونيفيل تمت على مرأى من المواقع الإسرائيلية كبرانيت ورميش وسعسع . وفي وقائعها ان ثلاثة ضباط ومترجما ترجلوا من مركبتهم فجأة بعد سماعهم اصوات تحليق طائرات الاستطلاع فاصيبوا على الارض وليس داخل الآلية .واذ لم تشر اليونيفيل الى الفاعل بانتظار استكمال التحقيق، لفت ان وزارة الخارجية اللبنانية وخلال ادانتها للحادث ربطت استهداف حماة السلام   بمسلسل استهداف الصحفيين، والمسعفين، والاطفال، والنساء، والمدنيين. وهذا ما تختص به اسرائيل على وجه التحديد .وفي تبيان تفاصيل الحادثة كشف الناطق الاعلامي باسم اليونيفيل اندريا تننتي للجديد ان حالة جميع المصابين مستقرة، وقال اننا نحقق في الاعتداء والظروف التي احاطت به، لكن علينا ان نتحلى بالدقة ونضع في الحسبان كل الإحتمالات الممكنة، وقال ان المطلوب هو حث جميع الاطراف على وقف إطلاق النار، وفيما لم يعلق حزب الله على حادثة اليونيفيل فان صواريخه كانت مشغولة بمعالجة مستوطنات الجليل وبينها  افيفيم وادميت وراميم بالتزامن مع قصف اسرائيلي عنيف على قرى الطيبة وعيتا الشعب والضهيرة، وصولا الى منطقة الناقورة . ومرة جديدة لم يحدث اي تبديل في التكتيك العسكري، على الرغم من ارتفاع السعرات الحرارية للتهديد الاسرائيلي والتي لا تزال تتحدث باللغة نفسها منذ الثامن من اوكتوبر، واذ صام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن اطلاق المواقف، فانه خزنها الى الجمعة الاخيرة من شهر رمضان كما في كل عام، حيث سيتحدث في يوم القدس الرابعة  عصرا ، ولحينه ستكون جولة اخرى من مفاوضات التبادل  قد بدأت وربما انتهت في القاهرة، التي يتوجه اليها غدا وفد اسرائيلي يضم الموساد والشاباك لبحث اخر مستجدات الصفقة.وفي باريس انعقد اجتماع مصري اردني فرنسي رفضت فيه الدول العربية صفقة تسليح اسرائيل عبر الولايات المتحدة، لكن هذا الرفض لم يمنع تحميل واشنطن وزير  الحرب الاسرائيلي يواف غالانت حزمة مسلحة عاد بها من زيارة اميركا، وتحتوي على الاف القنابل وعشرات الطائرات الحربية ومحركاتها وتقدر قيمتها بمليارين ونصف المليار دولار، وهي الصفقة التي عارضها نواب ديمقراطيون وجمهوريون. وعلق  عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز قائلا “لا يمكن استجداء نتنياهو للتوقف عن قصف المدنيين وفي اليوم التالي نرسل له آلاف القنابل… علينا إنهاء تواطئنا .. من المقزز أن نزود إسرائيل بقنابل يمكنها أن تسوي المباني بالأرض. ومن شأن دفعة التسلح هذه ان تشق طريق الاجتياح في رفح. اما في الطرق الى لبنان فإن اميركا تختصر سياسة التسلح بشخص اموس هوكستين والذي اودع لبنان ورقة غير رسمية تتعلق بما بعد وقف اطلاق النار.

وكشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب لموقع “اساس ميديا” ان الورقة مكتوبة واودعت لدى الرئيس نبيه بري، ونفى ان يكون هوكستين قد هددنا  بل ان موفودين من دول اخرى فعلوا ذلك والامين على الورقة الاميركية نبيه بري .. وصلته رسالة غير آمنة اليوم من البطريرك الراعي في زمن القيامة، فشن هجوما لاذعا على المجلس ورئيسه الذي  يحرم عمدا ومن دون مبرر قانوني دولة لبنان من رئيس، مخالفا بذلك الدستور في المقدمة التي تعلن أن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية.