الثلاثاء, ديسمبر 9, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSlider600 ألف ليرة لركن سيارة في بيروت.. "الفاليه باركينغ" يشعل غضب المواطنين!

600 ألف ليرة لركن سيارة في بيروت.. “الفاليه باركينغ” يشعل غضب المواطنين!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| ناديا الحلاق |

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان، يواجه سكان العاصمة بيروت تحدياً جديداً يضاف إلى أعباء حياتهم اليومية، يتمثل في ارتفاع غير مسبوق في أسعار خدمة ركن السيارات المعروفة بـ”الفاليه باركينغ”.

هذه الخدمة التي تتركز بشكل خاص في المناطق السياحية والتجارية على طول الواجهة البحرية، مثل “البيال” و”الزيتونة باي”، شهدت ارتفاعاً حاداً في التسعيرة وصلت في بعض المواقع إلى 600 ألف ليرة لبنانية، أي ما يعادل ضعف السعر المعتاد في أماكن أخرى.

التسعيرة أثارت موجة من الغضب والانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره كثيرون استغلالاً واضحاً للواقع الاقتصادي والسياحي المتدهور، في ظل غياب رقابة فعالة من الجهات الرسمية. مطالبات المواطنين والناشطين كانت واضحة بتدخل عاجل من محافظ بيروت والجهات الرقابية المختصة للحد من “الفوضى التسعيرية” التي أثقلت كاهلهم.

ولم يتوقف الاستياء الشعبي عند حدود التسعيرة فحسب، بل تعداه إلى ممارسات تعتبر منافية للقانون والعدالة في استخدام الفضاء العام.

فشركات الفاليه لا تكتفي بفرض أسعار مرتفعة، بل تقدم في كثير من الأحيان على احتكار الأرصفة والطرقات العامة، ومنع المواطنين من ركن سياراتهم بحجة أن “الصفة للمحل”، في إشارة إلى أنها محجوزة لصالح المؤسسة التي تعمل لديها الشركة.

ويوضح عدد من المواطنين أن “الفاليه باركينغ” يعمدون إلى حجز المساحات العامة أمام المقاهي والمطاعم والملاهي، عبر استخدام الحواجز المعدنية أو ببساطة الوقوف في الشارع لمنع أي شخص غير زبون المؤسسة من التوقف، ما يحول الطرقات إلى مواقف خاصة غير قانونية. هذا التصرف يعتبر تعدياً على الملك العام، ويثير تساؤلات حول مدى التزام هذه الشركات بالقوانين التي تنظم عملها، ودور الأجهزة المعنية في ضبطها.

رغم الجدل الواسع حول فوضى الأسعار واحتكار الأرصفة من قبل شركات “الفاليه باركينغ”، يؤكد المعنيون في بلدية بيروت أن هذا النشاط يخضع لإطار قانوني واضح، تحدده قرارات رسمية صادرة منذ أكثر من عقد.

العويني: الفاليه باركينغ نشاط منظم وليس عشوائيًا

وفي حديثه لموقع “الجريدة”، شدد المهندس باسم العويني، مدير مصلحة المؤسسات المصنفة في بلدية بيروت، على أن خدمة “الفاليه باركينغ” ليست عملاً عشوائياً كما يُشاع، بل تخضع لتنظيم قانوني صارم، وفقاً للقرار المشترك رقم 1536 الصادر عام 2011 عن وزارتي السياحة والداخلية والبلديات.

ويحدد هذا القرار الشروط الإدارية والقانونية التي يجب أن تلتزم بها الشركات الراغبة في مزاولة هذا النشاط، من أبرزها:التسجيل في السجل التجاري، اقتصار التوظيف على اللبنانيين فقط، حظر استخدام الأملاك العامة كمواقع للركن، تقديم سجلات عدلية للموظفين، إيداع كفالة مصرفية لدى وزارة الداخلية.

وبحسب العويني، كانت قيمة الكفالة المصرفية 10 ملايين ليرة لبنانية، إلا أنه تم رفعها إلى 600 مليون ليرة في 17 كانون الثاني 2025، في خطوة تهدف إلى تعزيز الضمانات والرقابة على الشركات المشغلة.

التسعيرة الرسمية: من 5 آلاف إلى 350 ألف ليرة

أما فيما يتعلق بتعرفة خدمة الركن، فأوضح العويني أن القرار الأساسي لعام 2011 لم يلحظ تسعيرة محددة، إلى أن صدر تعديل عام 2017 حددها بـ5 آلاف ليرة لبنانية.. لكن مع الانهيار المالي الحاد الذي شهده لبنان في السنوات الأخيرة، تجاوزت الأسعار هذه التعرفة بشكل كبير، ما دفع محافظ بيروت إلى إصدار القرار رقم 71/ع بتاريخ 31 كانون الثاني 2025، الذي عدّل التسعيرة الرسمية لتصبح 350 ألف ليرة لأول ثلاث ساعات، و100 ألف ليرة عن كل ساعة إضافية، مع احتساب أي كسر للساعة يزيد عن 10 دقائق ساعة كاملة.

ورغم هذا التحديد الرسمي، أكد العويني أن بعض الشركات ما زالت تتجاوز هذه التسعيرة، ما يثير تساؤلات مشروعة حول فعالية الرقابة والتزام المؤسسات بالقانون.

أجهزة رقابية متعددة.. ولكن هل من تطبيق فعلي؟

وحول آليات الرقابة، أشار العويني إلى أن عدة جهات رسمية وأمنية تضطلع بمسؤولية مراقبة تطبيق القرارات المرتبطة بخدمة الفاليه وهي شرطة بلدية بيروت، قيادة شرطة بيروت، الشرطة السياحية في وزارة السياحة، ووزارة الاقتصاد والتجارة التي تتابع ملف الأسعار.

وأضاف: تلعب مفارز السير دوراً محورياً في ضبط أي تجاوزات على الأرض، خصوصاً ما يتعلق بحجز الأملاك العامة أو التوقف المخالف في الشوارع، إذ تتحرك هذه الفرق فوراً لتحرير المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.

من جانبه، أكد المحامي محمد بالوظة، عضو مجلس بلدية بيروت، أن التسعيرات المعتمدة لخدمة “الفاليه” لا تُحدَّد بشكل ارتجالي من قبل الشركات، بل يتم تقديم طلبات رسمية إلى المحافظ، الذي يُصدر تعميماً يضبط التسعيرة، وذلك بناءً على دراسة قانونية ومعايير السوق.
وشدد على أن المواطنين أو أي جهة متضررة يحق لها تقديم طلب مراجعة لإعادة النظر في التسعيرة، وأن المحافظ يمتلك صلاحية التعديل ضمن سقف قانوني.
وبالنسبة لامتياز تشغيل المواقف، أوضح بالوظة أن الشركات المشغّلة تخضع لنظام تلزيم شفاف، يتم من خلال مناقصات أو مزايدات علنية تُنظم بإشراف إدارة الشراء العام، ما يُبعد أي شبهة محسوبيات أو تلزيمات غير قانونية.

في المحصلة، تبدو خدمة “الفاليه باركينغ” في بيروت أبعد ما تكون عن مجرد رفاهية، بعدما تحوّلت إلى عبء يومي على كاهل المواطن. فإلى جانب التسعيرات المرتفعة التي لا تراعي الواقع المعيشي، يواجه السكان احتكاراً فعلياً للأرصفة والطرقات من قبل بعض الشركات، ما يقيّد حرية الركن في الأماكن العامة. وبين القوانين التي تنظّم والواقع الذي يتجاوزها، تبقى الحاجة ملحّة لتفعيل الرقابة، إعادة ضبط الأسعار، وتوفير بدائل حضرية عادلة، تبدأ بتطوير النقل العام وتنتهي بخلق بيئة مدينية تضمن حق المواطن في الحركة من دون ابتزاز أو استغلال.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2?mode=ac_t

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img