تعليم “البدون” ينكأ الجرح القديم في الكويت

| جراح القزاع ـ “اندبندنت عربية” |

تتكرر المشكلة المجتمعية بالنسبة إلى الطلبة والطالبات من فئة “البدون” سنوياً، وبالتالي الصعوبة في الالتحاق والانتساب إلى كليات الجامعات الحكومية الكويتية ومنها “جامعة الكويت” التي تسمى “مدينة صباح السالم الجامعية” وجامعة جابر الأحمد، وهي صرح التعليم التطبيقي وجامعة عبدالله السالم الحكومية الجديدة.
شروط القبول تؤدي إلى رفض “البدون”
الطلبة “البدون” يعانون صعوبة عدم القبول ممن لا تتوافر فيهم الشروط في الحرم الجامعي الحكومي التي تقضي بأن يكون من “أم كويتية” أو “حاصلاً على مجموع أعلى من 90 في المئة” وبطاقته سارية المفعول وأن يكون من حملة إحصاء 65، أو لوالد شارك في الحروب العربية.
وعلى هذه الطريقة بلغ عدد المحرومين من التعليم الأكاديمي والتربوي ما يقارب 200 ألف طالب وطالبة وحرم الخريجون من دخول كليات الطب. أما في الفروع الطبية، فيلتحقون في كليات الصيدلة والمختبرات والتمريض بالجامعات الحكومية والتعليم التطبيقي لمن تنطبق عليهم الشروط سالفة الذكر.
ومنذ سبعة أعوام قررت وزارة التربية والتعليم العالي في الكويت دمج الطلبة والطالبات “البدون” في المراحل السنية بالصفوف التعليمية بالمدارس الحكومية، إلا أن غياب المعالجة الحقيقية لملف الخريجين “البدون” في انتسابهم لجامعات التعليم العالي الكويتي يثير سنوياً جلبة وتساؤلات إنسانية وربما معضلة حقيقية للخريجين والخريجات غير القادرين على الدراسة في الجامعات الخاصة أو الدراسة في الخارج.
من هم “البدون”؟
و”البدون” إحدى الشرائح المجتمعية الكويتية ومنذ خمسينيات القرن كانوا يدرسون في المدارس الحكومية بشكل اعتيادي، إلا أن التضييق عليهم بدأ منذ التسعينيات، تحديداً بعد 1991 ليتم بذلك إلغاء التعليم المجاني مساواة مع الوافدين الأجانب مقابل منحهم حق العمل والتعليم على النفقات الخاصة، ولكن هناك من لم يستطع دفع نفقات التعليم الخاص فتفشت الأمية بين أطفال “البدون” إلا لمن حصل على جنسية أجنبية.
مبادرات إنقاذ المستقبل
على أرض الواقع أطلقت مبادرات إنسانية عدة من قبل مدرسين كويتيين من باب المواطنة باسم ” كتاتيب البدون” لتعليم الأطفال اللغتين العربية والأجنبية على يد متطوعين، ومن أبرز الناشطات في هذا الصدد هديل بوقريص.
وفي 2004 تدخلت الشيخة أوراد الجابر الصباح، ابنة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، فأطلقت “الصندوق الخيري للتعليم” بهدف مساعدة الطلبة “البدون” في دفع مصاريف الدراسة في القطاع الخاص، وتلك المبادرة لم تستوعب العدد الكبير من الطلبة الذين يحتاجون إلى التعليم ولا تصل تلك المساعدات لجميع الأطفال “البدون” لعدم انطباق الشروط المعلن عنها، مما أدى إلى وجود أطفال جلسوا على مدارج الفصول التعليمية وآخرين أصبحوا باعة جائلين للإسهام في تعليم طفل واحد في الأقل ضمن العائلة الواحدة.
وعام 2014 طالبت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان وزارة التربية والجهاز المركزي لتعديل أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية باحترام حق “البدون” في التعليم، وأشارت إلى أن حرمانهم من الدراسة الجامعية يخالف المادة 13 من الدستور الكويتي التي تنص على أن “التعليم ركن أساس لتقدم المجتمع تكفله الدولة وترعاه”.
ملف سياسي
جهود المجالس التشريعية بدورها لم تحل دون قرار الحكومة الكويتية بمنع نحو “ألف طفل من البدون” من الدراسة بالمدارس الحكومية خلال سبتمبر (أيلول) 2018، وفق ما نشرته وكالات عالمية على خلفية الإخلال بشروط قبولهم في المدارس بسريان الأوراق الثبوتية أو لعدم القدرة على النفقات التعليمية في القطاع الخاص، ويرجع ذلك إلى أن التبرعات لا تكفي أعداد الطلبة “البدون” ممن لهم الحق في التعليم المرحلي أو لاكتظاظ الفصول بالطلاب.
ومع غياب الحلول الجذرية واتهام الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع “البدون” ولوم الحكومات الكويتية التي ترأست بعد عام 1991 تبقى الشروط مقيدة لحرية التعليم المجاني في الصفوف المرحلية والجامعات الحكومية الكويتية، مما خلق مشكلات اجتماعية بينها “أطفال بدون” غير متعلمين وباعة جائلون، وبالتالي تضاعف عدد مرتكبي الجنح والجرائم من الأحداث “البدون”، ناهيك عما يتعرضون له من ضغوط وحوادث مأساوية.
لعل أقرب حادثة تلك التي وقعت منذ عامين، إذ توفي الطفل جراح عيد 12 سنة بحادثة دهس وهو يؤدي عمله كبائع متجول يبيع الورد، وأثارت الحادثة حفيظة مستخدمي “تويتر” محملين الحكومة الكويتية مسؤولية غياب الحلول الجذرية لحقوق أطفال “البدون”.