الخميس, ديسمبر 18, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderبين "23" و"29".. "جدل لبناني" يسمح لإسرائيل بسرقة غاز لبنان!

بين “23” و”29″.. “جدل لبناني” يسمح لإسرائيل بسرقة غاز لبنان!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

/ حسن فقيه /

لم تكد السنوات العشر من عمر المفاوضات بين لبنان والوسطاء الأميركيين تنتهي، ويُسلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري الملف الى رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، بعد رسم اتفاق الاطار، حتى بدأت المشاكل والمُزايدات المحقة المجبولة ببعض النكاية غير المتلائمة مع حجم الاستحقاق.. فما هو الفرق بين الخط 23 والخط 29؟ ولماذا ارتفعت حصة لبنان بعد تحول الملف إلى بعبدا، ثم عادت لتنخفض مع عدم توقيع المرسوم؟

المفاوضات التي بدأت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، لم تكن لتحديد الحدود ورسمها فقط، بل كانت النقطة الأساسية فيها هو عدم التنازل عن أي شبر من مياه لبنان الاقليمية، بحسب الخرائط والتقنيات التي يتم اظهارها، وابلاغ الامم المتحدة بها.

آخر المعطيات، حينها، التي كانت تشير إلى الخط 23، لم تكن نهائية، بل كان الموضوع آنذاك لا يزال في قيد الإطار، و”الإطار” هو نقطة تفاهم لبدء المفاوضات، وإلا إذا كان الرئيس بري آنذاك قد حدّد الحدود النهائية وأعلن الاتفاق، فما فائدة مفاوضات رئاسة الجمهورية والجيش بعدها؟

في السابق، ونتيجة الانقسامات التي كانت موجودة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، سمحت “إسرائيل” لنفسها برسم حدود لبنان من النقطة رقم 1، مما أفقد لبنان 860 كلم من حقوقه في المياه قبل محاولة استعادتها، مبدئياً، عبر المرسوم 6433  في العام 2011، وقد جاء “اتفاق الإطار” الذي قاده بري ليكرّس الانطلاق من هذا المرسوم، وهو اتفاق غير نهائي قابل للتبدل بحسب المفاوضات وبحسب التقنيات الجديدة.

وبعد أن أجرى الوفد العسكري اللبناني المفاوض لبنان برئاسة العميد بسام ياسين، دراسة مفصّلة وعلمية، تبين أن حقل “كاريش” هو حقل مشترك بين لبنان وفلسطين المحتلة، وبالتالي اعتبرت منطقة متنازع عليها، ويجب اضافتها لمساحة التفاوض، وعدم قبول استخدامها من قبل العدو الاسرائيلي لاستخراج النفط والغاز الذي يقدر بمئات المليارات.

هذه الحقائق، جرت محاولات لطمسها، أو تمييعها، وصدرت أصوات تقول إن حصة لبنان زادت أكثر من ألف كيلومتر مربع، بعدما وصلت ورقة التفاوض لبعبدا ملمحين الى تنازل من عين التينة، وهو أمر خارج قيد التفاوض والتفكير أساساً. والمهلة التي استغرقتها المفاوضات على مدى 10 سنوات، دليل على تمسك الرئيس بري بالحقوق كاملة.

لكن، ما الذي حال دون توقيع الرئيس ميشال عون تعديل المرسوم 6433، بعد أن وقّعه رئيس الحكومة آنذاك حسان دياب، والذي يقضي بتعديل الحدود البحرية وزيادة حصة لبنان؟ وما مقابل عدم التوقيع؟ وكيف بإمكان لبنان المطالبة بشيء لم يجرِ الاتفاق عليه داخلياً؟

هذه الاسئلة كانت محور مقابلات العميد ياسين، الذي أكد مراراً وتكراراً، أن تنازل لبنان عن الخط 29 هو خسارة منذ البداية، وتحقيق العدو لما يريده، ودخول لبنان عملية المفاوضات بشكل ضعيف، بالإضافة الى خسارته لأهم أوراق التفاوض.

ومن المعروف، أنه خلال عملية التفاوض، لا يمكن تحقيق كل المطالب، والحصول على ما يريده الطرف اللبناني كاملاً، وبالتالي إذا تخلينا عن الخط 29 سيصبح الخط 23 هو النقطة التفاوضية الأساس، وسيؤدي هذا الامر لمزيد من الخسائر. هذا الامر اضطر ياسين حينها للتلويح بالتخلي عن المهمة، وعدم السكوت عن تفريط لبنان بحقوقه والبقاء كشاهد زور.

واليوم، مع دخول الباخرة حقل “كاريش”، كيف سيتعامل لبنان مع الموضوع؟

يبدو أن الأمور سوف تذهب باتجاه تسوية جديدة، مع استبعاد خيار الحرب، خصوصاً بعد تلويح رئيسي الجمهورية والحكومة بإجراء الاتصالات، لحل الامور ديبلوماسياً، لإطفاء فتيل الحرب في المنطقة، الذي قد يؤدي لزعزعة استقرارها.

لكن حركة “أمل” و”حزب الله”، لم يعلقا بشكل واضح حتى الآن على الموضوع، رغم وضوح موقفهما.. وهما اللذان شددا مراراً، على أن الحدود البحرية وتمسك لبنان بنفطه، يشكلان السبيل الوحيد للخلاص من الأزمات الاقتصادية. وهو ما بدا واضحاً من خلال مهلة الشهر التي أطلقها الرئيس بري خلال الاحتفالات الانتخابية، ممهلاً الأميركيين والأمم المتحدة شهراً واحداً، لاستكمال التفاوض واتخاذ القرار قبل اتخاذ لبنان لإجراءاته.

وبالنسبة لمواقف السيد حسن نصر الله، فقد دعا الدولة لاختيار شركة للتنقيب مع تكفل الحزب بحمايتها، والرد على ردة الفعل التي قد تحصل. فماذا تحمل الايام القادمة إذا أصر الإسرئيلي على سرقته وصمت الأميركي ومعه الامم المتحدة؟

الحل يبدأ من التوافق والابتعاد عن “الزكزكات الاعلامية” في ملف خطير للغاية، ويعتبر أساساً في السيادة الوطنية، وفرصة للنهوض. الحل يكمن في تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الشخصية والطائفية، واعتماد والحوار الجاد والتأكيد على قوة لبنان في جيشه ومقاومته وشعبه لمواجهة هذه الاعتداءات، والا سيقوم الاسرائيلي بفعلته من دون رادع ومن دون خوف، ويسقط لبنان الى غير رجعة.

كما يجب عدم نسيان دور الدول الاقليمية في الموضوع، خصوصاً مع الاهمية المتصاعدة للغاز في العالم بعد الازمة الاوكرانية الروسية. وبما ان الروسي هو المصدر الاكبر للغاز في الشرق والمسيطر على الجانب السوري، ومع تطور علاقته مع “حزب الله” في الفترة الاخيرة، لا بد من ان يكون له تأثير في هذا الموضوع، ولو كان بسيطاً وخارج الاضاءة الاعلامية، لكن ما يكون مخفي أعظم بكثير مما يتضح بالعلن!

لبنان اليوم أمام الامتحان الأبرز في العقد الأخير. من يمنع لبنان من التنقيب عن نفطه؟ هل القرار آحادي؟ هل يتفق الزعماء على ضرورة الالتفاف حول ثروة لبنان البحرية وشبك الايادي سوياً؟ أم أن فرصة الدقيقة الاخيرة ستضيع ويضيع معها وطن وشعب بأكمله..

الخلاص بالغاز وبثروة لبنان، وأي اتفاق آخر هو آني، ولن يفيد اجيالاً قادمة ستنشأ في وطن لطالما كان منارة للشرق الاوسط والعالم بأسره.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img