الجمعة, ديسمبر 12, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSlider"الميكانيزم" تستعد لدبلوماسية "خطوة مقابل خطوة"؟

“الميكانيزم” تستعد لدبلوماسية “خطوة مقابل خطوة”؟

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

تنشط مساعي دبلوماسيّة عربيّة مع إيران، هدفها تمكين الحكومة اللبنانية من تنفيذ ما تعهّدت به في بيانها الوزاري.
الدوحة ليست بعيدة عن هذه المساعي. إنها إمارة الدبلوماسيّة المثمرة، والوسيط المقتدر على تفكيك العقد المبكّلة في الأزمة الغزيّة. وملتقى الأطراف حول طاولة الحوار البناء. وإنطلاقاً من هذا التمايز، يبنى على المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة نواف سلام مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني، نظراً للعلاقة المميّزة والممتازة ما بين القيادتين القطريّة والإيرانيّة.
ومسقط ليست ببعيدة. إنها عاصمة الصمت الدبلوماسي المدوّي بإنجازات لا تعدّ في معالجة الكثير من الملفات المعقّدة في الشرق الأوسط. كانت دائماً ـ ولا تزال ـ “الحضن الدافئ” للحوار الأميركي ـ الإيراني، تحيك عباءة الحلول بهدوء، وصبر، وصمت، وإتقان، وتترك للآخرين إستخلاص العبر. لقد أجرى رئيس الجمهوريّة جوزاف عون محادثات واعدة مع السلطان هيثم بن طارق تناولت مختلف الشؤون والشجون، وترك في مجلسه رصيداً من الثقة، وباقة من التفاهمات التي يبنى عليها.
الدوحة، ومسقط، تطلاّن على الجار الإيراني من موقع الإقتدار، نظراً للتاريخ المشترك في العلاقات، وللإلمام العميق بالخصوصيات، والحرص على المحظور والمستور، والنقاط الحسّاسة في بناء المصالح المشتركة بعيداً عن “السبق” الإعلامي، والتبجّحات الإستعراضيّة.
وتتوافق الزيارتان الهادفتان إلى البحث عن دُرر في مياه الخليج، مع خطوات نوعيّة خطاها لبنان في الآونة الأخيرة، وتركت دويّاً هائلاً على المستوى الدولي، من الولايات المتحدة إلى الإتحاد الأوروبي، ومن أوروبا إلى آسيا، إلى سائر الأصقاع، حيث هبّت قوافل الدبلوماسيّين نحو بيروت للإستطلاع، والتأكد من تطوّر الأوضاع.
لم يكن الدخول في المفاوضات ضمن إطار لجنة “الميكانيزم”، وتعيّين مدني رئيساً للوفد اللبناني، مجرد تطوّر شكلي، بل إنخراط ملزم، كان لا بدّ منه للتكيّف مع مستلزمات المسار الدبلوماسي العريض الذي تشارك في رصف مساره دول شقيقة، من مصر، إلى السعوديّة، إلى قطر، وسلطنة عمان… كما تتولّى دول صديقة تملك “كاسحة ألغام”، وصاحبة خبرة، ومبادرة في عمليّة نزع ما هو مزروع منها على جنبات الطريق المؤدي نحو تفاهمات كبرى مرسومة بدقة وراء كواليس عواصم القرار.
إن ما يجري حاليّاً، مجرّد بواكير صحوة وجدانيّة أيقظت الضمير الغافل، وحرّضت دولاً كبرى نافذة للعمل على إعادة الأزمات المتفلّتة إلى كنف الشرعيّة الدوليّة، ووضعها تحت سقف الأنظمة المرعيّة الإجراء، والقوانين الأمميّة المعتمدة، بدلاً من تركها شاردة تتحكم فيها شريعة الغاب، وتأخذها القوّة الباطشة نحو متاهات ظالمة ومظلمة لا عودة منها إلاّ بحرب عالميّة ثالثة، حذّر من طلائعها البابا لاوون الرابع عشر خلال زيارته إلى تركيا ومحادثاته مع الرئيس رجب الطيّب أردوغان.
ولم يأت إستدعاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب صديقه اللدود بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، من باب الترف السياسي. لقد أدرك ساكن البيت الأبيض مدى خطورة المدى الذي بلغه الإسرائيلي المتغطرس، في عربدته الدمويّة اللامتناهية، متسلحاً بالآلة الحربيّة الأميركيّة المتطوّرة، ومتماديّاً بسياسة الحديد والنار، تحت شعار “بناء الشرق الأوسط الجديد”!
لقد خرّب عليه الإتفاق حول غزّة، وكاد أن يتنصّل من كلّ ما إلتزم به عند موافقته “الإرغاميّة” عليه.
أوفد ترامب صهره وكبير مستشاريه إلى تل أبيب للعمل على إصلاح الأمور، وتصويب المسار، لكن النتائج لم تكن على مستوى التوقعات.
خرب عليه الإتفاق حول سوريا، خصوصاً بعدما إستقبل الرئيس أحمد الشرع بحفاوة بالغة في البيت الأبيض. إلاّ أن نتنياهو لم يبالِ، وإستمر بعرض عضلاته، وإعتداءاته، غير عابىء بأي إتفاق أمني، متّكلاً على الدعم الأميركي المطلق، هدفه السيطرة، وإملاء الشروط، وعندما يحلم بالإستيلاء على الكل، فلن يقبل حكما بالجزء!
خرّب عليه كل المحاولات الهادفة إلى دعم المسار الدبلوماسي الذي إرتضاه لبنان الرسمي لوضع إتفاق وقف إطلاق النار موضع التنفيذ، والإنصراف إلى تطبيق القرار 1701، وإنهاء الإحتلال، وترسيم الحدود، وإطلاق سراح الأسرى، والبدء بورشة الإعمار.
في ظلّ هذا التمادي بغطرسة الحديد والنار، والتي لا تقيم وزناً للأمم المتحدة، ودورها، ولا للقوانين والأعراف الناظمة، حصلت إصطفافات دوليّة غير مسبوقة، حمّلت الولايات المتحدة مسؤوليّة بدء إنهيار خيمة السلام العالمي التي إنتصبت أوتادها بعد الحرب العالميّة الثانية، كما حمّلت حكومة نتنياهو مسؤولية صياغة مفاهيم جديدة للعلاقات الدوليّة قائمة على نظريّة “تفوّق القوة” لتغيير حدود، والإطاحة بكيانات، وإقامة جغرافيات جديدة تقتضيها لعبة المصالح.
ومن عباب الإعتراضين، ينبثق شعاعان خافتان، قد لا يبنى عليهما راهناً، وفوراً، لكنهما يوحيان ببصيص أمل.
الأول: ما بعد زيارة البابا إلى لبنان ليس كما قبلها، والدليل أن المسار الدبلوماسي قد إكتسب مناعة جديدة هي الآن مثار إهتمام واسع من قبل دول شقيقة وصديقة لتحقيق خطوات ملموسة على أرض الواقع، والخروج من دوّامة النفاق السياسي، والخطاب الشعبوي.
الثاني: إن ما بعد زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض ـ عندما تتم ـ ليس كما قبلها. الإنتخابات النصفيّة للكونغرس بدأت تلوح في الأفق، ولن يقبل ترامب بأن ينسف نتنياهو مشروعه حول غزّة. وحول سوريا، وحول لبنان.
ويتحدّث الأميركيّون منذ الآن عن خطوات لا بدّ من الإقدام عليها عند إجتماع “الميكانيزم” في 19 الجاري.
• إعلان رسمي عن حصر السلاح جنوب الليطاني.
• العودة إلى دبلوماسية “خطوة مقابل خطوة” لإنهاء الوضع الشاذ.
• التفاهم على خريطة طريق تسمح ببدء ورشة الإعمار.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2?mode=ac_t

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img