الثلاثاء, ديسمبر 9, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSlider"كيفك ع فراقي": فضل شاكر يُخفي الماضي خلف "النظّارات"!

“كيفك ع فراقي”: فضل شاكر يُخفي الماضي خلف “النظّارات”!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| زينة أرزوني |

لسنا هنا في معرض الدفاع عن الفنان فضل شاكر، ولا في مقام مهاجمته. لسنا قضاةً نملك حيثيات الحكم، ولسنا شعباً منزّهاً عن التناقضات. لكن بعد موجة الترحيب الواسعة بعودة صاحب الصوت المخملي إلى الساحة الفنية، وسط انقسام حاد بين من يراه “منقذ الإحساس” ومن يعتبره صفحة سوداء في ذاكرة وطن مجروح، لا بد من التوقف والسؤال: وفق أي “إحساس” نعيش؟ وعلى أي أساس نستمع وننسى؟

بين صوت الميكروفون وصدى السلاح: من ينسى؟

لطالما كان فضل شاكر رمزاً للرومانسية، صوتاً يجسّد الحنين واللوعة بكلمات بسيطة تصل إلى القلب. لكن من يستطيع أن يمحو من ذاكرته ظهوره المسلح إلى جانب الشيخ السلفي أحمد الأسير؟ من ينسى الفيديوهات التي ظهر فيها وهو يحرض ضد الجيش اللبناني، ويتحدث بلغة مليئة بالكراهية والازدراء؟

ذلك الظهور لم يكن جزءاً من أغنية، بل فصلًا من قصة وطن يئن تحت وطأة الطائفية والانقسام.

ذاكرة السماعة قصيرة… لكن ذاكرة الوطن لا تموت

قد تكون الأغنية الجديدة “كيفك ع فراقي” لامست أوتاراً عاطفية لدى البعض، لكن ماذا عن الذاكرة؟ كيف نُغمض أعيننا على وقع لحنٍ جميل، بينما الصور القديمة لا تزال حية؟

هل يُغفر كل شيء لأن الصوت جميل؟ وهل يمكن للفن أن يمحو أثر الموقف السياسي، ولو كان متطرفاً؟

إذا كنا نعيش لحظة “الإحساس” دون وعي للتاريخ، فنحن ببساطة نعيد تدوير الوجع في ثوب ناعم.

فضل شاكر اليوم يبدو وكأنه عاد متخفّفاً من تاريخه، أو بالأحرى، مستفيدًا من خفّة ذاكرة جمهور سريع النسيان.

لكن ما يثير الحيرة حقًا هو أن من يُفترض به أن يكون ناقلًا للمشاعر، لا يبدو متصالحًا مع مشاعره أو مواقفه.

من اعتزل الفن لأنه “حرام”، وعاد إليه لأنه “شغف”، ثم وقف مع من رفع السلاح على الجيش، ثم أنكر، ثم عبّر عن ندمه… أي إحساس هذا الذي يريد أن ينقله لنا؟ إحساسٌ مضطرب.. أم التباسٌ دائم؟!

صحيح أن المحاكمة حق قانوني، وأن التعامل الإنساني ضرورة. لكن فصل القضية السياسية والأمنية عن صورة الفنان، مسألة معقدة. لا يمكن إعادة تقديم فضل شاكر للجمهور كـ”منقذ للإحساس” من دون الأخذ في الاعتبار ما مثّله من صدمة وخيبة لكثيرين.

هو ليس مجرد مغنٍّ عاد بعد غياب، بل رمز متشظٍّ بين الجمال والخطيئة، بين الندم والتبرير، بين الصوت والسلاح.

قد يستمع البعض لـ”كيفك ع فراقي” ويذوب عشقًا، وقد يغلق البعض الآخر أذنيه احتجاجًا.

لكن في الحالتين، يبقى السؤال الحقيقي: هل نعيش فعلاً إحساسًا حقيقيًا؟ أم أن إحساسنا مجرد “ترند”؟ وهل نختار الفن لأننا نحبه؟ أم لأننا نريد أن ننسى كل ما لا يناسب ذائقتنا اللحظية؟

حيلة فنية.. أم تهرّب من الحقيقة؟

هل تساءل أحد منّا لماذا ظهر فضل شاكر بالنظارات الشمسية في أغنية “كيفك ع فراقي” طوال الوقت؟ من المؤكد أنه لم يكن تفصيلاً عشوائيًا أو مجرد “لوك فني”، بل يحمل أبعادًا ودلالات واضحة، سواء تعمّدها أم لا.

من المتعارف عليه أن العيون تفضح الكثير: منها الندم، التوتر، التناقض.. وحتى الكذب أحيانًا.

وفضل شاكر، بعد سنوات من الغياب والجدل، يعلم أن كل نظرة منه ستُقرأ وتُحلَّل. فالنظارات الشمسية تشكّل درعًا نفسيًا وبصريًا يخفّف من “القراءة” العاطفية لوجهه، وقد يكون ذلك انعكاساً لحالة داخلية عند فضل شاكر، نظراً لتورّطه في قضايا شائكة ـ سياسية وأمنية ـ فإن ظهوره العام محسوب بدقة. النظارات قد تكون جزءًا من “بروتوكول” الصورة الجديدة: فنان فقط، بلا ماضٍ. لكنها في الواقع تعكس العكس تماماً: خوف من الماضي، لا طيّ له. النظارات لم تكن مجرد “إكسسوار”، بل رسالة، ربما لا واعية: “لا تنظروا في عينيّ، فقد ترون ما لا يقال”.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img