| غاصب المختار |
يُراهن رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، على تغيير جوهري ما في عمل لجنة الإشراف الخماسية على وقف الأعمال العدائية، بعد تعيين السفير الأسبق سيمون كرم عضواً مدنياً سياسياً رسمياً فيها، ولو بصفة خبير دبلوماسي، كما يقول مصدر دبلوماسي لـ “الجريدة”.
الرهان يتعلق برغبة الدولة اللبنانية في تحقيق إنجازت أساسية في التفاوض، لتحقيق مطالبها بإنهاء احتلال بعض النقاط في مناطق الجنوب، وإطلاق مسار جديد لإنجاز باقي نقاط اتفاق تشرين الثاني 2024، بعدما بات التفاوض مباشراً بين لبنان وكيان الاحتلال الاسرائيلي، سواء اعترفت الدولة بذلك أم لم تعترف.
ويبدو أن الدولة تتعامل مع العدوان الجوي الإسرائيلي على 4 قرى جنوبية بعد توجيه تحذيرات لسكانها، مباشرة بعد اجتماع لجنة “الميكانيزم” بصيغتها الجديدة المُطعمة بمدنيين، على أنه “أمر عادي” واظب كيان الاحتلال على القيام به من اللحظة الأولى لتوقيع الاتفاق قبل سنة، لكنها تتوقع تغييرات لمصلحة لبنان في الاجتماعات المقبلة، بعد تلبية شروط الإدارة الأميركية وكيان الاحتلال بضم موظف مدني إلى اللجنة، لتوسيع إطار المفاوضات من أمنية بحتة إلى أمنية سياسية، على الرغم من أن رئيس الجمهورية حدّد سقفاً واضحاً لعناوين التفاوض في مرحلته الأولى، وأن الرئيس نبيه بري أكد أن سقف التفاوض “أمني وتقني لا غير”، وفي حال تجاوز السفير كرم سقف التفاوض سيكون لبري موقف آخر.
ولكن، تقول مصادر رسمية مواكبة لعمل لجنة “الميكانيزم” لموقع “الجريدة” إن الاجتماع الأول كان بمثابة “جلسة تعارف” و”جسّ نبض” بين المندوبين المدنيين لمعرفة التوجهات العامة لكل طرف، وعرض عام بلا تفاصيل، عدا ما أثاره ممثل الجيش في اللجنة من خروقات إسرائيلية يجب وقفها، ومن خطوات إضافية قامت بها وحدات الجيش مؤخراً في إطار تنفيذ مهماتها الموكلة إليها. أما “جلسة الجَد”، فهي في الجلسة المقبلة يوم 19 الشهر الجاري، وعندها ستُطرح المواضيع والقضايا الأساسية وفق النقاط التي حددها الرئيس عون، والتي تتعلق بوقف الأعمال العدائية، وإطلاق سراح الأسرى، والإنسحاب من النقاط المحتلة، والبحث في تصحيح نقاط الخط الأزرق. ولكن، ليس بالضرورة أن يتم بحث هذه النقاط بالترتيب المذكور، وقد تتقدم نقطة على أخرى. لكن يبقى المهم أن هذا هو سقف التفاوض اللبناني في هذه المرحلة.
وتوضح المصادر أن لا شيء محسوماً بعد، لا سيما أن الاحتلال الإسرائيلي لديه على ما يبدو “أجندة خاصة”، فتارة يقوم بتصعيد واسع، كما حصل مؤخراً في الغارات الجوية على 4 قرى جنوبية وعلى حارة حريك في الضاحية الجنوبية. وتارة أخرى يُخفّف تصعيده، حسب وضعه الداخلي وحسب الطلب الاميركي.
وعدا ذلك، لا بد من انتظار ما سيتمخض عنه الاجتماع المقبل للجنة، وهل سيُقدّم الجانب الأميركي ضمانات معينة، ويمارس ضغوطاً فعلية على كيان الاحتلال لوقف التصعيد وتنفيذ المطلوب منه، أسوة بتنفيذ لبنان المطلوب منه.
وما لم يحصل الضغط الأميركي المطلوب والتنفيذ الاسرائيلي المطلوب، يكون لبنان قد قدّم فعلاً تنازلاً مجانياً للعدو الاسرائيلي بتعيين مدني دبلوماسي.
فهل يُوقف لبنان المفاوضات ويسحب السفير كرم من اللجنة، ولو مؤقتاً، حتى يعود العدو إلى صوابه، وينفّذ الجانب الأميركي تعهداته بالضغط على الاحتلال؟














