الأحد, ديسمبر 21, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderملف إيران النووي: "مكانك راوح"!

ملف إيران النووي: “مكانك راوح”!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| زياد أ. يمّين |

تصرّ “إسرائيل” على حفر قبرها بيديها، فبعدما لم يعد لديها شيء لتقدمه في السياسة لأن حكمها ونظامها مأزوم مجتمعياً، والأهم قيمياً، بعد ارتكابه لـ”محرقة القرن” الـ21 الجماعية في غزة، والتي سيأتي حسابها من المجتمع الدولي ولو آجلا، أكان برفضها كدولة بشكلها الحالي، أم بمؤسساته ومنظماته، وليست الأمم المتحدة إلا أولها. فقد فعلتها وفتحت حرباً مع طهران، ولكنها فشلت في حرب أرادتها خاطفة (Blitzkrieg) تحدث خضات اجتماعية وقلاقل أمنية داخل إيران، ما قد يفضي إلى فوضى داخلية قد ترتقي إلى انقلاب على النظام الحالي لإضعاف إيران، وتفتيتها كما حدث مع سوريا. لكن شيئاً من هذا لم يحصل، فقد انتفض أحفاد الفرس وقاموا بتدمير ممنهج لمنظومات تل ـ أبيب التكنولوجية (الذكاء الصناعي)، أكانت عسكرية أم مدنية، ما سيحرمها ـ ولو بعد حين ـ من سرّ تفوقها التكتيكي في الإقليم، والذي حقق لها بعض النجاحات المؤقتة في لبنان وربما في سوريا، ومن ضمنهم تصفية قادة عسكريين إيرانيين وعلماء نوويين بارزين. ولكن لا يغيبن عن بال أحد أن التفوق التكتيكي في بعض المجالات، ليس كافياً لوحده لحسم معركة كبرى بهذه الأهمية من هذه الحرب العالمية الثالثة التي بدأت في أوكرانيا.

إيران، ورغم كل ما قيل ويقال، لم تخسر شيئاً يذكر من برنامجها النووي الذي لم يكن أقله حتى الآن إلا سلمياً، ففتوى المرشد الأعلى السيد علي خامنئي واضحة لناحية تحريم السلاح الذري. وهي، وباعتراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) لم تصل بعد إلى نسبة تخصيب 90 % تسمح لها بتملّك هكذا سلاح، إلا أنها أصبحت متمكّنة علمياً وتقنياً من الوصول إلى الدورة النووية الكاملة التي ستستخدمها لأغراض سلمية، وهذا حق مشروع لها في القوانين الدولية ذات الصلة بالطاقة النووية. وأضف إليه أن فشل “إسرائيل” العسكري اتضح أكثر بعد اكتشاف أن اليورانيوم المخصب بدرجة 60 % (حوالي ال 400 كلغ) ما زال سليماً وتم نقله إلى أماكن سرية تحسباً للضربة التي حصلت، وأجهزتها الأحدث للطرد المركزي كذلك الأمر. أي أن جل ما فعلته “إسرائيل” وواشنطن هو تدمير المنشآت المكشوفة التي سيعاد ترميمها مجدداً، أما تلك الموجودة في قعور الجبال فبقيت سالمة وهي، أي هذه القعور لا تقتصر على المواقع الـ 3 التي استهدفت وإنما يتواجد منها العشرات.

أما أكثر ما ترتعب منه “إسرائيل” الا وهو برنامج إيران للصواريخ البالستية والمسيّرات، فما زال كما هو، لا بل سيتطور ويصبح أقوى، والدليل هو استيعاب طهران السريع، وخلال 24 ساعة، للضربة التي تلقتها، وردها المزلزل الذي لم يتوقعه أحد، حيث اخترقت صواريخها كل منظومات الدفاع الجوي للكيان ولأميركا، محدثة دماراً في بناها التحتية العسكرية، التصنيعية والخدمات، لدرجة أنها طلبت تدخلاً أميركياً عاجلاً في الحرب لتجنب الأسوأ، وهذا ما حصل… وذاك الذي يصرخ أولًا في الحرب يكون هو الطرف المهزوم ومن دون أي جدال أو جعجعة من هنا أو هناك.

أما واشنطن التي ضعف دورها كقوة عظمى وحيدة في العالم بعد الصعود الروسي والصيني، فيقودها رجل يرأس من دون أن يحكم المنظومة العميقة، ويفتقر إلى رؤية واضحة لسياسته الخارجية المبنية على الارتجال والعشوائية، إضافة إلى فريق عمله غير المختص في العلاقات الدولية المعقدة. فهو، أي ترامب، قد نكث بوعوده لجهة إنهاء الحروب في أوكرانيا وغزة، وانصاع لطلبات اللوبي اليهودي، وقصف دولة ذات سيادة، منتهكاً القانون الدولي، مدعياً ـ كذبا و/أوجهلاً ـ بأنه قضى على نووي إيران العسكري غير الموجود أصلاً والذي لم يكن إلا سلمياً وباعتراف الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية.

في الخلاصة، لم يتغير أي شيء جدي في الملف النووي، لا بل على العكس، فإن نتنياهو يدرك بأنه لم يحقق أي من أهدافه حتى الآن، ونواياه تجاه طهران ما زالت هي هي، أي أنه عندما يلملم جراحه سيقوم ربما بضربة أخرى خاصة، وأن أميركا ستشاركه إياها إذا ما فعل، وهذا هو الأرجح للذي يتابع تصريحات شخص مثل ترامب لا يعرف ماذا يريد أصلاً، وذلك ما يؤكده حتى الآن عدم تنفيذه لوعوده الانتخابية، إن كان خارجياً أم داخلياً، فملف إيران النووي سيبقى يراوح مكانه إلى أن ينكسر أحد الطرفين، إما عسكرياً أم بطريقة أخرى، والمعطيات تؤشر بأن هذا الطرف هو الذي صرخ أولاً في الجولة الأولى من القتال.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img