ما بعد الانتخابات: مواجهة بين حوار “باريسي” و”انتفاضة” الضاحية

/ هبة علّام /

كما ينتظر اللبنانيون الاستحقاق الانتخابي في 15 أيار الحالي، ليتعرّفوا إلى المشهد السياسي الذي ستكون عليه السلطة في المرحلة المقبلة، بعد كل التحوّلات والانهيارات خلال الأعوام الماضية، ينتظر الغرب نتائج هذه الانتخابات التي ستعكس توازن القوى السياسية في الواقع اللبناني، وما إذا كانت ستتأثّر شعبية “حزب الله” وحلفائه، تحديداً بعد حراك 17 تشرين.

لذلك، العين اليوم على مرحلة ما بعد هذه الانتخابات، والتي ـ على ما يبدو ـ ستعكس مشهداً مختلفاً كلياً، لاسيما إذا استمرّ الواقع الانتخابي على ما هو عليه اليوم، أو حتى إذا تغيّر.

مصادر مطلّعة أكدت هذه الأجواء، والتي تصبّ في مشهد جديد، قد يُشبه ما عُرف بـ”المؤتمر التأسيسيّ”، وقد يكون لبنان أمام تغيير للنظام، أو تعديل للنظام الحالي، أو توازنات جديدة في الإدارة الفعلية للبنان، كأن يصبح “حزب الله” صاحب اليد العليا في إدارات الدولة مثلاً، أو أن تتولّى إحدى الدول العربية الملف اللبناني.

ولفتت المصادر، لموقع “الجريدة”، إلى أن القوى السياسية اللبنانية ذاهبة للحوار حول هذا الأمر في مرحلة ما بعد الانتخابات، وهذا ما تعمل عليه فرنسا المقتنعة تماماً بضرورة فتح طاولة البحث حول النظام السياسي في لبنان، للاتفاق على رؤية جديدة له، لأنها تعتبر أن انهيار البلد يشكّل خطراً على مصالحها في شرق المتوسط، ولهذا ستسعى فرنسا إلى عقد “حوار باريسي” للقوى اللبنانية.

انطلاقاً من ذلك، فإن مشهد ما بعد الانتخابات ينقسم إلى إرادتين مختلفتين:

  • الأولى إرادة غربية، فرنسية ـ أميركية، تتمثّل بضرورة إيجاد نظام سياسي لإنقاذ البلد، ولكن على طريقتهم، بالتزامن مع سير الأمور في سياق واحد متعلّق باستمرار شكل ومضمون الحكومة الحالية التي يرأسها نجيب ميقاتي، فتشبهها بمهامها، ولو احتوت وزراء سياسيين، لتُكمل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومفاوضات الحدود البحرية.
  • الثانية، تتمثّل برؤية “حزب الله” وحلفائه، خصوصاً “التيار الوطني الحرّ”، لطريقة الحكم في المرحلة المقبلة. وبحسب المصادر نفسها، فإن حزب الله والتيار ذاهبان للتعاطي بأسلوب جديد في إدارة السلطة، خصوصاً إذا كانت نتائج الانتخابات لصالحهم، أي بأكثرية مريحة، بغض النظر عن العدد، وهو ما يبدو واضحاً حتى اليوم نسبةً للتوقعات لواقع الناخبين والتحالفات.

بالتالي، إن أداء الحزب سيكون مختلفاً تماماً عن العهود الماضية لجهة التعاطي مع الإدارة السياسية. لذلك، فإن مشروعه، بالتكاتف والتضامن مع الحلفاء، سيكون انتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة من حلفهم، لتصويب الأداء الحكومي والسياسي، على عكس ما تعمل عليه كل من فرنسا وأميركا. وهذا يعني أنّ “حزب الله” سيمارس دوره، هذه المرّة، وفقاً لحجمه السياسي والتمثيلي، بصورة فعليّة، في الاستحقاقات المقبلة، وممارسة سلطته المكرّسة انتخابياً.

قراءة حزب الله للتطورات الإقليمية، دفعته، بحسب المصادر، إلى بدء مناقشة كل هذه التصوّرات مع الحلفاء تمهيداً للمرحلة المقبلة، وكان بدايتها الإفطار الذي جمع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ما يعكس نيّة الحزب التخلّي عن فترة الصمت والترقّب التي أثارت تململاً داخل بيئته، والدخول ربما في مرحلة المواجهة.

هنا قد تُطرح تساؤلات عدّة، أهمّها: هل تسلُّم “حزب الله” مقاليد الحكم بهذا الشكل، سيدفعه إلى خيارات أخرى، كإيقاف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والبحث في حلول بديلة وفرض شروطه؟

هذه الاشكالية استبعدتها المصادر، انطلاقاً من قناعة الحزب بعدم افتعال أي مواجهة في البلد، ولو كان هو الطرف الأقوى فيها، مشيرةً إلى أنّه بالرغم من أنّ “حزب الله” يسعى لحكومة رئيسها من حلفه، لكنّه غير مصرّ على الأمر في حال سبّب ذلك تعطيلاً كبيراً للبلد.

هذه المعطيات السياسية، تُفيد بأننا بعد الانتخابات أمام اشتباك سياسي من نوع جديد، ريثما تنضج كل تلك التسويات والتفاهمات، سواء على القاعدة الغربية، أو على قاعدة الأكثرية النيابية التي ستجدّدها شرعية الناخبين.