العام الدراسي المقبل مهدّد.. وطلاب لبنان يواجهون “النكبة”!

/ هبة علّام /

أخطر ما يحدث في أزمة لبنان الحالية، هو ما يعانيه قطاع التعليم الذي يبدو أنه بدأ ينهار كلياً، فيما تقف الدولة متفرّجة، لا حلول تقدّمها لإنقاذ هذا القطاع الذي يُعدّ ركيزة مستقبل البلد بأجياله وديمومته وقوّته.

بتنا نسمع بين الحين والآخر عن مدارس عريقة وقديمة اتخذت قرارها بالإقفال النهائي، لأنّها لم تعد تقوى على الاستمرار في ظلّ هذا الانهيار الاقتصادي المتسارع. بالمقابل، سيعاني آلاف الطلاب ممن سيتركون مدارسهم التي أقفلت، وينتقلون إلى مدارس جديدة وبيئة جديدة تحتاج إلى جهد مضاعف للتأقلم والتفاعل.

في الجهة المقابلة، هناك أولياء طلاب غير قادرين على تسجيل أولادهم للعام الدراسي المقبل، لاسيما بعدما تبلّغوا بالأقساط الجديدة، والتي تجاوزت الـ 20 مليون ليرة، إضافة إلى الجزء الذي عليهم تسديده بالـ “فريش دولار” تحت مسمّى “الدعم الاستثنائي”، وهم حتى غير قادرين على تحمّل تكاليف انتقال أولادهم من البيت إلى المدرسة والعكس، وبالتالي فإن البلد أمام كارثة تسرّب مدرسي، أو النزوح نحو المدارس الرسمية التي تواجه عقبات كبيرة أمام انطلاق العام الدراسي فيها.

أمّا الأساتذة، فأصل المشكلة عندهم، ورواتبهم لم تعد تكفيهم لتسديد فاتورة اشتراك الكهرباء، سواء في القطاع العام أو الخاص، فيما باتوا غير قادرين حتى على الذهاب إلى مدارسهم بسبب غلاء البنزين الفاحش.

وعليه، نحن أمام عام دراسي مهدّد بالموت قبل أن يبدأ، وهذا ما أكدته مصادر موقع “الجريدة”، في حال لم يتمّ إيجاد الحلول المناسبة خلال الصيف وقبل بدء الموسم الجديد.

وتشير المصادر إلى أن هذا العام على المحك، فالأساتذة استنزفوا كل المدّخرات التي جنوها ما قبل الأزمة، وصرفوها حتى يستمرّوا في تسيير هذا القطاع، والآن هم عاجزون عن الاستمرار في ظل هذه الظروف، ولم يعد باستطاعتهم التضحية أكثر.

وهنا تؤكد المصادر نفسها، أن لا عام دراسياً في المدارس الرسمية التي تضمّ حوالى الـ 400 ألف طالب من أصل مليون، في حال لم تستجب الدولة لمطالب الأساتذة قبل بدء العام الجديد، والتي تتلخّص بالتالي:

ـ تصحيح رواتب الأساتذة ورفع القدرة الشرائية لهم، بما أن مسألة خفض وتثبيت سعر صرف الدولار شبه مستحيلة، وذلك بما يتناسب مع تمكينهم من الاستمرار في مهماهم الوظيفية وتأمين حياة كريمة لأسرهم، أو دفع جزء من الرواتب بالـ “فريش دولار”، لأنّ الزيادة في ظل لعبة الدولار لا تفيد. وفي هذا الإطار، كشفت المصادر أنّه خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد رابطة الأساتذة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغهم أنّ أولى مهام المجلس الجديد ستكون إيجاد السبل لتصحيح الأجور، من دون أن يحدّد جدولاً زمنياً لذلك، لاسيما وأن الملفات المستجدّة على الساحة السياسية أخذت وهج الأزمة.

ـ تفعيل تعاونية موظفي الدولة لأنها في غيبوبة تامّة، وما عادت تغطي ضمانهم الصحي، حتى أصبح الدخول إلى المستشفى يحتاج الملايين.

ـ حلّ شفّاف وواضح لمسألة بدل النقل الذي لا يكفي تزامناً مع تقلبات سعر صفيحة البنزين، وبالتالي يجب أن يشكّل بدل النقل اليومي 30% من قيمة الصفيحة. وهذه المسألة، بحسب  المصادر، من أهم مطالب الأساتذة الذين باتت رواتبهم عبارة عن 3 صفائح بنزين فقط. لذلك هناك محاولات لأن يعمد بعضهم للانتقال إلى مدارس قريبة من مكان سكنهم، فهؤلاء الأساتذة لم يتقاضوا بدلات النقل منذ بداية العام بسبب عدم إقرار الموازنة العامة.

أمّا بالنسبة للقطاع الخاص، فرأت المصادر أنّ أصحاب المدارس الخاصة لجأوا إلى رفع أقساطهم، بسبب تكاليف تأمين مستلزمات العام الدراسي، إضافة إلى ارتفاع كلفة الإضاءة والتدفئة ورواتب الأساتذة، التي باتت باهظة جداً. لهذا سيعاني هذا القطاع من خسارة كبيرة، في حال استطاع الاستمرار في هذه الظروف وتمكّن أهالي الطلاب من الدفع بالدولار. كما توقّعت المصادر في هذا الخصوص موجة نزوح كبير من المدارس الخاصة إلى الرسمية التي ستكون مقفلة بغياب الأساتذة إذا لم تحلّ السلطات مشكلاتهم.

إذاً، قطاع التعليم في لبنان هذا العام يواجه خطراً جديّاً، وعلى الدولة اتخاذ إجراءات فعلية وصارمة وحقيقية تنقذ العام الدراسي المقبل، لأن القطاع عمليّاً انهار ويحتاج إلى أوكسيجين ليستعيد عافية رئتيه.