على الرغم من الأجواء السياسية المحتدمة وحماوة الخطاب المتبادل، فإنّ مرجعاً مسؤولاً لا يُقلّل من حجم الخلاف الداخلي وعمق الانقسام بين المكونات السياسية، وسأل عبر «الجمهورية»: كم من الوقت سيضيّع بعد، لكي تدرك اطراف الانقسام الداخلي بأن لا إمكانية لغلبة احد على أحد، ولأن يملي هذا الطرف مشيئته على سائر الاطراف؟ ان الرهان على مثل هذا الامر هو رهان مسدود، ومن هنا وبرغم الحدة القائمة، فالأمور غير مقفلة نهائياً، والوقت لم يستنفد بعد، امام مبادرة مختلف الاطراف في الداخل الى جعل الواقع المسدود فرصة على قاعدة «اشتدّي يا أزمة تنفرجي»، ومحفّزاً اكبر على التشارك في انهاء الوضع الشاذ، والانصياع لمنطق الحل الداخلي والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، ومن دون ذلك فإنّ استمرار المنحى القائم على ما هو عليه من حِدة، ومن مراكمة لعناصر الانفجار، سيقود البلد وأهله الى الإنتحار.
وقيل للمرجع عينه ان الاجواء الداخلية تشي بأنّ الحل الداخلي مستحيل: المجتمع الدولي لا يشتغل عندنا، واكثر من ذلك فقد مَلّ منّا ومن قوله للبنانيين ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم، والمؤسف ان ثمة من لا يقرأ جيداً اهتمامات الدول الخارجية وأولويّاتها، وما يزال يراهن على الخارج وينسب الى بعض الدول مبادرات وما الى ذلك، فيما الحقيقة هي خلاف ذلك، المجتمع الدولي وعلى رأسه الاميركيون والفرنسيون، يُلقي المسؤولية الاساسية على اللبنانيين في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة تباشر بمهمة الانقاذ والاصلاح، هذه هي حدود المقاربة الخارجية للملف اللبناني، وكل الديبلوماسيين العرب والاجانب يؤكدون ذلك. لذلك آن أوان الاقتناع بأنه لن يساعدنا احد، ولن يبادر الينا أحد، ولا جدوى من انتظار المجهول، وهذا يعني ان علينا ان نقلّع شوكنا بأيدينا.