لبنان بين نيران الأزمات: إلى أين؟

| فرح سليمان |

لطالما كانت تداعيات الأزمة السورية بمثابة اختبار حقيقي لاستقرار لبنان، حيث لم تنحصر آثارها داخل الحدود السورية، بل امتدت لتترك بصمتها العميقة على المشهد اللبناني، فمنذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، مرورًا بالتحولات السياسية والأمنية التي أعقبتها، بات لبنان في قلب معادلة إقليمية معقدة.

وفي ظل غياب استراتيجية واضحة للتعامل مع أزمة النزوح السوري، تصاعدت المخاوف في لبنان تدريجياً جراء النزوح باتجاه لبنان هربًا من النزاع الطائفي والقتال الداخلي.

وكانت بلدة عكار في الشمال اللبناني، نقطة استقبال رئيسية للاجئين السوريين، فقد شهدت تدفقًا جديدًا للأعداد الكبيرة من النازحين الذين قدّر عددهم بنحو عشرة آلاف شخص في بعض المناطق، كما أن هذا النزوح شمل مناطق أخرى مثل جبل محسن في طرابلس، والبقاع الشمالي الذي أصبح في الآونة الأخيرة منطقة أخرى يمر عبرها النازحون هربًا من الحرب.

بين الهواجس الأمنية والتحديات الاقتصادية

وفي هذا السياق، أكد النائب عن المقعد العلوي في دائرة الشمال الثانية حيدر ناصر أن النزوح السوري لا يشكّل في الوقت الحالي تهديدًا أمنيًا مباشرًا، مشيرًا إلى أن التواصل مستمر بين مختلف الطوائف في عكار، ولا وجود لتوتر عام “سني علوي”، لكنه لفت إلى حالة التفلت الأمني في طرابلس، محذرًا من احتمال استغلال “طابور خامس” لهذا الوضع، لا سيما في ظل انتشار السلاح في بعض المناطق.

وأضاف ناصر أن الجهات الأمنية تتابع المستجدات عن كثب، موضحًا أنه على تواصل مع قيادات أمنية بارزة، بينها المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد بيسري، وقائد منطقة الشمال في قوى الأمن الداخلي العميد يوسف شقير، إضافةً إلى مخابرات الجيش.

وأكد أن هناك تجاوبًا واضحًا من قبل الأجهزة الأمنية، و”لا توجد مؤشرات حالية على تحركات غير طبيعية في المنطقة قد تكون مرتبطة بالأحداث السورية”.

بدوره، بدا رئيس اتحاد بلديات عكار محمد علي حسين، مترددًا في تصريحه حول الأوضاع في المنطقة، مكتفيًا بالقول: “لا يوجد أي توتر أمني في المنطقة، وللآن الوضع مستقرّ”، بحسب حديثه لموقع “الجريدة”.

وأوضح أن هناك “تواصل وتنسيق مستمر مع الجيش، ولم يتم تسجيل أي اضطرابات أمنية.

وأفاد أن عدد النازحين بلغ أكثر من عشرة آلاف نازح، لكنه رفض إعطاء أي تفاصيل إضافية حول طبيعة الوضع الأمني أو تأثير النزوح على المنطقة.

في غضون ذلك، أفاد التقرير اليومي الصادر عن غرفة إدارة الكوارث في محافظة عكار، برئاسة المحافظ عماد اللبكي، بأن أكثر من 1000 نازح جديد وصلوا إلى البلدات والقرى اللبنانية الحدودية، حيث تم توزيعهم على المنازل ومراكز الإيواء المتاحة.

ومع استمرار تدفق النازحين، تبقى الأنظار متجهة إلى مدى قدرة الجهات المعنية على استيعاب هذه الأعداد المتزايدة، وسط ظروف اقتصادية وأمنية دقيقة تعيشها البلاد، في وقت تبدو فيه الحلول بعيدة المنال.
فهل يستطيع لبنان أن يحافظ على استقراره في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة، أم أنه سيظل أسيرًا لتداعيات الأزمات التي تحيط به؟