| فاتن الحاج |
مع نزوح الآلاف من اللبنانيين إلى البقاع من سوريا، بعد سقوط النظام، تزدحم الأسئلة والهواجس بشأن إيوائهم وإغاثتهم… وتعليمهم. الآلاف من هؤلاء بعمر التعليم ويتطلّعون إلى حلول على مستوى الالتحاق بالمدارس والمهنيات والجامعات، وخصوصاً بعدما أتوا، بثيابهم، وليس في حوزتهم أوراق ثبوتية أو شهادات تعليمية أو مستندات تظهر تسلسلهم الدراسي. أما تغطية كلفة التعليم فستفرض بحد ذاتها تحدياً أساسياً جديداً أمام الحكومة اللبنانية ووزارة التربية والجهات الدولية المانحة.
ومن بين «النازحين الجدد» لبنانيون يعيشون في سوريا، عددهم نحو 30 ألفاً، وهم يضمون طلاباً في كل المراحل التعليمية من الروضة حتى الجامعة. وهناك أيضاً طلاب لبنانيون جامعيون يدرسون في سوريا، ومنهم نحو 100 طالب طب في السنوات العادية وسنوات الاختصاص وسنة التخرّج غير قادرين على الحصول على وثائقهم وشهاداتهم. ولا يزال مصيرهم مجهولاً لجهة إمكانية استيعابهم في كلية الطب في الجامعة اللبنانية أو في الجامعات الخاصة، أو مواجهة خطر خسارة مستقبلهم الدراسي.
الأمر نفسه ينطبق على العائلات السورية النازحة التي لديها أبناء في كل المراحل الدراسية أيضاً، وليست في حوزتها إقامات شرعية، وهو الشرط الأساسي الذي فرضته الحكومة أخيراً للتسجيل في المدارس الرسمية.
حتى الآن، لم يصدر أي تدبير عن أجهزة الدولة ووزارة التربية حيال هذا الملف المستجد. ويستغرب عضو كتلة الوفاء للمقاومة، نائب الهرمل إيهاب حمادة، «التعتيم على القضية من الإعلام والجهات الدولية المانحة، إذ لم نسمع منذ نزوح آلاف العائلات اللبنانية والسورية صوتاً واحداً في الدولة يطالب بمساعدتهم على غرار مليونين ونصف مليون سوري نزحوا عام 2011 وحملهم المجتمع المحلي والدولي على أكتافه». وفيما أشار حمادة إلى «أننا لا نرغب في أن تكون الحكومة بلون واحد»، لفت إلى أن «وزراء حزب الله وحركة أمل كُلفوا بعرض كل الهواجس والأسئلة وعلامات الاستفهام المحاطة بالملف، بما في ذلك التحديات التعليمية على طاولة مجلس الوزراء غداً».
إلى ذلك، لا يزال التخبط والإرباك يسودان تعليم اللاجئين السوريين في دوام بعد الظهر، على خلفية المستجدّات نفسها في سوريا ومغادرة عدد من العائلات السورية إلى بلادها، فبعدما كان مقرّراً أن تُفتح اليوم المدارس التي سجّلت 100 تلميذ على الأقل، بناءً على تعليمات شفهية من وزير التربية، عباس الحلبي، والمدير العام للتربية، عماد الأشقر، عادت المناطق التربوية وأبلغت مديري المدارس، مساء السبت، بتأجيل بدء التعليم مع الاستمرار في أعمال التسجيل التي تنتهي بعد غد، على أن يصدر لاحقاً تعميم يحدد كل متطلبات التعليم ومستلزماته، وبالتالي لا تُستدعى الهيئة التعليمية للحضور إلا بعد صدور التعميم.
تجدر الإشارة إلى أن عدد التلامذة السوريين المسجّلين لم يتجاوز نصف العدد الذي يُفترض أنه كان موجوداً في لبنان خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان (110 آلاف تلميذ)، علماً أن العدد قبل الحرب بلغ، بحسب إحصاءات وزارة التربية، 160 ألف تلميذ سوري.