جعجع يحشر بكركي ويستفز بري.. فرنجية رئيساً؟

/ خلود شحادة /

شنّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع هجوماً شرساً على رئيس مجلس النواب نبيه بري، متهماً ايّاه بـ”خداع” اللبنانيين بقول بري إن ملف انتخاب رئيس الجمهورية ينتظر الاتفاق بين القوى المسيحية.

جعجع استشرس في الدفاع عن “مواطنية” المركز الأول في الجمهورية اللبنانية، رافضاً “تطييفه”، بحسب قوله.

ربما سها عن جعجع، أن القوى المسيحية جميعها، ومن بينها “القوات اللبنانية”، وبرعاية بكركي، كرّست قاعدة تقول ان رئيس الجمهورية يجب أن يعبّر عن الواقع المسيحي.

وربما غاب عن ذهنه أيضاً، كثرة التحذيرات من القوى ذاتها، من الإتيان برئيس جمهورية بـ”أصوات المسلمين” في المجلس النيابي، متذرّعين بما يدعى “الميثاقية المسيحية”.

ومنذ انتخاب الرئيس السابق ميشال عون، كرّست هذه القوى قاعدة “التوافق المسيحي”، للإتيان بالرئيس “الأقوى”. وهذا ما تعيد تأكيده بكركي، بدعوتها لكل الزعماء المسيحيين منفردين، ومن ثم دعوتها لاجتماع مشترك يتم فيه تقريب وجهات النظر بين القوى المسيحية اللبنانية.

أما جعجع في تصريحه، الذي دعا فيه بري إلى عقد جلسات مفتوحة إلى حين انتخاب رئيس جمهورية، واعداً بتأمين النصاب، فيطرح العديد من علامات الاستفهام والتعجب والاستغراب.

أولاً، كيف تحوّل خطاب “القوات”، من رفض تام لتأمين نصاب جلسات توصل “مرشح محور الممانعة” إلى قصر بعبدا، إلى دعوة لجلسات مفتوحة توصل المرشح الحاصل على أكثرية الأصوات؟

ثانياً، لماذا تنازل جعجع عن شعار “التوافق المسيحي”، وبالتالي وجه ضربة للشارع المسيحي قبل غيره، وللمرجعية المسيحية قبل أي مرجعية أخرى؟

ما طرحه جعجع، يفرغ اجتماع بكركي من مضمونه، فهو أعلن وشدد وأكد، أن الخلاف ليس مسيحياً ليتم عقد اتفاق، وبالتالي لا حاجة لجهود بكركي، مسقطاً دورها في انهاء الفراغ.

وجه جعجع أيضاً، ضربة قاسية إلى الشارع المسيحي، ووضع نفسه في مواجهة مع القوى المسيحية قبل الإسلامية، وبالتالي أسقط عرف “الميثاقية المسيحية” في عملية التصويت لرئيس الجمهورية.

كما أن جعجع أوقع نفسه بكمين “الأكثريات”، وهو الذي شدد مراراً على أنه ان تم تأمين 65 صوتاً لفرنجية، لن يقدم خدمة لـ”حزب الله” بتأمين النصاب، وقال حرفياً “سنقاطع طبعاً”، وبالتالي تراجع عملياً عن موقف “القوات”.

“شيزوفرينيا” سياسية يعيشها جعجع، رمت الكرة في ملعب الرئيس بري، الذي تشخص الأنظار نحوه لمعرفة كيف سيتلقّفها، وكيف سيتعامل معها، خصوصاً أن “التمريرة” ستكون لصالح بري، وهو “الماهر” في تسجيل الأهداف السياسية “عالهدا”.

من المرجّح، أن يشكل خطاب جعجع اليوم استفزازاً لبري، حيث يدعو الأخير إلى جلسة انتخاب رئيس نصابها مؤمّن دستورياً وميثاقياً.

وفي لعبة تسجيل الأهداف الرئاسية، يعتبر “التيار الوطني الحر” لاعباً أساسياً، وهو الذي لن يقبل بمزاجية جعجع التي ـ برأيه ـ تضعف الموقف المسيحي في عملية انتخاب الرئيس، خصوصاً أن هذا التحول في خطاب جعجع قد حشر التيار في خانة “اليك”، بحيث أصبح وحيداً في معركة “الرئيس الأقوى مسيحياً”.

وفي قراءة لمضمون كلام رئيس “القوات”، يمكن ربطه ببعدين أساسيين:

الأول، اقليمي، ويعود إلى الانفراجات التي طرأت على العلاقة السعودية ـ الايرانية، بخاصة أن السعودية أبدت ليونة بموقفها تجاه الملف اللبناني، بحسب معطيات اجتماع فرنسا، مما يرجح امكانية أن تكون السعودية قد أوعزت بتعبيد الطريق إلى بعبدا، ولو من بنشعي.

الثاني، داخلي، وربما يعود إلى ثقة جعجع، التي استقاها من وعود داخلية ممن لم يعلنوا حتى اليوم مرشحهم، وهي أن فرنجية لن ينال 65 صوتاً، بما يمنعه من الوصول إلى سدة الرئاسة، وبالتالي يصبح كلام جعجع لا يعدو كونه شعبوياً لا يمكن صرفه في السياسة.