| مرسال الترس |
قد يستغرب بعض اللبنانيين، ولاسيما منهم الفئة الشابة، حجم التدخلات الخارجية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان. ولكن من المسلّم به أن الأزمات على الساحة اللبنانية، منذ إعلان استقلال البلاد في العام 1943 وما سبقه، هي عرضة لتدخل خارجي متنوع، يعود ربما إلى عدم ثقة المسؤولين بقدراتهم على إدارة الحكم، أو الاستعانة بخارج ما من أجل الغلبة على الشريك في الوطن الذي كان عرضة في كل مرحلة للدخول في صراعات أو حروب طائفية او مذهبية من أجل تصويب الأداء أو إدخال تعديلات على الصيغة.
وها نحن بعد نحو سنة على وجود الفراغ في قصر بعبدا، نشهد العديد من العواصم الغربية والعربية قد أدلت بدلوها في صحن السياسة اللبنانية، وأخرى تسعى في الخفاء أو من تحت الطاولة للتأثير في رسم شخصية رئيس الجمهورية المقبل، حتى استقر الأمر منذ أشهر على تشكيل خلية عمل خماسية تضم كلاً من:
الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، المملكة العربية السعودية، مصر وقطر للتعاطي مع الأزمة مجتمعة، حتى لا يقال إن جهة غربية أو عربية قد استأثرت بإيصال هذه الشخصية أو تلك، كما كان يحصل في ظروف مشابهة سابقة.
ولكن بعد اجتماعين ظاهرين واتصالات مكثفة بين أعضاء المجموعة، ظهر من يقترح بأن تتحول إلى سداسية عبر ضم الجمهورية الاسلامية الايرانية إليها، باعتبارها “الأب الروحي” للثنائي الشيعي المتمثل بـ حركة “أمل” و”حزب الله”، المتمسكان حتى العظم بدعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في المعركة الرئاسية، فيما “القوى المعارضة” التي تضم غالبية مسيحية مارونية تنحو بالذهاب إلى “خيار ثالث” بعد سقوط تقاطعها على كل من رئيس حركة “الاستقلال” النائب ميشال معوض والوزير السابق جهاد أزعور.
وإزاء تعثر الموفدين الفرنسيين في اختراق جدار المواقف المعلنة، واحتمال سير الموفدين القطريين على منوال مشابه، يرى بعض المراقبين أن مفاتيح الحلحلة متوفرة في واشنطن وطهران، فالأولى مسموعة الكلمة في باريس والدوحة والثانية تملك التنسيق التام مع الضاحية الجنوبية لبيروت. ولكن العاصمتين تقفان على طرفي نقيض على صعيد العلاقة المباشرة منذ نحو خمسة عقود، إضافة إلى العديد من المحاور الإقليمية والدولية ذات الحساسية المفرطة.
ويلاحظ المراقبون أن العاصمتين في مرحلة من عض الأصابع تجاه العديد من القضايا المطروحة، ومن بينها الأزمات في لبنان، بالرغم من أنهما قد يسرا أمر تبادل بعض الموقوفين لدى كل منهما في الآونة الأخيرة.
وفي حين سارع مسؤولون في الادارة الأميركية، التي تعمل ببراغماتية مطلقة وتبيع وتشتري وفق ما تتطلب مصالحها، إلى نفي حصول خلافات داخل اللجنة الخماسية، والإشارة إلى أن هناك من يسعى إلى التشويش على موقف العم سام بأنه يحاول فرض مرشح معين، يظهر بوضوح أن المسؤولين في إيران يعملون على قضاء حوائجهم بالكتمان الشديد وعدم كسر كلمة حارة حريك وعين التينة!