/ رندلى جبور /
يخطئ من يعتقد أن “التيار الوطني الحر” حالة سياسية عابرة ستندثر بعد قليل، بل هو، وإن كان تياراً شعبياً بمعنى انبثاقه من آلام الناس وآمالهم، إلا أنه أيضاً فكر متجذر في الكيانية، واستراتيجيا ذو رؤية وضعهما الرئيس المؤسس العماد ميشال عون، وأكّدهما رئيس “التيار” النائب جبران باسيل في المؤتمر الوطني الاخير للعام 2023.
وينطلق هذا الفكر من “لبنان اللبناني”، الواحد والقوي، المستقر، والخالي من الفساد، ذو الاقتصاد الحر من دون احتكار، والسيادة التامة لا على أرضه وحدوده وحسب بل في قراره أيضاً.
ويقفز “التيار” من هذا “اللبنان الكبير” إلى المشرقية التي تأخذ ثلاثة أبعاد:
البعد الأول هو الحفاظ على التنوع، ومن ضمنه على الوجود المسيحي، بعيداً من العددية، وعلى أبواب علمانية حقيقية غير سطحية وغير غشّاشة.
والبعد الثاني هو التواصل بعيداً من العدائية المجانية وقريباً من الصلة الجغرافية التي لا تتغير، باستثناء العداء لإسرائيل.
والبعد الثالث هو التكامل الذي يبدأ بالاقتصاد والتبادل التجاري والاستثماري ليشكّل نوعاً من الاتحاد الاقليمي، ولا ينتهي بالدفاع والأمن المشتركين اللذين يعنيان استقرار المنطقة.
ولا ينحّي “التيار” الخليج جانباً، بل يجعل الانفتاح عليه ضرورة انطلاقاً أيضاً من الانتماء العربي، والبقعة الجغرافية الواحدة، والهدوء الذي ينعكس علينا إيجاباً.
ويصل “التيار” بلبنان إلى العالم، لا في شرقه ولا في غربه، بل عند مصالحه لدى كل من الشرق والغرب. فهو لا يعادي لا أميركا ولا روسيا، إلا إذا ضربت إحداهما مصالح لبنان أو ناصبته هي العداء.
ولا يخاصم لا الصين ولا أوروبا لأن لبنان بحاجة إلى الاثنين، وذلك من جديد تحت سقف السيادة والمصلحة الوطنية.
فلا يُرجم صندوق النقد بالحجارة، ولا يُلعن عرض إيراني أو روسي أو صيني.
ولا يعلن انتماء لمحور، بل يحاور الجميع.
ويحافظ “التيار” في آن على فكرتي المقاومة لصدّ العدو الاسرائيلي والارهاب والحفاظ على قوة الردع، و”الرسالة” التي منحها للبنان كصفة البابا يوحنا بولس الثاني.
وبذلك يشكل “التيار” نقطة تلاقٍ لا طلاق، من دون المساومة على الثوابت والمبادئ والقيم، ومن دون المتاجرة بحق لبنان في الوجود للبنانيين، على أن يكون دوماً سيداً حراً وقوياً.