/ خلود شحادة /
ليست لعبة شطرنج. على الأقل في هذه اللعبة هناك “ملك” يستطيع أن يحكم فترة من الزمن إلى أن تتم إزاحته.. أما في بلادنا، فالسلطة فيها ليست سوى مسرحاً لدمى، معلقة بخيطان ممهورة بأنها “صناعة أميركية”.
قد يستسخف البعض فكرة المؤامرة، وقد تبدو للبعض الآخر أنها شماعة “كليشيه”، لفشل السلطة اللبنانية في إدارة الأزمة، وتحميل “الامبريالية” و”الرأسمالية” سبب الانهيار والتدهور!
إدراك دور المؤامرة في تعميق فجوة الأزمة أكثر فأكثر، لا يعفي أي سياسي ومسؤول تورط بالفساد داخل أروقة الدولة، واستغل نفوذه حتى استنفذ كل مقدرات البلد.
في قراءة بسيطة لما مرّ على المنطقة من هيمنة أميركية، عاثت في الأرض فساداً ونهباً للثروات، وليس العراق وفنزويلا وأفغانستان وغيرهم بمثال صغير، يبدو وكأن “هوليوود” لديها مخرج واحد لكل مسرحياتها في المنطقة، فقد تشابهت السيناريوهات، وتكررت، حتى باتت الشعوب تتنبأ بما سيحصل غداً.. على قاعدة “ما متت.. ما شفت مين مات؟!”.
اليوم، تضع الولايات المتحدة كل الملفات الاقليمية في ثلاجة الانتظار، لانشغالها بملفاتها الداخلية، ريثما تمر فترة انتخاباتها الرئاسية النصفية.
وتماشياً مع عملية “التفريز” هذه، يوضع الملف اللبناني، بما فيه الحكومة الجديدة، في ثلاجة البيت الأبيض، بانتظار أن تفرغ أميركا من انشغالاتها، لتعود إلى ساحات العالم، ومن ضمنها الساحة اللبنانية، لإدارة اللعبة من جديد.
مع الاعلان عن اطلاق عجلة الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية الشخصية المرتقبة لتشكيل الحكومة، يبقى السؤال.. ما هو دور الحكومة العتيدة في حلحلة الأزمة؟
سيكون من الغبن محاولة إقناع اللبنانيين، أن الحكومة المرتقبة “رح تشيل الزير من البير”، أو أنها ستستطيع إدارة الأزمة أساساً. فعمق الأزمة التي يقبع لبنان في قعرها، لا يشي بانفراج سيحصل مع تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس…
تقول الأوساط، إنه بحال تم تشكيل حكومة بشكل سريع، فهي ستكون بمثابة حكومة انتقالية، تحمل لبنان من عهد إلى آخر، أي أن دورها سيكون “تصريف الأعمال” لا أكثر، وإن كانت هي حكومة فعلية، وسيكون دور مجلس الوزراء محصوراً بإصدار بعض المراسيم، وتمرير الوقت إلى حين انتخاب رئيس جمهورية جديد.
وبحسب الأوساط، فإن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، يعتبر أن لبنان ذاهب نحو الفراغ الرئاسي بعد الـ 30 من تشرين الأول المقبل، وهذا ما يؤكد ضرورة تشكيل حكومة جديدة قبل انقضاء الأيام الأخيرة للعهد الحالي.
من جهة أخرى، حاول البعض تمرير فكرة “التكليف من دون التأليف”، وهذا ما يرفضه رئيس الجمهورية ميشال عون، مخافة أن يسلم البلاد للفراغ الذي يعتبره “الضربة القاضية”.
بالنسبة لرئيس الجمهورية، فإنّ الفراغ الرئاسي يعني غياب الحضور المسيحي القوي في السلطة التنفيذية. وهذا ما يدفع عون، ومعه باسيل، إلى الإسراع بتشكيل حكومة تحظى بثقل سياسي مسيحي. هذا الثقل المفقود في الحكومة الحالية، مما يعني ان رغبة بعون وباسيل هي بتشكيل حكومة سياسية خالصة، لا حكومة تكنوقراط، وربما تكون التسوية بحكومة “تكنوسياسية”، وهو على عكس ما اعتاده اللبنانيون في الحكومتين الأخيرتين.
وبين ما يريده عون، وما يطمح إليه آخرون، تبقى كل طموحاتهم وأفكارهم، محفوظة في الثلاجة الأميركية حالياً. وما تجدر الاشارة اليه، أن الموقف الأميركي الحقيقي من لبنان سيظهر واضحاً بالتعامل مع ملف التشكيل، فإما انتشال البلد من دوامة الانهيار.. وإما دفعه نحو الهاوية لتكون النهاية!