تراجع مؤشر يقيس أداء الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى له خلال 5 شهور، إذ استعد المضاربون لتأثير الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على الاقتصاد.
الرسوم الجمركية
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء، أنه سيفرض رسوماً جمركية لا تقل عن 10% على جميع الدول المُصدرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، مع فرض رسوم أعلى على نحو 60 دولة لمواجهة العجز التجاري الكبير الذي تعاني منه البلاد. ردت كندا بالإعلان عن اتخاذ تدابير مضادة، بينما تعهدت الصين أيضاً بالرد “الانتقامي”.
حيث تهدد هذه الرسوم الجمركية، التي جاءت أقسى من المتوقع، برفع الأسعار على بضائع بتريليونات الدولارات التي تستوردها الولايات المتحدة الأميركية سنوياً. كما انخفضت العقود المستقبلية للأسهم الأميركية بنحو 3%، متجاوزة الخسائر التي تكبدتها الأسهم الصينية، رغم أن العديد من البضائع الصينية تواجه رسوماً جمركية تتجاوز 50%.
وقال رئيس وحدة استراتيجية الصرف الأجنبي في بنك “ناشيونال أستراليا بنك” (National Australia Bank) راي أتريل: “تصاعد المخاوف بشأن تباطؤ النمو الأميركي بسبب الرسوم الجمركية، إلى جانب الانخفاضات المستمرة في الأسهم الأميركية، أدى لفقدان الدولار الأميركي لدعمه التقليدي بوصفه ملاذاً آمناً وعملة احتياطية”.
وأدى تراجع الدولار الأميركي إلى انتعاش واسع النطاق للعملات الأخرى. حيث ارتفع الجنيه الإسترليني 0.8% ليصل إلى 1.3115 دولار أميركي، في أقوى مستوى له منذ تشرين الأول الماضي. كما ارتفع الين الياباني والفرنك السويسري بأكثر من 1%.
أسعار الفائدة
انعكست المخاطر التي تواجه الاقتصاد الأميركي أيضاً على توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وهو ما قد يزيد من الضغوط التي تدفع الدولار نحو التراجع. وأشارت عقود المقايضات المرتبطة بمعدل الفائدة لليلة واحدة إلى احتمال بنسبة 84% لخفض الفائدة بحلول جزيران المقبل، مقارنة بـ76% الأربعاء. في الوقت ذاته، انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لتقترب من 4%.
وأردف أتريل: “الأسواق تراهن على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيتحرك بشكل أسرع مما يوحي به خطابه الحالي، إذ يُنظر إلى تباطؤ النمو الأميركي – خاصة إذا ترافق مع ارتفاع معدلات البطالة- على أنه عامل حاسم يفوق تأثير التضخم في الولايات المتحدة الناتج عن الرسوم الجمركية، ما قد يدفع البنك المركزي إلى تيسير سياسته النقدية بوتيرة أسرع مما تشير إليه بياناته الحالية”.
وأضاف أنه “في حال كانت توقعات السوق صحيحة واستمر تراجع العوائد الأميركية، فإن هناك مجالاً كبيراً لمزيد من الهبوط في قيمة الدولار الأميركي خلال الأشهر المقبلة”.
العلاقات التجارية الثنائية
أشار خبراء استراتيجيين من بنك “دويتشه بنك”، من بينهم جورج سارافيلوس، إلى وجود تناقض بين النتيجة الحالية والتصريحات الأخيرة التي ألمحت إلى إجراء تقييم معمق للعلاقات التجارية الثنائية.
وكتبوا في مذكرة للعملاء جاء فيها: “نحن نركز بالكامل على الطريقة التي ترى بها الأسواق آفاق النمو النسبي والسياسات المالية بين الولايات المتحدة الأميركية وبقية العالم، إضافة إلى التصورات العامة حول مصداقية السياسة النقدية. تقييمنا لتدفقات الأخبار حتى الآن يشير إلى أن الدولار الأمريكي في اتجاه هبوطي”.