قد يكون الشعور العابر بالبرد أمرًا طبيعيًا يتلاشى مع ارتداء الملابس الثقيلة أو احتساء المشروبات الساخنة، لكن حين يتحول هذا الإحساس إلى حالة مستمرة لا تزول، يصبح أكثر من مجرد حساسية تجاه الطقس، وقد يكون إنذارًا مبكرًا لمشكلة صحية كامنة تحتاج إلى عناية.
فالأطباء يؤكدون أن البرودة المزمنة قد تكشف عن أمراض خفية، تبدأ من اضطرابات بسيطة وتنتهي بخلل معقد في أجهزة الجسم.
من أبرز هذه الحالات مرض رينود، الذي يتجلى في فقدان الإحساس بالأطراف بسبب انقباض الأوعية الدموية وتراجع تدفق الدم، ما يغيّر لون الجلد إلى شاحب أو أزرق ويصاحبه خدر وألم. هذه الحالة تجعل من البرد واقعًا يوميًا لا يزول، ويُنصح المصابون بها بالمحافظة على التدفئة والحركة المستمرة.
أما فقر الدم فيُعد سببًا آخر للشعور الدائم بالبرد، إذ يفقد الجسم كفاءته في نقل الأكسجين لغياب ما يكفي من خلايا الدم الحمراء، فيظهر ذلك في برودة الأطراف والتعب والدوخة وشحوب البشرة، وغالبًا ما يُعالج عبر مكملات الحديد والأطعمة الغنية به.
وفي حالات أخرى، قد يخفي الإحساس المتواصل بالبرودة إصابة بالسكري من النوع الثاني، حيث يؤدي ارتفاع السكر في الدم على المدى الطويل إلى تلف الأعصاب الطرفية فيشعر المريض ببرودة دائمة، ترافقها أعراض أكثر خطورة كالعطش المفرط، التبول المتكرر وفقدان الوزن.
كما قد يكون خمول الغدة الدرقية وراء البرودة المستمرة، إذ إن تباطؤ إفراز هرموناتها يبطئ عملية الأيض ويخفض حرارة الجسم الداخلية، ما يجعل المريض حساسًا لأي انخفاض في الطقس، إلى جانب أعراض أخرى مثل زيادة الوزن، الإمساك وجفاف البشرة.
ويشدد الأطباء على أن تجاهل هذا العرض قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة، في حين أن التشخيص المبكر يفتح الباب أمام علاج فعّال وسريع. لذلك، فإن الشعور بالبرد المستمر ليس مجرد انزعاج موسمي، بل قد يكون رسالة من الجسد تستحق الإصغاء.
