| غاصب المختار |
ارتفعت مؤخراً المواقف الداخلية والخارجية حول حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، مع اختلاف النبرة والتوجه بين مقاربة الرئيس جوزاف عون للملف وبين مقاربة القوى السياسية التي تعتبر أن الموضوع محصور فقط بسلاح “حزب الله” والفصائل الفلسطينية، في تلبية واضحة للمطالب الأميركية والإسرائيلية التي لا تتعلق بمصلحة لبنان وتحقيق استقراره المطلوب، بل تتعلق بمصلحة الاحتلال الإسرائيلي أولاً وأخيراً في نزع كل عناصر القوة والقدرة على مواجهة الاحتلال والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
وما ينطبق على لبنان في موضوع “حصرية السلاح بيد الدولة”، بات مؤخراً ينطبق على سوريا، لجهة طلب السلطات الجديدة سحب سلاح كل القوى غير الرسمية، ومنها سلاح الفصائل الدرزية، وهو الأمر الذي أدى إلى توترات أمنية خطيرة في مناطق الانتشار الدرزية، بعد التوترات التي شهدها الشمال والغرب السوريين بين قوى السلطة الجديدة وفصائل العلويين، وهو ما تبلغه وليد جنبلاط من الرئيس السوري أحمد الشرع.
وكما تقوم قوات الاحتلال يومياً بالاعتداء على لبنان، باتت تقوم يومياً بالاعتداء على سوريا، تحت ذريعة منع أي استهداف لقوات الاحتلال في البلدين، ولكن الهدف واحد وهو تجريد الحركات والفصائل الشعبية والأحزاب، في لبنان وسوريا، من عناصر قوة المواجهة مستقبلاً. لذلك، تمارس الإدارة الأميركية السياسية، بالتوازي مع الإدارة العسكرية الصهيونية، الضغوط على حكومتي لبنان وسوريا لحصر السلاح بيد الدولة. حتى أن المواقف التي يطلقها الجانبان الأميركي والإسرائيلي والرسائل التي يوجهانها للبلدين حول الموضوع، تكاد تكون نسخة طبق الأصل.
ولهذا، تربط الإدارة الأميركية الاستقرار في لبنان وسوريا بالاستقرار في الكيان الإسرائيلي. ولهذا تدعم هذه الإدارة بقاء الاحتلال في البلدين وشن الاعتداءات عليهما لتدمير كل القدرات العسكرية والمدنية، على أمل الرضوخ والاستجابة للمطلب، ولو كلّف نزيفاً داخلياً وحروباً وانقسامات فيهما. والأمر ذاته ينسحب على اليمن الذي يتعرض يومياً لعشرات الغارات الأميركية بهدف منعه من استهداف الكيان الإسرائيلي ونصرة فلسطين وأهلها.
لكن، بالمقابل، ثمة منطق يقول إن سحب السلاح من المقاومة في هذه الظروف والمعادلات القائمة، يُمثّل استسلاماً لمشروع الاحتلال وإضعافاً للموقف الرسمي اللبناني بمواجهة أطماع ومشاريع الاحتلال الإسرائيلي، قبل التوصل إلى إنهاء الإحتلال وإنجاز التفاوض على تثبيت الحدود البرية وتطبيق اتفاق الهدنة لعام 1949، بما يضمن وقف الحروب والاعتداءات وتحقيق الاستقرار. وعدا ذلك لا شيء يضمن أن توقف “إسرائيل” اعتدءاتها وتوسعها وطرح مزيد من المطالب والشروط.
وعلى ذلك، لا يمكن للبنان البحث في مصير السلاح قبل إنهاء الاحتلال وتثبيت الحدود البرية مع فلسطين المحتلة وتكريس سيادة الدولة على كل أراضيها، وبعدها يمكن للدولة اللبنانية وللأطراف السياسية البحث، تلقائياً، ومن دون “جميلة ونصائح وتهديدات وضغوط ” أميركا وغيرها، في مصيرالسلاح وحصره بيد الدولة، وعودة انتظام الحياة السياسية والحزبية والعامة في إطار الدولة.














