الموسم السياحي تحت رحمة المولدات!

/ أمل سيف الدين /

يتوالى مسلسل الأزمات الاقتصادية والحياتية، من أزمة دولار ومحروقات ومياه وأدوية، وآخر فصولها أزمة كهرباء تتفاقم تدريجياً حتى العتمة الشاملة، ما يهدد بفقدان الحد الأدنى من مقومات الحياة الأساسية للمواطنين للبقاء على قيد الحياة والكرامة.

لا شك أن مشكلة الكهرباء هي أزمة مزمنة منذ عقود، لكنها تفاقمت في الثلاث سنوات الماضية مع بدء شرارة الاحتجاجات الشعبية والانهيارات الاقتصادية والمالية المتلاحقة، أما السبب المباشر، فيعود الى عدم توافر الأموال اللازمة لدى خزينة الدولة لاستيراد مادة “الفيول” بسبب العجز الكبير في الموازنة العامة والخزينة معاً، فتمت الاستعانة بـ”دولارات” مصرف لبنان وبسلف خزينة يقرها مجلس النواب لصالح مؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول لتأخير العتمة الشاملة في البلاد، لكن مع توقف السلف وتقلص احتياطات المركزي بسبب الضغط المالي عليه، أصبحت معامل توليد الكهرباء لا سيما دير عمار والزهراني خارج الخدمة تدريجياً.

وتوقف معمل الزهراني عن العمل مجدداً منتصف ليل أمس، بسبب نفاد مادة الغاز أويل، على أن يستأنف العمل أواخر الشهر الجاري لمدة ثلاثة أيام فقط لأن المخزون لا يكفي لتشغيله أكثر، ما سيدخل مناطق لبنانية عدة في العتمة الشاملة خلال هذه المدة.

مؤسسة كهرباء لبنان، أعلنت عن “وضع معمل الزهراني مرحلياً خارج الخدمة والاستعاضة عن جزء من إنتاجه عبر تشغيل كل من معملي صور وبعلبك لغاية نفاد خزينهما من مادة “الغاز أويل”، ليصار على أثر ذلك، وبعد نفاد أيضاً الخزين المتبقي لمعمل دير عمار والمرتقب في 25 الجاري إلى إعادته مرة أخرى إلى الخدمة، للمحافظة على ديمومة إنتاج الطاقة في الحد الأدنى للفترة الممتدة ما بين 25 و29/07/2022، إلى حين البدء باستعمال حمولة الناقلة البحرية المخصصة لشهر تموز 2022، ولمنع انقطاع التغذية بشكل تام لا سيما عن المرافق الحيوية الأساسية في البلد (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، المرافق الأساسية في الدولة…) خلال تلك الفترة”.

حلول ترقيعية تتبناها الدولة في ملف الكهرباء وفي غيره من الملفات، وبدل أن تضع خطة طويلة الأمد لهذه الأزمة، يتم تأجيل الكارثة لبعض الوقت فقط، ليعيش المواطن بشكل دائم هاجس العتمة الشاملة، والتوقف الجبري عن تغذية كافة المرافق الحيوية الأساسية في البلد، ومنها مطار بيروت الدولي.

تتفاقم الأزمة بشكل تدريجي وسريع وتغيب الحلول حتى الآنية منها، في وقت البلد بأمس الحاجة للكهرباء في موسم السياحة وقدوم عشرات الآلاف من المغتربين والسياح. هذا القطاع الذي لا يزال يشكل المصدر الأساسي لدخول “الفريش دولار” إلى لبنان في ظل أزمة السيولة بالدولار وارتفاع سعره الى 30 ألف ليرة، فيما يتنافس الوزراء في الحكومة على دعوة السياح والمغتربين لزيارة لبنان، ويتحدثون عن توفير الظروف المناسبة لذلك، لكن الحكومة لم تستطع تأمين الكهرباء لمدة شهرين فقط، بهدف تمرير موسم السياحة وانعاش المرافق والمؤسسات السياسية وإدخال ما تيسّر من دولارات لعلّها تلجم الدولار لبعض الوقت.

هل ستتخذ الحكومة ووزارة الطاقة بعض الإجراءات المؤقتة لتأمين التيار الكهربائي، على الأقل في العاصمة وفي المرافق العامة الأساسية والمناطق السياحية؟ وهل يمكن تفادي الانقطاع التام للكهرباء في مطار بيروت في الحد الأدنى وعدم تكرار ما حصل منذ أسبوعين؟

إضافة إلى الحاجة السياحية للكهرباء، فإن الانقطاع التام للتيار الكهربائي في لبنان، سيزيد الأعباء المالية والمعاناة اليومية على المواطنين، في ظل موجة الحر التي يشهدها لبنان في فصل الصيف، ما سيؤدي الى ارتفاع فواتير اشتراك الكهرباء.

أزمة الكهرباء، وضعت المواطن بين مطرقة الظلام الدامس والتام والمعاناة القاسية واليومية، وبين سندان أصحاب المولدات الخاصة الذين يرفعون فواتيرهم كل شهر، كما وضعت السياحة تحت رحمة المسؤولين عن ملف الكهرباء من حكومة ووزارة طاقة ومؤسسة كهرباء لبنان ومصرف مركزي وأصحاب المولدات الخاصة.