السبت, ديسمبر 6, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderمن دوكان ولودريان.. إلى هوكشتاين وأورتاغوس وبراك.. و"مدرسة" غازي كنعان!

من دوكان ولودريان.. إلى هوكشتاين وأورتاغوس وبراك.. و”مدرسة” غازي كنعان!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| خضر طالب |

لم تيأس فرنسا من محاولة استعادة تأثيرها في لبنان. بذلت جهوداً مضنية لهذا الهدف الذي يعيد إحياء ذاكرتها بأنها كانت يوماً “الأم الحنون”. ولأنها تعرف أنها لن تستعيد هذه الصفة، فهي تحاول أن تكون “الأم” ولو بـ”الرضاعة” أو بـ”الوصاية”.

كان الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك أكثر من بذل جهوداً لتعود فرنسا “أم لبنان” بعد مغادرة “الشقيقة” سوريا. نجح شيراك جزئياً بدغدغة الحنين اللبناني إلى فرنسا والطموح الفرنسي في لبنان، خصوصاً في مرحلة ما قبل وما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

نظّمت فرنسا أكثر من مؤتمر لدعم لبنان. من مؤتمرات “باريس” التي “سترت” العيوب المالية اللبنانية وأرجأت الانهيار، إلى “سيدر” الذي بقي من دون ترجمة.

تم تكليف السفير بيار دوكان مهمة متابعة “الإصلاحات” في لبنان لتنفيذ “سيدر”. لكن دوكان “تقمّص” دور غازي كنعان بلغة فرنسية، وتعامل مع اللبنانيين بفوقية.

حاول الرئيس مانويل ماكرون تكرار محاولات شيراك، وحضر إلى بيروت “مشمّراً” عن ساعديه، وتجوّل بين ركام انفجار مرفأ بيروت، وعانق الناس وتبادل معهم القبلات، وزار الأيقونة” السيدة فيروز، لعله بذلك يوقظ ذاكرة اللبنانيين إلى “فيروز فرنسا” ميراي ماتيو.

ثم أوفد وزير خارجيته السابق جان إيف لو دريان الذي حاول ممارسة دور “المندوب السامي”.

وفي اجتماعه الشهير مع رئيس الحكومة آنذاك حسان دياب، هدّد لو دريان اللبنانيين بأن لبنان “معرّض للموت، وأنه لن يجد من يضع إكليلاً من الزهر على ضريحه”! وكان جواب دياب أن “لبنان لن يموت، وإذا كان المجتمع الدولي يبشّر بموت لبنان، فإن ذلك يشكل وصمة عار على العالم المتحضّر”… وكان ذلك سبباً في القطيعة بين فرنسا ودياب الذي كان أيضاً قد أغضب أميركا بسب رفضه تدخل سفيرتها في تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان.

كرّر الفرنسيون محاولات البحث عن دور في لبنان، مرّة تحت مظلّة السعودية، ومرة تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية، ومرّات عبر “التسلّل” في الأوقات الأميركية الضائعة بالانشغالات الانتخابية أو الخارجية، لكنها سرعان ما تكتشف أنها ملأت فراغاً مؤقتاً قبل عودة أميركا للقبض على الملف اللبناني.

لكن الواقع أن حسابات فرنسا مع لبنان لم تكن “عاطفية”، وإنما مرتبطة بمصالح اقتصادية. يريد الفرنسيون أن تكون لهم “حصة الأسد” في قطاعات لبنان، وهم أمسكوا بمرفأ بيروت ومرفأ طرابلس وقبضوا على ملف التنقيب عن الغاز والنفط في البحر، ولاحقاً في البّر، لكنهم ينتظرون القرار الأميركي لبدء التنقيب الفعلي، ويريدون الإمساك بملف الكهرباء عبر “جنرال موتورز فرنسا”، ويطمحون إلى الحصول على امتيازات في كثير من القطاعات الاقتصادية اللبنانية.

لم تنجح فرنسا بتكريس دور فاعل لها في لبنان، على الرغم من الحاجة إليه لخلق بعض التوازن، إلا أن باريس لم تستطع الخروج من تحت مظّلة واشنطن والإدارة الأميركية وحساباتها ومصالحها.

أوفدت أميركا آموس هوكشتاين، الذي كان ضابطاً في جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء احتلال جنوب لبنان، فمارس دبلوماسية ناعمة نجح من خلالها بخديعة لبنان، مراراً وتكراراً.

ثم جاءت مورغان أورتاغوس “مكشّرة” عن يهوديتها، ومارست دور “الوالي” على لبنان. أعطت تعليمات، وهدّدت، لكنها اكتشفت أنها غير قادرة على الاستمرار بهذه الطريقة بسبب تعقيدات لبنان التي لا يمكن تطويعها.

قد يُعطى هؤلاء الموفدون “أسباباً تخفيفية”، فهم مندوبو دول لها مصالح ولديها استراتيجياتها وحساباتها.

لكن المبعوث الأميركي الخاص توم براك، الذي قيل إن أصله لبناني، خرج من إرثه اللبناني، وتعامل مع لبنان بمنطق إسرائيلي، ووعبّر عن مصالح “إسرائيل” في لبنان. جاء إلى لبنان وتحدّث بـ”لسان إسرائيلي”. هدّد وتوعّد، وانتقد، وأنّب، وهاجم، ووصف الصحافيين اللبنانيين بأنهم “حيوانات”… لأن اللبنانيين رفضوا الاستسلام لـ”إسرائيل”، ولم يخضعوا لـ”أوامره” بتحقيق مصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي على حساب لبنان.

في أكثر من محطة، ظهر براك كموفد “إسرائيلي” يحمل عصا غليظة. كانت تسبق زياراته مسيّرات إسرائيلية وقتل، وتتبعها غارات ومجازر.

ربما يحتاج أصل براك إلى تدقيق. هل هو لبناني الأصل فعلاً، أم أن أصله “صهيوني”؟

يشعر براك اليوم أنه فشل في مهمته بإخضاع لبنان لـ”إسرائيل”. ولهذا فهو منفعل، ويهدّد.

يقدّم توم براك نفسه بصورة “المندوب السامي” على لبنان، ويحاول إعطاء اللبنانيين دروساً في التاريخ، لكنه يزوّر التاريخ، ويشوّه صورة العرب، وبذلك يتناغم مع وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريش الذي أهان السعوديين بدعوتهم لـ”الاستمرار بركوب الجمال في الصحراء، وسنواصل بناء قوة تكنولوجية هائلة”، من دون أن ينتبه أن السعودية أصبحت قوة اقتصادية ضخمة بقدراتها الذاتية، وأن كيان الاحتلال الاسرائيلي غير قادر على الحياة والاستمرار لولا دعم أميركا له.

تعدّدت هوية الموفدين، وبعضهم من العرب.. لكن المفارقة أنهم يكررون “نموذج غازي كنعان”، ربما لأنهم معجبون به، ولأنهم في الأصل هم الذين أعطوا سوريا تلك الوصاية التي سمحت بنشوء ذلك النموذج من التدخّل والتحكّم بتفاصيل لبنان ويومياته.

أما توم براك، فيحاول الدمج بين “نموذج غازي كنعان” وبين التشبّه بسلوك رئيسه دونالد ترامب. الذي أعاد الحياة إلى “الرأسمالية المتوحّشة” التي تحاول السيطرة على العالم اليوم، والتي تشنّ هجوماً شاملاً في كل العالم للسيطرة على ثروات الدول والشعوب.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتساب” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2?mode=ac_t

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img