الإثنين, يونيو 16, 2025
spot_img
الرئيسيةSliderنزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان ضمن "خطة السيادة"؟

نزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان ضمن “خطة السيادة”؟

spot_img
spot_img

| ناديا الحلاق |

تُعد المخيمات الفلسطينية في لبنان من أبرز القضايا الأمنية والسياسية الشائكة التي تلقي بظلالها على الاستقرار الداخلي للدولة. فرغم أنها ملاذاً لعشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، فإنها تشهد واقعاً معقداً يتمثل في انتشار السلاح ووجود فصائل مسلحة خارج إطار الدولة، ما يجعلها بؤراً قابلة للاشتعال في أي لحظة، ويشكّل تهديداً دائماً للأمن اللبناني ويزيد من احتمالات الانزلاق نحو أزمات أمنية وإقليمية خطيرة.

ورغم الجهود الأمنية المتواصلة، تظل قضية نزع سلاح المخيمات محورية وتتطلب قراراً حازماً من السلطات اللبنانية لحماية السيادة الوطنية ومنع التفلت الأمني، خصوصاً في ظل الضغوط المتصاعدة داخلياً وخارجياً. وهنا يبرز سؤال جوهري: كيف يمكن فرض سلطة القانون داخل هذه المخيمات من دون زعزعة الاستقرار الداخلي للبنان؟

الفوضى الأمنية: السلاح يعزز الصراعات

السلاح المنتشر داخل المخيمات لا يشكّل فقط تهديداً للدولة، بل يُزكّي أيضاً النزاعات بين الفصائل الفلسطينية نفسها. فالصراعات المسلحة، كما شهدنا في مخيم عين الحلوة، تكرّرت بشكل دموي وأدّت إلى سقوط ضحايا مدنيين، ما حوّل بعض المخيمات إلى ساحات اشتباك دائم. هذه المواجهات تقوّض عمل الأجهزة الأمنية اللبنانية، خصوصاً في ظل تداخل بعض المخيمات مع الأحياء السكنية المجاورة، ما يضاعف من حدة التوتر ويثقل كاهل الدولة أمنياً ولوجستياً.

وفي هذا السياق، أكد مصدر أمني لموقع “الجريدة” أن سلاح المخيمات يساهم في تأجيج الأزمات الأمنية في لبنان ويشكّل تهديدًا مباشرًا للاستقرار، خصوصاً في المناطق المحيطة بهذه المخيمات. لذا، أصبح نزعه أولوية لحماية الأمن والسيادة اللبنانية.

المخيمات.. مناطق خارجة عن القانون

واعتبر المصدر أن أحد أبرز التحديات يتمثل في الخرق المستمر للسيادة الوطنية، إذ تتصرف بعض المخيمات كأنها خارج سلطة الدولة. حيث أن الفصائل المسلحة التي تُدير هذه المناطق تفرض سلطتها على السكان، في مشهد يشبه الدويلات المصغّرة داخل الدولة، وهو ما يخلق بيئة خصبة للفوضى ويضعف هيبة الدولة أمام مواطنيها.

تداعيات تتجاوز الداخل: خطر إقليمي متنامٍ

ولا يقتصر خطر السلاح في المخيمات على الداخل اللبناني فقط، بل يمتد ليشمل الأبعاد الإقليمية. فمع تصاعد التوترات في المنطقة، باتت بعض هذه المخيمات نقاط عبور للفصائل المسلحة، ما يفتح الباب أمام تدخلات خارجية تهدد الأمن الإقليمي، وتضع لبنان في مرمى تداعيات إقليمية لا يحتملها.

مصدر أمني آخر قال لموقع “الجريدة” إن “المجتمع الدولي بدأ يضغط بشكل متزايد على لبنان لتحقيق الاستقرار الداخلي، وهو ما يتطلب فرض السيطرة على السلاح داخل المخيمات، حيث أن التقارير الدولية تشير إلى أن الأسلحة غير الشرعية تعزز من خطر الإرهاب وتزيد من تهديدات الأمن الإقليمي”.

وفي هذا الإطار، يصبح نزع السلاح من المخيمات أولوية لا مفر منها، لأنه رغم البُعد الإنساني العميق للقضية الفلسطينية، فإن استمرار وجود الفصائل المسلحة داخل المخيمات يُقوّض مبدأ سيادة الدولة اللبنانية ويعطّل استقرارها. إذ لا يمكن لأي دولة أن تقبل بوجود جماعات مسلحة فوق القانون، تعمل بمعزل عن مؤسسات الدولة وتفرض سلطتها بالسلاح.

من هنا، فإن تبنّي الدولة اللبنانية لسياسة حازمة تجاه هذا الملف لم يعد خياراً سياسياً، بل ضرورة وطنية لحماية أمنها الداخلي وصون سيادتها.

لكن على الرغم من وضوح الحاجة إلى نزع السلاح، لا يزال تنفيذ هذا المشروع يواجه تعقيدات كبيرة على الأرض. فبعض الفصائل الفلسطينية تعتبر السلاح جزءاً من “حق المقاومة”، ما يصعّب التوصل إلى توافق وطني حول هذه المسألة. كما تُفاقم الانقسامات السياسية الداخلية هذا التحدي، وتضعه في مهب التجاذبات المحلية والإقليمية.

إلا أن تجاوز هذه العقبات يتطلب إرادة سياسية موحدة، وتنسيقاً فاعلاً بين الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي، مع مراعاة الحقوق الإنسانية للاجئين ضمن إطار قانوني يُحافظ على الأمن ويمنع الانفجار.

وفي النهاية، نزع السلاح من المخيمات الفلسطينية في لبنان ليس مجرد قرار سيادي، بل خطوة حتمية لحماية الأمن الوطني والاستقرار الداخلي. فاستعادة هيبة الدولة تتطلب فرض القانون على جميع أراضيها دون استثناء، بالتوازي مع جهود إنسانية تحترم كرامة اللاجئين وتكفل حقوقهم. ومن خلال تعاون داخلي متماسك ودعم دولي جاد، يمكن للبنان أن يتقدم خطوة نحو مستقبل أكثر استقراراً وأمناً.

spot_img
مقالات ذات صلة
spot_img