/ عماد مرمل/
مِن المُرتقَب أن يزيد الـ”أكشن” والـ”سوسبنس” عشيّة الجلسة الانتخابية في 14 حزيران وخلالها، بعدما اشتدّت المنافسة وتوعّد كل طرف خصمه بمفاجآت. أمّا ولادة الرئيس فشأنٌ آخر لم يَحن أوانه بعد في انتظار انتهاء المخاض.
تستحوذ جلسة 14 حزيران على اهتمام كبير، ليس فقط لتبيان مسار الاستحقاق الرئاسي ربطاً بالمنافسة بين سليمان فرنجية وجهاد أزعور، وانما أيضاً لاختبار تماسك بعض الكتل النيابية ووحدة خيارها خصوصاً تكتل لبنان القوي الذي لا يُخفي بعض أعضائه عدم اقتناعهم بإسم وزير المال السابق.
وقد خَلط ترشيح أزعور من قبل المعارضة والتيار الحر الأوراق في وعاء الاصطفافات الرئاسية، وأعاد ترسيم خطوط التماس الفاصلة بين الفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية وذاك المعارض له.
ولعل التقاطع الظرفي او المصلحي الذي حصل بين التيار والمعارضة حول اسم أزعور كان كناية عن حجر كبير أُلقي في المياه الراكدة، وهو شكّل تتويجاً لمسار التحول المُتدرّج في تَموضع النائب جبران باسيل، من موقع التحالف القوي مع “حزب الله” إلى التحالف الفاتر، ثم التمَركز في الوسط، وصولاً الى الاصطفاف على الضفة المقابِلة للحزب في المعركة الرئاسية.
يَستند باسيل في قراره الى حيثيات عدة، تبدأ من اقتناعه بأنّ قيادة الحزب غير مستعدة للتحاور الا على فرنجية المرفوض لديه، وبالتالي الانتظار غير مفيد في ظنّه، ولا تنتهي عند افتراضه بأنّ أزعور ليس مرشح مواجهة وانّ الغاية مِن طرحه لا ترمي الى استفزاز الحزب وإنما الى تحفيزه على مغادرة “مربع بنشعي” والبحث في خيار توافقي مقبول.
من زاوية باسيل، إذا أفضى التقاطع مع المعارضة الى إيصال أزعور فذلك أمر جيد، وهو سيبدو حينها عَرّاب انتخابه (مع معرفته الضمنية بأنّ هذا الاحتمال صعب جداً)، وإذا أدى ذاك التقاطع إلى احتراق اسمَي ازعور وفرنجية معاً، سيكون أيضاً الرابح وسيصبح المجال مفتوحاً أمام البحث في خيارات أخرى أكثر مُلاءمة له.
كذلك، فإنّ التقاطع على ترشيح أزعور الذي كان التيار من أوائل مُقترحيه، سمحَ لباسيل، في رأي مناصري التيار، باستعادة المبادرة في الساحة المسيحية وأوحَى بأنّ “القوات” و”الكتائب” وبعض النواب التغييريين والمعارضين هم الذين لحقوا به وساروا على إيقاعه الرئاسي، بعدما كان “مَنبوذاً” مِن قبلهم.
لكنّ الصورة تتخِذ على المقلب الآخر شكلاً مختلفاً. وهناك في أوساط 8 آذار من يعتبر انّ قرار باسيل بدعم ترشيح أزعور كان خطأ كبيراً في منطقة الجزاء السياسية، “إذ لا يمكن بأيّ شكل تَقبّل فكرة ان يؤيّد اسماً خرجَ من حضن فؤاد السنيورة وكتاب الإبراء المستحيل، وبالتالي يتعارَض كُلياً مع تراث التيار”.
ويلفت هؤلاء الى انّ موقف باسيل لا يحقق أرباحاً حقيقية له، بل ألحَق به خسائر سياسية متفرقة من نوع:
– إهتزاز وحدة التيار بعد بروز أصوات داخِله رافضة لأزعور.
– توسيع الشرخ بين التيار و”حزب الله” بَدل تضييقه.
– ظهور العجز عن إيصال أزعور الى قصر بعبدا.
– فقدان الحليف الاستراتيجي من دون كسب الخصوم الذين يحرصون على التأكيد بأنهم لا يثقون في باسيل وانّ تقاطعهم معه مَحصور في أزعور.
وتلفت أوساط 8 آذار الى أنه، وبمعزلٍ عما اذا كان كل نواب “لبنان القوي” سيلتزمون التصويت لأزعور أم لا، فإنّ الأكيد هو انّ هناك مجموعة وازِنة من بينهم غبر مقتنعة به، على قاعدة انّ صُدقية التيار الوطني الحر أصيبت في الصميم بترشيحه شخصية تنتمي الى المنظومة التي يتهمها بالتسَبّب في الانهيار، ويعتبر انّ عهد ميشال عون دفعَ ثمن تركتها الثقيلة وسياساتها المتراكمة.