
| محمد بلوط |
اكدت اجواء زيارة مستشارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الاوسط آن كلير لوجاندر للبنان، التباين الفرنسي – الاميركي القائم حول عمل لجنة «الميكانيزم»، وآلية تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان و”اسرائيل»، بالاضافة الى الخلاف بين البلدين حول النظرة الى الوضع اللبناني بصورة عامة .
وتقول مصادر ديبلوماسية ان فرنسا تشدد في كل المناسبات، على دورها كشريك اساسي وفعال في لجنة «الميكانيزم» الى جانب الولايات المتحدة الاميركية، لافتة في هذا المجال الى ان الاعلان عن اتفاق وقف النار في حينه في كل من باريس وواشنطن كدلالة على هذه الشراكة .
وتضيف المصادر انه منذ سريان مفعول الاتفاق المذكور، برز التباين بين باريس وواشنطن حول كيفية التعاطي معه، وعمل اللجنة المكلفة بمتابعة تطبيقه. ومع مرور الوقت ظهر بوضوح ان هذا التباين ليس محصورا بنقطة واحدة، بقدر ما يعكس الاختلاف في وجهات النظر بين الدولتين، حول ترجمة وآلية تطبيق اتفاق وقف النار .
وفي اجتماعات سابقة بين الموفد الاميركي توم باراك والمسؤولين الاميركيين في باريس، برز الخلاف حول العديد من النقاط. ولم يبق هذا التباين داخل الغرف المغلقة، بل ظهر جليا من خلال التصريحات والبيانات، التي صدرت عن الخارجية الفرنسية والمصادر المسؤولة في الاليزيه .
ما هي نقاط التباين الفرنسي – الاميركي؟ تقول المصادر ان لا حاجة للتدقيق كثيرا في مواقف البلدين، او في طريقة تعاطيهما مع عمل لجنة «الميكانيزم»، او مع ما يجري بين لبنان و”اسرائيل»، وكذلك مع الوضع اللبناني برمته. وتضيف ان التقارير الديبلوماسية تشير بوضوح الى ان فرنسا تواجه عراقيل اميركية مباشرة، في سعيها الى عقد مؤتمرين لدعم لبنان: الاول لدعم وتعزيز الجيش اللبناني، والثاني لاعادة الاعمار. لذلك لم تتمكن باريس كما كانت تخطط من تحقيق هذه الخطوة المهمة في ايلول او تشرين الاول، بسبب اشعال واشنطن الضوء الاحمر في وجه مسعاها .
والى جانب هذا الموضوع الخلافي، يبرز التباين الفرنسي – الاميركي حول عمل لجنة «الميكانيزم»، وآلية تطبيق اتفاق وقف النار. ووفقا لمصدر مطلع على الموقف الفرنسي، فان باريس لا تريد ان تبقى مهمة اللجنة محصورة بوضع التقارير، بقدر ما تسعى الى تفعيل دورها وممارسة عملها وفق ما نص عليه اتفاق وقف النار .
ويختلف البلدان في التعاطي مع الاعتداءات والغارات الاسرائيلية على لبنان. فقد عبرت فرنسا دائما عن ادانتها الصريحة لهذه الغارات، التي ادت وتؤدي الى وقوع ضحايا مدنية، وطالبت «اسرائيل» بالانسحاب الفوري من النقاط اللبنانية الخمس .
وفي المقابل، تتعامل الولايات المتحدة الاميركية مع لجنة «الميكانيزم»، كمنصة لها لتبرير الاعتداءات الاسرائيلية وتغطيتها، بحجة ازالة سلاح حزب الله في الجنوب وكل لبنان. وفي شأن هذه النقطة بالذات، اكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية موخرا، انه يعود للجيش اللبناني وحده ازالة سلاح المجموعات المسلحة في الجنوب، مجددا ادانة فرنسا للغارات الاسرائيلية.
وتختلف باريس وواشنطن في تقويم عمل الجيش اللبناني، فقد عبرت فرنسا مرارا ومؤخرا على لسان مستشارة الرئيس ماكرون، عن تقديرها واشادتها بدورالجيش، وما يقوم به في اطار ازالة سلاح حزب الله جنوبي الليطاني، مؤكدة مرة اخرى عن سعي بلدها الدؤوب، لتوفير الدعم اللازم له من خلال المؤتمر الذي تسعى اليه .
وعلى الرغم من تنويه رئيس لجنة «الميكانيزم» الاميركي، بما حققه الجيش اللبناني في مصادرة وتفجير كميات كبيرة من صواريخ وقذائف لحزب الله، الا ان الادارة الاميركية وموفدها المنصرف توم باراك قلل من اهمية ما حققه الجيش، لتبرير مواصلة الاعتداءات الاسرائيلية من جهة، ولفرض اجندة خارج اطار اتفاق وقف النار، تتسم بخطوات انقلابية واسعة في موضوع نزع سلاح الحزب، من دون تحقيق اي خطوة من «الجانب الاسرائيلي».
ولعل أبرز اشارة لتنكر الادارة الاميركية للانجازات التي حققها ويحققها الجيش، والتعبير عن رغبتها في تغيير دوره وعقيدته الوطنية، الرسالة الفجة والمستنكرة التي وجهتها لقيادته ولكل لبنان، بالغاء زيارة قائده العماد رودولف هيكل الى واشنطن .
والبارز في زيارة مستشارة الرئيس ماكرون للبنان ايضا، الدعم الفرنسي الواضح لتعاطي الدولة اللبنانية مع موضوع تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار، وكذلك دعم رؤية الرئيس عون ومبادرته، بشأن اعتماد خيار التفاوض مع «اسرائيل»، لمعالجة المشاكل الامنية ومسألة الحدود.
وايدت في هذا الاطار تفعيل دور لجنة «الميكانيزم» لاجراء عملية التفاوض، مشيرة الى ان باريس مستعدة لدعم هذه العملية.
ووفقا للاجواء والمعلومات التي رشحت عن زيارة لوجاندر، فان فرنسا مستعدة لطرح مبادرة تستند الى طرح الرئيس عون في الاسابيع المقبلة، وقبل عيد الميلاد.














