الإثنين, يونيو 16, 2025
spot_img
الرئيسيةSlider"برا القالب".. الفنان إنسان بالفطرة!

“برا القالب”.. الفنان إنسان بالفطرة!

spot_img
spot_img

|كريستين بو ضرغم |

 

خارج النص، تكمن حكايات لشخصيات عاشت في ذاكرتنا وعلى شاشاتنا.

سمع الممثلون حكاياتنا، وناقشوها معنا في أدوارهم. لكن ما نجهله حقاً هو أن الفنان والممثل إنسان بالفطرة، لا يمكننا أن نضعه في قالب ثابت أو أن نحده في دور أعجبنا به.
اليوم، جعلت مواقع التواصل الاجتماعي الممثلين على تواصل مباشر مع الجمهور، حيث أصبح الممثل أقرب لجمهوره من أي وقت مضى.

التعلّق بالأدوار:

نطرح هنا إشكالية تشكل عبئاً على كل من الممثلين والجمهور: أي شخصية هي الأقرب لفناننا المفضل؟ عادةً، عندما يتعلق الجمهور بدور معين أو عائلة في مسلسل، تصبح مساحة الأمان التي يبحث عنها الفرد مرتبطة بشكل مباشر بالأشخاص الذين يجسدون هذه الشخصيات. لكن في الواقع، هؤلاء الأشخاص منفصلون تماماً عن تلك الشخصيات التي قاموا بتجسيدها، وهذا قد يؤدي إلى صدمة عاطفية لدى المشاهد عندما يتضح له التباين بين الواقع والتمثيل.
الدور الناجح.. هل يحد من تجديد الفنان؟

لا يمكننا نكران أن لبعض الممثلين صلة بالصورة العامة التي وضعها لهم المشاهد، ولكن السؤال هنا: هل يحد هذا التعلق المفرط بالشخصية من إبداعهم؟
أخصائية نفسية ذكرت أن الفرد منا يتماهى مع شخصيات المسلسلات، كما يتماهى الأطفال مع صورة أهاليهم، وهذا يفسر التعلق بالشخصية. وأضافت أن هذا التعلق قد يؤدي إلى مشاعر الحزن والاكتئاب في حال عدم تأكد الجمهور من ظنهم بالممثل.
على سبيل المثال، نذكر الممثل باسم ياخور الذي قدم أدواراً كوميدية قريبة من الناس مثل دور “جودي” في مسلسل “ضيعة ضايعة”، أو الممثلة أمل عرفة بدور “دنيا” في مسلسل “دنيا”. هذه الشخصيات دخلت البيوت العربية وأصبحت جزءًا من ذاكرة الكثيرين. ومع ذلك، قد تكون هذه الشخصيات بعيدة تماماً عن شخصياتهم الحقيقية كأفراد في المجتمع.
في هذا المثال، استطاع كل من الفنانين السابق ذكرهما التألق بأدوار أخرى، مع الحفاظ على محبة الجمهور للدور الذي طبع في قلوبهم.

“شخصيات.. وهم”

إذاً، الأدوار التي عاشت في ذاكرتك قد تكون مجرد وهم! في مسلسلات رمضان الماضية، تعلق الجمهور بشخصيات عاشت معهم طوال 30 يوماً أو أقل، رافقتهم في ليالي السمر. في هذا السياق لا بد أن نذكر مسلسل “نسمات أيلول” الذي جسد صورة للعائلة المثالية بمشاكلها كافة، وحقق نسب مشاهدة عالية ويعود السبب في ذلك إلى حالة الدفء والألفة التي نقلها للجمهور. هذا الإطار العام كان قريبًا للجمهور، حيث وصلت مشاعر الشخصيات إلى قلوب المشاهدين حتى تيقن البعض أن الشخصيات كانت موجودة في حياتهم الواقعية.

وفي مسلسلات مثل “بالدم” و”لام شمسية”،حيث كانت الشخصيات شبه عائلة للجمهور، حملوا همومهم وشاركوا قصصهم، فمن المحتمل ربط التعلق هنا بالصورة المثالية للدور الذي لعبته كل من ماغي بوغصن بشخصية “غالية”، وأمينة خليل بشخصية “نيلي”، وبرغم إختلاف الجنسيات والرابط الجغرافي، كانت القضايا الإجتماعية والحالات التي جسدت هي الدافع الأقوى لتعاطف الجمهور الواحد مع الـ”كاركترات”.
لكن السؤال هنا: ماذا لو لم تتطابق الشخصيات التي رسخت في مخيلتك مع الشخصيات الحقيقية؟ كيف ستعاود تشكيل القالب من جديد؟

“صناعة القالب.. تبدأ بخطوة”

أشار الممثل الشاب منير شليطا أشار إلى أن الوقت المحدود بالانتاج لصناعة دراما لبنانية أدى إلى وضع الممثلين في قالب فني ثابت وشخصية واحدة، وذلك بسبب صعوبة صناعة شخصيات جديدة. وقال: “عندما يبدع الممثل في دور معين، يتفاعل معه الجمهور بغض النظر عن نوع التفاعل، سواء كان إيجابيًا (حب الشخصية) أو سلبياً (الكراهية لشخصية شريرة مثلاً)”.
وأضاف شليطا، أن أبسط ما يمكن أن يفعله الممثل هو تغيير مظهره الخارجي، كما فعلت الممثلة كارول عبود في السنوات الأخيرة، أو الممثلة سينتيا كرم بمسلسل “بالدم”. هذا التغيير قد يساعد الجمهور في الفصل بين الشخصيات المختلفة.

“عاش الدور”

كما أشار شليطا إلى أنه يجب على الممثل رفض الأدوار المشابهة، لأن ذلك يساعد في منع تكرار القولبة التي قد تؤثر سلباً على إبداعه. ومع ذلك، يواجه الممثلون مشكلة أخرى: كثرة الممثلين وقلة الأدوار المتاحة، مما يضطر البعض منهم إلى قبول بعض الأدوار على مضض.

في اللحظة التي تتعلق فيها بشخصية من مسلسل شاهدته مراراً وتكراراً، قد تظل مشاعرك غير واضحة أحيانًا، بسبب الفرق بين ما يعكسه الممثل على الشاشة وما يحمله من حياة حقيقية وراء الكواليس. تذكر أن الممثل في النهاية يخلع قناعه خلف الستار، ويعيش حياته بفطرته الطبيعية كإنسان.

“نهاية مشهد”

قد لا تعجبكم نهايات الدراما المتلفزة،المسرحيات والأفلام، لكن الحياة الخاصة للممثل ليست عرضة للتقييم اللاذع من قبل المشاهدين أو النقاد. كون الشخص ممثلًا، لا يضعه في معزلة عن الحياة الاجتماعية أو عن ممارسة حقه في العيش بشكل طبيعي، بعيدًا عن ضغوط الجمهور.

نخلص إلى فكرة بسيطة: القالب الذي نصنعه للفنان يعكس رغباتنا وتوقعاتنا قد يعجب الممثل بهذا القالب ويتعايش معه، وقد يرفضه ويسعى لتغيير الصورة التي رسمها له الجمهور.
في النهاية، يبقى الممثل إنسانًا يختار كيف يعيش شخصيته الفنية وحياته الخاصة.

spot_img
مقالات ذات صلة
spot_img