توفي اليوم الجمعة، الشاعر العراقي مظفر النوّاب، في مستشفى الشارقة التعليمي في الإمارات العربية المتحدة عن عمر ناهز 88 عاماً.
وُلد مظفر النواب في العاصمة العراقية بغداد عام 1934.
يعتبر النوّاب أحد أبرز شعراء العراق الذين بدأوا مسيرتهم الشعرية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وبرحيله تطوى صفحات تلك المرحلة في تاريخ الشعر العراقي والتي تميزت بالغنى والتجريد وروح التمرد والخروج على القوالب المألوفة.
ورغم شهرة القصائد السياسية للنواب داخل العراق وخارجه، إلا أن شعره العاطفي والغزلي خاصة باللهجة العامية العراقية، لا يقل انتشاراً ورونقاً.
كان النواب صاحب موهبة شعرية برزت في مرحلة مبكرة من حياته. وتميز بأسلوبٍ فريد في إلقاء الشعر وأقرب ما يكون إلى الغناء أحياناً، خاصة عندما كان في مواجهة الجمهور.
انحاز لقضايا الفقراء والبسطاء والعدل ومناهضة الاستغلال والاستعمار وأنظمة الحكم السائدة، فتعرّض للسجن والملاحقة لفترة طويلة داخل وطنه واضطر لاحقاً للعيش منفياً في غربته التي ناهزت نصف قرن تقريباً.
أثناء دراسة مظفر في الصف الثالث الابتدائي اكتشف أستاذه موهبته الفطرية في نظم الشعر، وفي المرحلة الإعدادية أصبح ينشر قصائده في المجلات الحائطية التي تحرر في المدرسة من قبل الطلاب.
تابع دراسته في كلية الآداب ببغداد في ظروف اقتصادية صعبة، بعد أن تعرض والده الثري إلى هزة مالية عنيفة أفقدته ثروته بما في ذلك قصره الجميل.
بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1958 تم تعيينه مفتشاً فنياً بوزارة التربية في بغداد، فأتاحت له تلك الوظيفة فرصة تشجيع ودعم الموهوبين من موسيقيين وفنانين تشكيليين.
وعقب الانقلاب الذي أطاح بحكم عبد الكريم قاسم عام 1963، تعرّض الشيوعيون واليساريون لحملات اعتقال واسعة فاضطر مظفر لمغادرة العراق، فهرب إلى إيران في طريقه إلى الاتحاد السوفييتي السابق، حيث ألقت المخابرات الإيرانية القبض عليه فتعرّض للتعذيب قبل أن يتم تسليمه الى السلطات العراقية.
حكمت عليه محكمة عسكرية عراقية بالإعدام، ثم تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد.
وُضِع مع غيره من اليساريين في السجن الصحراوي المعروف باسم “نقرة السلمان” القريب من الحدود السعودية ـ العراقية، حيث أمضى عدة سنوات ونقل بعدها إلى سجن الحلة الواقع جنوب بغداد.
قام مظفّر النواب ومجموعة من السجناء السياسيين بحفر نفق من الزنزانة يؤدي إلى خارج أسوار السجن، فأحدَث هروبه مع رفاقه ضجّة مدوّية في أرجاء العراق والدول العربية المجاورة.
وبعد هروبه من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ستة أشهر، ثم توجه إلى منطقة “الأهوار” جنوب العراق وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة. وفي العام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع الى سلك التعليم مرة ثانية.
ثم شهد العراق موجة اعتقالات جديدة، وكان من بين من تعرضوا للاعتقال وأطلق سراحه بعد فترة قصيرة.
غادر بعدها إلى بيروت في البداية، ومنها إلى دمشق. وتنقّل بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر به المقام في دمشق.
وعاد النوّاب إلى العراق لأول مرة في العام 2011 لكنه ظل ينتقل بين بغداد ودمشق وبيروت.
من أشهر قصائد الراحل:
القدس عروس عروبتكم، وتريات ليلية، الرحلات القصية، المسلخ الدولي وباب الأبجدية، بحار البحارين، قراءة في دفتر المطر، الاتهام، بيان سياسي، رسالة حربية عاشقة، اللون الرمادي، في الحانة القديمة، جسر المباهج القديمة، ندامى، اللون الرمادي، الريل وحمد، أفضحهم، زرازير البراري.
ونعى الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة عبر تويتر الشاعر النوّاب قائلا “يبقى حيّاً في ذاكرة الشعب مَن زرع مواقفه السياسية والوجدانية بشكل صادق”.
كما نعاه محبّوه وقرّاءه بحزنٍ وتأثر، ونشروا مقاطع من قصائده وشعره.
https://twitter.com/hsyien/status/1527655715917144072?s=20&t=J7sramGh_1r5J-W9yjSrkg