تفاقمت أزمة أشباه الموصلات العالمية عقب تصاعد الخلاف بين الصين وهولندا حول شركة “نكسبيريا” (Nexperia)، إحدى أبرز الشركات الأوروبية في صناعة الرقائق الإلكترونية، بعدما فعّلت الحكومة الهولندية قانونًا يعود إلى حقبة الحرب الباردة للسيطرة على الشركة بدعوى وجود “ثغرات في الحوكمة والإدارة”.
وترجع جذور “نكسبيريا إلى بدايات القرن العشرين، حين نشأت من شركتي “مولارد” في لندن و”فالفو” في هامبورغ، اللتين استحوذت عليهما لاحقًا شركة “فيليبس” الهولندية.
ومنذ خمسينيات القرن الماضي، لعبت “فيليبس” دورًا رائدًا في تطوير المكونات الإلكترونية الدقيقة، قبل أن تنفصل “نكسبيريا” عنها رسميًا عام 2017 لتصبح كيانًا مستقلاً متخصصًا في إنتاج المكونات الدقيقة المستخدمة في السيارات والإلكترونيات.
وفي عام 2019، استحوذت شركة “وينغتيك” الصينية المملوكة جزئيًا للحكومة على “نكسبيريا”، ما أدخل الشركة في قلب الصراع التكنولوجي بين بكين والعواصم الغربية. ومع تصاعد المخاوف الأوروبية من تسرب التكنولوجيا الحساسة، قررت أمستردام في ايلول الماضي وضع يدها على الشركة، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة منذ الحرب الباردة.
الرد الصيني جاء سريعًا؛ إذ فرضت بكين في تشرين الأول قيودًا على صادرات الرقائق من مصانع “نكسبيريا” في الصين إلى أوروبا، مما عطّل جزئيًا سلاسل التوريد العالمية وأثار أزمة لدى كبرى شركات السيارات. وقالت “هوندا” و”فورد” و”فولكس فاغن” إن النقص في رقائق “نكسبيريا” أجبرها على خفض الإنتاج في مصانعها بأوروبا وأميركا الشمالية، فيما حذّرت رابطة مصنعي السيارات الأوروبيين من أن المخزون المتبقي “لن يكفي سوى لأسابيع قليلة”.
وتُنتج “نكسبيريا” أكثر من 110 مليارات مكوّن إلكتروني سنويًا تُستخدم في أنظمة السيارات والطاقة والأجهزة الذكية، ما يجعلها ركيزة أساسية في الصناعة الإلكترونية العالمية. ويُقدّر أن نحو 70% من رقائقها تُرسل إلى الصين لاستكمال عمليات التصنيع والتجميع قبل إعادة تصديرها إلى أوروبا والعالم.
وفي ظل تصاعد التوتر، دخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة عبر وساطة دبلوماسية بين بكين وأمستردام.
ووفق شبكة “سي إن بي سي”، يجري بحث اتفاق يسمح باستئناف جزئي لتصدير الرقائق لتفادي شلل كامل في قطاع السيارات.
ورغم إعلان الصين نيتها منح بعض الإعفاءات التصديرية المؤقتة، فإن الأزمة لا تزال مفتوحة على احتمالات التصعيد، وسط اتهام بكين لهولندا بـ”التدخل غير المشروع في شؤون الشركات” والتسبب بـ”فوضى في سلاسل التوريد العالمية”، ما يعيد إلى الواجهة سؤال السيادة الصناعية في خضم حرب الرقائق بين الشرق والغرب.














