الثلاثاء, ديسمبر 9, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداث"حرب باردة" بين الجزائر والإمارات: مؤامرات وشتائم! (فيديو)

“حرب باردة” بين الجزائر والإمارات: مؤامرات وشتائم! (فيديو)

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| أرزقي سعيد |

لم تعد العلاقات الطيبة بين الجزائر وأبو ظبي سوى ذكرى بعيدة. اليوم، تتهم الجزائر الدولة الخليجية الغنية بالنفط بالقيام بعمليات تهدف إلى زعزعة استقرارها.
ففي مشهد يكاد يكون سورياليًا جرى، في يونيو 2024، بمدينة باري الإيطالية، خلال قمة مجموعة السبع، وقوف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حديث جانبي مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. تبادلا الحديث بصوت خافت، ولوّح تبون بإصبعه نحو صدر محاوره في إشارة قد تُفهم كتهديد أو عتاب أو نقد. لا يُعرف بالضبط ما دار بين الرجلين، ولكن هذه الإشارة بالإصبع على صدر الأمير تختزل الكثير عن الحرب الباردة التي تشتعل اليوم بين البلدين.
لم تعد العلاقة بين الجزائر وأبو ظبي مجرد خلافات سطحية أو مناوشات، بل تحولت إلى اتهامات ثقيلة محمّلة بألفاظ قاسية. من ملف الصحراء الغربية، إلى الأزمة الليبية، والأوضاع في الساحل، وملف التطبيع مع “إسرائيل”.. لدى الجزائريين ما يكفي من الأسباب لانتقاد الإمارات، بل أحيانًا بعبارات تفتقر إلى اللباقة الدبلوماسية. ولتفسير طبيعة هذه الحرب الكلامية بين “الإخوة العرب”، لا بد من العودة إلى زمن قريب كانت فيه العلاقة بين الجزائر والإمارات من أفضل ما يكون.
كان ذلك في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي أُجبر على الاستقالة في شهر نيسان/أبريل عام 2019 بعد عشرين عامًا من الحكم. وبحكم إقامته في الإمارات خلال الثمانينيات، حرص بوتفليقة على بناء علاقات متميزة مع هذا الاتحاد الخليجي. وكان يحمل الكثير من التقدير والوفاء للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والد الرئيس الحالي، إلى درجة أنه أعلن حدادًا وطنيًا لثلاثة أيام عند وفاة الشيخ في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2004.
في عهد بوتفليقة حصل الإماراتيون على عقود كبيرة في الجزائر، وكانت المؤسسة العسكرية الجزائرية تشتري بانتظام من السوق الإماراتية. وكان الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع ورئيس الأركان السابق، الذي توفي في شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2019، يزور الإمارات باستمرار في زيارات رسمية، لدرجة أن البعض اتهمه بأنه يأخذ تعليماته من أبو ظبي.
لكن مع انتخاب تبون بدأت الأمور تتغير تدريجيًا، حيث أخذ مسار العلاقات منحى جديدًا دون أن يصل إلى القطيعة. فقد حصلت أول أزمة بين الطرفين في شهر تشين الثاني/نوفمبر عام 2020، عندما افتتحت الإمارات قنصلية لها في مدينة العيون بالصحراء الغربية. بالنسبة للمغرب، هذه الخطوة تُعد اعترافًا ضمنيًا بسيادته على الإقليم. أما بالنسبة للجزائر، التي تدعم القضية الصحراوية وتطالب بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، فقد شكّلت هذه الخطوة الإماراتية شرخًا في العلاقات التي كانت وثيقة سابقًا.
وقد سبقت هذه الخطوة الإماراتية خطوة أخرى أثارت استياء الجزائر، وهي تطبيع الإمارات لعلاقاتها مع “إسرائيل”، في شهر أيلول/سبتمبر من العام نفسه، وهو ما اعتبرته الجزائر استفزازًا صريحًا، إذ ترى في “إسرائيل” أنها عدوًا لدود وفي فلسطين “قضية مقدسة”.
على الرغم من أن الجزائر أخذت علمًا بافتتاح القنصلية، فإنها لم تسارع إلى قطع العلاقات. ولإثبات حسن النوايا بين “البلدين الشقيقين”، وافقت أبو ظبي، في شهر آب/أغسطس عام 2021، على تسليم المدير السابق لشركة “سوناطراك” عبد المؤمن ولد قدور. وقد حُكم عليه في 2022 بأحكام ثقيلة في الجزائر، رغم أنه كان ما يزال ينتظر قرارًا من القضاء الإماراتي.

ومع ذلك، لم يفوّت الرئيس عبد المجيد تبون أي فرصة لانتقاد حكّام الإمارات، وإن كان ذلك دون تسميتهم صراحة. ففي شهر آذار/مارس عام 2024، قال: “أينما وُجدت النزاعات، يوجد مال هذه الدولة، سواء في مالي أو ليبيا أو السودان”.
ورغم أن هذا الاتهام لا يستند إلى دلائل ملموسة، إلا أنه يبقى اتهامًا خطيرًا.
كذلك الهجوم غير المسبوق الذي شنّه التلفزيون العمومي الجزائري في شهر أيار/مايو الماضي ضد الإمارات، ردًا على مقابلة أجرتها قناة “سكاي نيوز عربية”، قبل ذلك بأيام، مع أكاديمي جزائري شكك خلالها في المكوّن الأمازيغي للهوية الجزائرية. وقد حُكم عليه لاحقًا بالسجن خمس سنوات
الكلمات التي أُذيعت آنذاك في نشرة الأخبار الرئيسة على التلفزيون الجزائري بأمر من رئاسة الجمهورية، صدمت حتى بعض الجزائريين أنفسهم: “دويلة” و”كيان صغير” و”دولة مصطنعة” و”أقزام” و”كيانات هجينة بلا أصل ولا سيادة” و”مصنع للشر والفتنة”… إلخ.
هذه العبارات، التي تفتقر إلى أبسط مقومات الخطاب الدبلوماسي، لم تصدر عن وزارة الخارجية، بل نُسبت مباشرة إلى مؤسسة الرئاسة. السلطات الإماراتية، من جانبها، لم ترد على هذه الإهانات، ولم تُصدر تعليمات لوسائل الإعلام الرسمية بالرد. فقد حافظ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على بروده، بل وحتى على نوع من اللامبالاة حيال هذه الحملات. وهو قليل الظهور الإعلامي، ويُعرف عنه أنه يفضّل الصمت. ففي الإمارات، يبدو أن المثل القائل “الصمت هو أفضل رد على الوقاحة” هو السائد. أما في الجزائر، فالمثل المستخدم هو “من سكت فقد رضِي”.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img