الثلاثاء, ديسمبر 23, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderشكرًا فضل شاكر.. ولكن!

شكرًا فضل شاكر.. ولكن!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| سكينة السمرة |

بثلاث دقائق وثماني وأربعين ثانية، أعاد فضل شاكر ضبط الفوضى. أغنية واحدة كانت كفيلة بإحياء ما بدا كأنّه زمن انتهى، بعد أعوام من سيطرة الأغاني “الترِندية” على الأذواق والشاشات والمنصات. ولكن..!

من دون إعلان، من دون إنتاج ضخم، ومن قلب المخيم، وفي ديو مع ابنه محمد، عاد فضل شاكر بصوته ليعوض سنين غيابه عن محبيه. أغنيته “كيفك ع فراقي” التي حصدت أكثر من 11 مليون مشاهدة على “يوتيوب” في أيامها الأولى، لم تكن مجرّد عمل جديد، بل كانت استدعاءً لذاكرةٍ موسيقية تشكّلت في زمن “لو على قلبي”، و”يا غايب”، و”روح”.. الأغاني التي ما زال جيلٌ كامل يدندنها حتى اليوم.

بهذا العمل، أكد فضل شاكر أنه لم يكن يومًا اسماً عابرًا في الساحة الفنية اللبنانية والعربية. هو جزء من ذاكرتنا الغنائية، اسمًا لا يسقط من ذاكرة الجمهور، مهما تبدّلت الأذواق وتغيّرت الوجوه. لكن..!

فضل شاكر، الذي أعلن اعتزاله الفن عام 2012، وظهر حاملاً السلاح، وانضم إلى جماعة الموقوف أحمد الأسير، كان قد توارى عن الأنظار بعد “معركة عبرا” عام 2013، ملتجئًا إلى مخيم عين الحلوة. ليعود بعدها تدريجياً إلى الساحة الفنية، منذ 2018، بإصدارات متقطعة، لم تحقّق جميعها الأثر المطلوب. حتى جاءت “كيفك ع فراقي”.

في سنوات الغياب، كانت الساحة الغنائية تعجّ بأغانٍ سرعان ما تتحول إلى “ترند”، لا لجمالها أو عمقها، بل لأن “البلوغرز” يروّجون لها، وما أكثرهم. أغانٍ تفرض على المستمعين، وتستهلك بسرعة، ثم تختفي. لكن أغنية فضل الأخيرة كسرت هذا النمط واستقطبت جمهوراً متعطّشًا لصوت نادر، ولأغنية تُسمَع، لا تُستهلك.

ورغم أن من حق الجميع الاستماع إلى ما يشاء، فالفن أذواق، لكن من اعتاد صوت فضل شاكر، خصوصاً جيل الثمانينات والتسعينات، يصعب عليه ألّا يحنّ إلى تلك الطبقة الصوتية النادرة، إلى الأغنية التي تُدندَن لأجيال.
لحن مميز، كلمات لشعراء غير مشهورين، إلا أنهم حتماً موهوبون، تمكنوا من التربع على “الترند” الباقي..

لكن، وكما في كل مرة يظهر فيها فضل شاكر، ينقسم الجمهور. بين من يرفض ظهوره أساسًا، باعتبار أنه لم يُنهِ ملفاته القانونية بعد وتورطه في دعم الأسير ضد الجيش اللبناني، وبين من يعترف بأخطائه ويمنحه الحق بفرصة ثانية، وبين من يؤمن بأن جزءًا من التهم الموجهة ضده قد فُبرك.

وفي الحقيقة، لا أحد يستطيع الجزم: فلا هو بريء بالكامل، ولا مدان بالكامل، إلى اليوم. لكن الفن وحده، مهما علا، لا يكفي لتبرئة فنان، أما القانون يفعل. لذا، إن كان شاكر يريد فعلاً استعادة مكانته وتكريم جمهوره وحماية فنه من أي لبس، فربما تكون الخطوة الأمثل اليوم هي تسليم نفسه للعدالة، وإنهاء كل الملفات المفتوحة والقضايا المقامة ضدّه.

فالفن لا يُلغي أخطاء الماضي مهما بلغ من مرتبة. وإذا سألنا فضل “كيفنا ع فراقه” اليوم، فربما نجيبه:

“اشتقنالك، بس ناطرين الحقيقة والعدالة قبل.”

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img