/ غاصب المختار /
قد تكون حكومة تصريف الاعمال، بتركيبتها الحالية، وفي ظل الخلافات القائمة، لا سيما بين رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وبين الرئيس نجيب ميقاتي، عامل توتر وتعطيل وخلافات في ممارسة دورها في حال تأخر او تعذر انتخاب رئيس للجمهورية، نظراً للحاجة إلى توقيع كل الوزراء على أي مرسوم وموافقتهم على أي قرار أو توجه، بما يكفل قيام الحكومة مجتمعة بمهام وصلاحيات رئيس الجمهورية، كما حصل مع حكومة الرئيس تمام سلام عند حصول الفراغ الرئاسي مدة سنتين، أمضاهما في معالجة المناكفات والتوترات والخلافات.
ومع انتقال صلاحية رئيس الجمهورية إلى الحكومة مجتمعة، يتراجع دور رئيسها، إلّا إذا كان ما يريده ميقاتي أن تبقى الحكومة عاجزة أو معطّلة حتى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، فلا تبت مشاريع الإصلاح الباقية المطلوبة، ولا خطة التعافي الاقتصادي. ما يعني وقف التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ولا ترسيم الحدود، ولا إعادة النازحين السوريين، ويتفرد هو ببعض القرارات والإجراءات، أو على الاقل يكون له حق الفيتو على كل أمر لا يرغبه. وفي كل الحالات ستكون حكومة تصريف الأعمال، ولو بصلاحيات رئاسية، عاملاً إضافياً من عوامل تدحرج الانهيار أكثر فأكثر.
لذلك، يرى الكثيرون أنه ربما كان من الافضل لميقاتي تشكيل حكومة جديدة، بتوازنات دقيقة، تشمل معظم الأطراف، وكاملة الصلاحيات، وحائزة على ثقة المجلس النيابي، لتقوم مقام حكومة تصريف الأعمال بفعالية أكثر، لا سيما مع وجود لغط دستوري حول إمكانية ممارسة حكومة تصريف الاعمال دورها كاملاً بظل الفراغ الرئاسي، كما لو كانت حكومة عاملة وغير مستقيلة. ولهذا، عادت المطالبة بتشكيل الحكومة، قبل الدخول في مدار الاستحقاق الرئاسي بعد أسبوعين.
وما يزيد الامور غموضاً وضبابية، غياب الرئيس ميقاتي عن السمع في مقاربة هذا الموضوع الحساس، إلّا إذا كان يناقشه في السرّ مع حليفيه الرئيس نبيه بري ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، وحصل منهما على “ضوء أخضر” لترك الامور على حالها إلى حين التوافق على رؤية موحدة، بين الثلاثة على الأقل، حول انتخاب رئيس الجمهورية، على أن يتم لاحقاً التشاور مع الحلفاء أو الاصدقاء الآخرين، مثل “حزب الله” وتيار “المردة” وبعض المستقلين في الكتل النيابية.
وفي ظل هذه الظروف المعقدة والمتشابكة سياسياً، لن يكون الرئيس ميقاتي وحده صاحب القرار، وكلما جمع حوله ما أمكن من قوى سياسية وشاركها في مناقشة رؤيتها، كلما أراح نفسه أكثر، لكن المشكلة أن لكل كتلة أو حزب سياسي رؤية وتوجه، ولا يمكن جمع الجميع على موقف واحد من دون حكومة جديدة تتفق مكوناتها على مقاربات موحدة، لكل الملفات والاستحقاقات المطروحة.
ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل ستكون الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات: الحلول أو التفجير والتوتير، لذلك لا بد من حكومة متماسكة تتصدى للمجهول الآتي بعد انتهاء الولاية الرئاسية، ودخول لبنان مرحلة الأوضاع والظروف الجديدة.