الجمعة, ديسمبر 5, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداثالفاتيكان.. تاريخ الدولة الأصغر في العالم!

الفاتيكان.. تاريخ الدولة الأصغر في العالم!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

تعود تسمية “الفاتيكان” إلى مستوطنة “إتروسكية” في شبه الجزيرة الإيطالية التي تسمّى “فاتيكا” أو “فاتيكوم”.
تعد مدينة الفاتيكان أصغر دولة مستقلة في العالم، حيث لا تزيد مساحتها عن 44 كيلومتر مربع فقط، وتقع على الضفة الغربية لنهر التيبر.

وهي مقر القيادة الروحية لكنيسة الروم الكاثوليك في العالم، حيث يقيم بابا الكاثوليك.
وتُحيط العاصمة الإيطالية روما بأراضيها من كل الجوانب، ويشكل الكهنة والراهبات من العديد من الجنسيات جميع السكان تقريباً.

وتمتد الامتيازات الخاصة للفاتيكان خارج الحدود الإقليمية للمدينة لتشمل أكثر من 10 مبانٍ أخرى في روما، فضلاً عن قلعة “غاندولفو”، المقر الصيفي للبابا في منطقة “ألبان هيلز”، بالإضافة إلى سفارات في العديد من دول العالم.

وتشكل الأسوار التاريخية لمدينة الفاتيكان، والتي بُنيت في القرون الوسطى وعصر النهضة لحمايتها وتعزيز تحصيناتها، حدود “دولة الكهنة” باستثناء الحدود الجنوبية الشرقية في ساحة القديس بطرس (ساحة سان بيترو)، وهناك 3 مداخل فقط من بين مداخلها الستة مفتوحة للجمهور.

وتحيط بمدينة الفاتيكان العديد من المباني المهيبة، ومن بين هذه المواقع كاتدرائية القديس بطرس، وهي موقع للحج، وقد شُيدت خلال القرن الرابع وأعيد بناؤها خلال القرن السادس عشر. وهي المبنى الأكثر روعة في المدينة فقد تم تشييدها فوق قبر القديس بطرس الرسول، وهي ثاني أكبر مبنى ديني (بعد كنيسة ياموسوكرو) في العالم المسيحي.
وتضم المتاحف والمعارض الفنية الخاصة بالفاتيكان مجموعات فنية لا تقدر بثمن.

تُحيط بالفاتيكان أسوار تاريخية بُنيت في فترة العصور الوسطى.
ونظراً لكونها “دولة” متعددة الأعراق، لا تحدد القوانين السارية في الفاتيكان لغة رسمية للدولة. إلا أن اللغة اللاتينية تعتبر اللغة الرسمية للكرسي الرسولي، وتستخدم في إصدار جميع الوثائق والمعاهدات. بينما تستخدم اللغة الإيطالية بشكل واسع في الحياة اليومية.

ويقدر عدد المنتمين للكنيسة للكاثوليكية حول العالم بنحو 1.3 مليار شخص، بحسب إحصاءات الفاتيكان، وأكثر من 40 في المئة منهم يعيشون في أميركا اللاتينية، لكن أفريقيا شهدت أكبر تزايد في عدد أفراد الكنيسة خلال السنوات الأخيرة.

ويصل عدد الكاثوليك في أميركا اللاتينية نحو 500 مليون شخص وهم يمثلون أكثر من 40 في المئة من إجمالي عدد الكاثوليك حول العالم، وهناك 4 دول في أميركا اللاتينية من بين الدول العشر الأعلى في العالم من حيث السكان الكاثوليك.

ويوجد في البرازيل أعلى نسبة من أتباع الكنيسة الكاثوليكية مقارنة بأي دولة أخرى، ويتجاوز عددهم 150 مليون شخص، بينما تضم إيطاليا أكبر عدد من الكاثوليك في أوروبا ويصل عددهم إلى 57 مليونا، في حين يوجد في الكونغو الديمقراطية أعلى عدد من السكان الكاثوليك في أفريقيا وتحتل الكونغو المركز التاسع على مستوى العالم بنحو 36 مليونا شخص.

ومنذ عام 1970، شهد انتشار الكاثوليكية نقطة تحول عالمية ناحية الجنوب، حيث تراجعت نسبة الكاثوليك الذين يعيشون في أوروبا بينما شهدت أفريقيا نمواً في عدد الكاثوليك من 45 مليونا في عام 1970 إلى 176 مليونا عام 2012. وشهدت آسيا نمواً أيضاً بلغت نسبته نحو 12 في المئة من إجمال عدد السكان الكاثوليك في العالم، أو نحو 137 مليون شخص.

تأسست الفاتيكان يوم 11 فبراير/شباط 1929، وأعلنت عن سيادتها أربعة أشهر بعد ذلك، عقب اتفاقيات “لاتران” التي تم توقيعها يوم 7 يونيو/حزيران 1929، بين الكرسي الرسولي والمملكة الإيطالية، حصلت بموجبها دولة الفاتيكان على استقلالها من إيطاليا.
تم توقيع الاتفاقيات الثلاث في قصر “لاتران” بين الحكومة الإيطالية التي كانت آنذاك تحت قيادة بينيتو موسوليني، وممثل البابا بيوس الحادي عشر الكاردينال بيترو كاسباري.

نظمت هذه الاتفاقيات العلاقة بين الفاتيكان والدولة الإيطالية، ونصّت على أن يكون الفاتيكان بحدوده الحالية، دولة مستقلة عن الدولة الإيطالية ويديرها البابا.
يتولى البابا بموجب النظام السياسي البابوي الثيوقراطي المطلق، زعامة الكنيسة الكاثوليكية ووظيفة أسقف روما. يتم انتخابه في المجمع السري، الذي يتكون من جميع الكرادلة، الذين يعرفون باسم “أمراء الكنيسة”. ويعد هذا المجمع أعلى هيئة استشارية في الكرسي الرسولي.

رغم تمتعه بصلاحيات غير محدودة في تدبير الشؤون الإدارية والسياسية والقانونية، إلا أن البابا لا يمارس أياً منها فعلياً، حيث يفوض إدارتها لرئيس وزراء دولة الفاتيكان، المنصب الذي يشغله عادة كاردينال كنسي، يعينه البابا.
منذ عام 2000 صارت اليورو العملة الرسمية لدولة الفاتيكان، وقبل ذلك كانت تستخدم عملة خاصة بها تعرف باسم “الليرة الفاتيكانية”.
يتم التعامل باليورو في الفاتيكان بأوراق نقدية وقطع معدنية، غالباً ما تحمل صورة البابا يتم سكها في مصنع صغير مخصص لذلك.

وفقا لأحدث الإحصاءات لعام 2025، يبلغ عدد سكان الفاتيكان حوالي 500 نسمة.
يتكون سكان الفاتيكان من رجال الدين والموظفين العاملين في الدولة وأفراد الحرس السويسري المكلفين بتأمين الحماية للبابا.

يحمل معظم السكان جنسية الفاتيكان، التي تمنح فقط للعاملين في الدولة وتنتهي بانتهاء عملهم، ليحملوا بعدها بشكل تلقائي الجنسية الإيطالية، كما تنص على ذلك اتفاقيات “لاتران”.
التاريخ
في عصر الإمبراطورية الرومانية، وفي القرن الأول بعد الميلاد، بنى الإمبراطور كاليغولا مسرحاً خاصا استخدمه لتنظيم مباريات وتنفيذ أعمال عنف ضد المسيحيين، وانتشرت المقابر المخصصة لدفن ضحايا الإعدام العشوائي على مساحات شاسعة أثناء فترة هذه الاضطهادات.
بعد مرسوم ميلانو عام 313 م، الذي اعترف بالمسيحية دينا رسميا للإمبراطورية الرومانية، تغير الوضع وأصبحت للمسيحيين حقوق وخصصت لهم أبنية رسمية، بما في ذلك قصر “لاتران”، الذي قدمه الإمبراطور قسطنطين لأسقف روما.
بعد ذلك شهد الموقع بناء أول كنيسة تكريما لأرواح المسيحيين، وخاصة القديس بطرس في عام 326 م.

الولايات البابوية

سيطر الفاتيكان على مناطق واسعة من شبه الجزيرة الإيطالية منذ القرن السادس، سميت بـ”الولايات البابوية”. نشأت هذه الولايات بسبب انتقال عاصمة الإمبراطورية الرومانية إلى القسطنطينية وضعف سيادتها في روما، إضافة إلى تملك الكنيسة مساحات شاسعة من الأراضي.

لم يتم تشكيل “الولايات البابوية” بشكل سلمي، بل كانت نتاجاً لقتال دام اندلع بين البابا “غريغوري الثاني” والإمبراطور “ليون الثالث”، وانتهى لصالح البابا، الذي تمكن من صد هجوم الإمبراطورية الرومانية المقدسة وأبرم اتفاقاً يضمن حياد الكرسي الرسولي، مما أدى إلى استقلال الولايات البابوية فعلياً.

انهارت العلاقات بين الدولة البابوية والإمبراطورية الرومانية المقدسة في القرن الثامن، إذ شجع البابا “ستيفان الثاني” القائد الفرنسي “ببيان القصير” على خلع ملك فرنسا وتوجه “ببيان” إلى الشمال الإيطالي وبدأ حرباً ضد الإمبراطورية.
في القرن الحادي عشر دعا البابا “أوربان الثاني” إلى الحملات الصليبية، مما زاد من هيبة البابا السياسية.

ولم تكن الدولة البابوية قوية مركزياً في القرنين التاسع والعاشر، فشهدت جدالاً بين البابوات وأباطرة الإمبراطورية الرومانية المقدسة حول زعامة العالم المسيحي استمر لفترات طويلة من الزمن.

بلغت هذه العلاقة ذروتها حين خلع الإمبراطور “أوتو” البابا “يوحنا الثاني عشر” وخليفته “بيندكت الخامس”، مما أدى إلى انقسام البابوية في القرن الرابع عشر إلى قسمين، أحدهما في روما والآخر في مدينة أفنيون جنوب فرنسا.
في الفترة بين عامي 1305 و1417م، اتخذ بعض البابوات مدينة أفنيون مقراً لهم، بينما ظل الآخرون في روما. وكان بابوات روما تحت سيطرة الأباطرة الرومانيين، مما أضعف موقعهم.

رغم أن الولايات البابوية لم تحتل، إلا أنها أصبحت تابعة للإمبراطورية الرومانية المقدسة. شهدت تلك الفترة محاولات إصلاحية محدودة، أبرزها صدور “دستور الولايات البابوية” عام 1357.

حاول بعض بابوات أفنيون العودة إلى روما، مثل البابا “أوربان الخامس”، لكن الوحدة لم تكتمل.
ابتداء من عام 1378 م، وفي ظل حالة الاضطراب المستمرة، توالت محاولات السيطرة على الكرسي البابوي، مما أدى إلى فترة من الانشقاق سميت بـ”الجدل الكبير”، الذي انتهى عام 1417 بانتخاب البابا “مارتن الخامس”، واضعاً الحد لقرن كامل من الانشقاق.

عصر النهضة
انتهت الخلافات السياسية وبدأت مرحلة جديدة من التطور الثقافي والعلمي. أسست الفاتيكان في تلك الفترة جامعات عديدة وافتتحت مكتبة الفاتيكان. وبدأت عملية بناء الفاتيكان أثناء حبرية البابا “يوليوس الثاني” واستكملها البابا “ليون العاشر” فيما بعد.

ساهمت الفتوحات في إسبانيا واكتشاف “العالم الجديد” في تأمين الموارد المالية لعصر النهضة، مما حول المدن الإيطالية إلى مراكز ثقافية جاذبة.
وطفت على السطح بعض الانتقادات الأخلاقية لبعض البابوات. كما شهدت هذه الفترة ظهور الانشقاق البروتستانتي في ألمانيا وانعقاد مجمع “ترنت” الإصلاحي، مما أدى إلى مكافحة الفساد ومأسسة الكنيسة بشكل حديث.
العصور الحديثة

كان للثورة الفرنسية ولحملات نابليون بونابرت أثر بليغ على الولايات البابوية والفاتيكان في القرن الثامن عشر. ورغم زوال هذا الخطر مع سقوط دولة نابليون عام 1816، إلا أن تنامي فكرة القومية الإيطالية أدى إلى إعلان المملكة الإيطالية الحرب على الفاتيكان عام 1870، واجتاحت القوات الإيطالية أراضي الولايات البابوية وفرضت الحصار على روما، مما أدى إلى ضم الدولة البابوية إلى المملكة الإيطالية.

استمرت العلاقة بين الفاتيكان وإيطاليا بشكل غير منظم قانوناً حتى عام 1929 حين أبرمت اتفاقيات “لاتران” التي نظمت التعاون بينهما.

الاقتصاد
يتفرد اقتصاد الفاتيكان بخصائص لا توجد في أي دولة أخرى في العالم، فالقطاع الاقتصادي فيها غير تجاري، إذ تستخلص مداخيل الدولة من مساهمات تُعرف باسم “بنس بطرس” تدفعها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية حول العالم، إضافة إلى أرباح بيع الطوابع البريدية والتذكارات السياحية، ورسوم دخول المتاحف، وبيع المطبوعات.

تتولى لجنة “الدائرة العادية لأملاك الكرسي الرسولي” إدارة الشؤون المالية، وتتمتع بسلطة شبه مطلقة، وهي لجنة تتألف من كرادلة ومستشارين ماليين وإداريين.

كما تدير لجنة أخرى تسمى “الدائرة الخاصة” الأموال التي دفعتها المملكة الإيطالية للكرسي الرسولي في عام 1920 بموجب اتفاقيات “لاتران”، مقابل تنازل البابا عن أراضيه للدولة الإيطالية.

في ذلك الوقت، بلغت قيمة هذه الأموال مليار ليرة إيطالية في شكل سندات و750 مليون ليرة نقداً، وتم إيداعها في ثلاثة بنوك في بريطانيا وسويسرا ومعظمها في الولايات المتحدة الأميركية. يتم الصرف من فوائد رأس المال فقط، وليس من رأس المال نفسه.

في الفاتيكان، يُمنع العمل التجاري والإعلانات، مما يجعل أسعار السلع أرخص من روما نظرا لعدم وجود جمارك.
تدير الفاتيكان مصنعاً صغيراً لإنتاج الفسيفساء وآخر لصناعة التذكارات الدينية والسياحية. وتؤمّن إيطاليا حاجات الفاتيكان من الكهرباء والمياه، لأنه لا يوجد فيها أي مركز لتوليدها.

ويوجد في مدينة الفاتيكان نظام هاتف خاص بها، ومكتب بريد، وحدائق، ومرصد فلكي، ومحطة إذاعية، ونظام مصرفي، بالإضافة إلى فرقة من الحرس السويسري المسؤولة عن السلامة الشخصية للبابا.

والحرس السويسري البابوي هو أقدم وأصغر جيش نظامي في العالم ما زال قائماً حتى اليوم.
تأسس عام 1506 بأمر من البابا يوليوس الثاني لحمايته الشخصية، ومنذ ذلك الوقت يتولى أفراد الحرس مهمة تأمين الفاتيكان ومرافقة البابا في تنقلاته.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img