/سارة طُهماز/
تُلقي الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان بظلالها على كافة القطاعات التي تتأثر بشكل مطرد بما يحصل من حولها، ويعتبر قطاع العقارات أحد القطاعات التي أصابها الركود خلال الفترة الأخيرة في ظل مناخ الخوف السائد في البلاد منذ عامين ونصف العام من استكمال مسار الانهيارات باتجاه الأسوأ، خصوصاً مع توجّه نسبة كبيرة من اللبنانيين إلى تملّك العقارات في الخارج، ورواج استئجار العقارات بدل تملّكها، نتيجة انعدام القدرة الشرائية للمواطنين واحتجاز أموال المودعين في المصارف وتراجع طريقة الدفع والشراء عبر “الشيك بنكير” في المصارف، وتوقف عمليات الإقراض المصرفية التي ساهمت سابقاً في ازدهار القطاع العقاري، كما وتوقف قروض المؤسسة العامة للإسكان.
تعتبر حركة المبيعات العقارية شبه معدومة، لأنّ العقارات باتت تُباع بأسعار تقلّ بنسبة 50 في المئة عن قيمتها الحقيقية، وغالبية من تملّكوا عقارات في الفترة بين 2019 و2021، قاموا بذلك هرباً من المصارف ومن أجل سحب أموالهم منها، وبالتالي سدّدوا ثمنها عبر شيكات مصرفية.
وفي حديث لموقع “الجريدة”، أشار نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان، وليد موسى، إلى أن إطالة أمد الأزمة سيساهم بزيادة فترة الركود، حتى مع انخفاض نسبة أسعار العقارات حوالي 60%، إذ أن الشقة التي يبلغ ثمنها في السابق 200 ألف دولار انخفض سعرها اليوم إلى 60 ألف في بعض المناطق، لكن قدرة اللبناني على الشراء أصبحت معدومة، باستثناء طبقة الميسورين، وحتّى الـ 60 ألف دولار ما عادت متوفرة لدى غالبية اللبنانيين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية.
واعتبر موسى أن انخفاض أسعار العقارات من الممكن أن يحفّز المغتربين أو الأجانب على الشراء، إلا أن ذلك يحتاج إلى مناخ استثماري منها الاستقرار الأمني والاقتصادي وعوامل مختلفة لجذب الأجانب، أما المغترب اللبناني فهو مستثمر خجول، خاصة في ظل احتجاز أغلبية أموال المودعين في المصارف.
ورداً على سؤال عن تأثير عودة القروض المصرفية على تحريك السوق، لفت موسى إلى أن القروض تحسّن وتفعّل وتنشّط هذا القطاع، مشجعاً هذه القروض وواصفاً إياها “ببلسم” للوضع الحالي الى حد معين، فهي “تسمح للشاب اللبناني أن يبني منزلاً متواضعاً”، اَملاً بأن تزيد القروض المشابهة من الصناديق العربية والأوروبية بما يؤدي إلى تنشيط القطاع العقاري.
ويعوّل المستثمر العقاري على الاستقرار الاقتصادي، ويتحقق ذلك عبر خطوات عدة تقتصر على وضع خطة اقتصادية، التوقيع مع البنك الدولي، تشكيل حكومة جديدة، وعهد جديد من الحكم السياسي يعمل على بناء دولة.
ووفق معلومات “الجريدة” فإن مصرف الإسكان بدأ باستقبال طلبات المواطنين للحصول على قرض لشراء شقة سكنية، وقد بادر الكثير لإرسال طلباتهم على البريد الالكتروني للمصرف الذي نشر شروط التقديم والمستندات المطلوبة على موقعه، لكن إدارة المصرف لم توافق على أي طلب بانتظار دراستها.
مع كل الأزمات التي مرَّ بها لبنان، إلاَّ أن بصيص الأمل لإعادة الازدهار إلى البلد ما زال موجوداً مع العمل بشكل جدي بعيداً عن المناكفات السياسية، وفي إطار العقارات لابد للدولة في العهد الجديد إنشاء وزارة للإسكان والتخطيط، لتكون مرجعية وتقوم بتنظيم هذا القطاع وتضع رؤية سكنية ليستطيع الشاب اللبناني أن يحقق حلماً ببناء أسرة تحت سقف اَمن ومضمون.