تعرفات “الضمان” عادت!

| ناديا الحلاق |

يعتبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الركيزة الأساسية لحماية الحقوق الاجتماعية للأفراد في لبنان، فهو يهدف إلى تأمين الرعاية الصحية والتعويضات الاجتماعية للعمال والمواطنين.

ورغم أهميته البالغة في دعم الاستقرار الاجتماعي، إلا أن الواقع يُظهر تحديات جسيمة تواجه هذا الصندوق، ما ينعكس سلبًا على حياة اللبنانيين الذين يشتكون من “فتات” التقديمات في ظل أزمات اقتصادية ومعيشية تلاحقهم، ما يزيد الضغط على الطبقات الفقيرة والمتوسطة للحصول على خدمات أساسية تضمن لهم العيش الكريم.

وقدمت روان عبر موقع “الجريدة” شكوى حول تغطية صندوق الضمان الاجتماعي، حيث تشعر بالإحباط بسبب التحديات التي تواجهها عند محاولة الاستفادة من خدماته.

وتقول روان التي تعرضت لوعكة صحية خلال الشهر الماضي ما اضطرها إلى زيارة أكثر من طبيب، وإجراء فحوصات مخبرية وصور أشعة وعملية منظار أنها دفعت مبلغ 1000 دولار، وعندما حاولت الحصول على تعويضات من الضمان الاجتماعي، لم تستحصل إلا على 7 ملايين ليرة لبنانية، ما زاد من إحباطها وقلقها في حال تعرضت لوعكة صحية أخرى في ظل ضعف امكانات صندوق الضمان على تغطية المستفيدين كما يجيب.

وتأمل روان أن تحصل تغييرات إيجابية في المستقبل القريب، تسمح لها ولأقرانها بالحصول على ما يحتاجونه من دعم ورعاية.

إذاً، إلى أي متى ستبقى التقديمات الصحية خجولة.. وكيف حسّن الصندوق من تقديماته الاجتماعية؟

مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركري، كشف لموقع “الجريدة” أن التقديمات الصحيّة في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، شهدت تحسينات وتطويرات ملحوظة، بدأت بشكل تدريجيّ من العلاجات والأدوية الأساسيّة لتوسّع مروحة تغطيتها في كلّ مرّة ترفد خزانة الصندوق بموارد ماليّة إضافيّة.

ولفت إلى أن هذه الورشة الإصلاحيّة بدأت باعتماد نظام العمل الجراحي المقطوع ورفع نسبة تغطية العمليات الجراحية التي تندرج تحته إلى 90%.

وتابع: “ساهم هذا الإجراء في استعادة الثّقة والتعاون بين الصندوق والقطاع الإستشفائي، بحيث تسمح آليّته بتسديد سلفات ماليّة على حساب معاملات الاستشفاء عن الأعمال الجراحية المقطوعة بشكل دوريّ وأسبوعي حتّى. كذلك إنجاز وصرف قيمة المعاملات المقدّمة إلى الصندوق في مهلة تتراوح بين الشهر والشهرين كحدّ أقصى”.

وفي ما يتعلّق بملف الدواء، أوضح كركي أن الصندوق رفع مساهمته في تغطية أدوية الأمراض المزمنة إلى 80%، وأدوية الأمراض السرطانية إلى 90% خارج المستشفى و95% داخل المستشفى، لتعود بذلك إلى المستويات التي كانت سائدة قبل الأزمة”.

وأوضح أن هذه الخطوة تأتي بعد تنفيذ إصلاحات هامة، تمثلت في إعادة تسعير جميع الأدوية المسجلة في وزارة الصحة العامة استنادًا إلى حبّة الدواء الأقل سعراً.

وأشار إلى أنه تمّت مضاعفة تعرفة جلسات غسيل الكلى 60 مرّة مقارنة مع قيمتها في العام 2019 بحيث أصحبت اليوم حوالي 6 مليون ل.ل، وبدل العلاج الشعاعي رفعناه 90 مليون ل.ل.، وبدل عملية تنقية الدّم من الكوليسترول APHERESIS-LDL إلى 76 مليون ل.ل”.

كذلك، وفي خطوة تهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية وضمان استمراريتها، تمّ تعديل بدل معاينات الأطبّاء لتصبح على الشكل التالي:

● 2,000,000 ل.ل. للأطباء الإختصاصيّين.
● 1,300,000 ل.ل. للأطباء العامّين.

إضافة إلى ذلك، وافق مجلس إدارة الصندوق في نهاية الأسبوع الماضي على زيادة التعرفات الاستشفائية الخاصة بالأعمال الجراحية غير المقطوعة، والتي تشمل الإقامة العادية، العناية الفائقة، العزل، بالإضافة إلى كافة الأعمال المخبرية والشعاعية، … ومن المتوقع أن تصدر القرارات التنفيذية الخاصة بهذه التعرفات الجديدة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وبناءً على ما تقدّم، وبمجرد أن يتم إصدار القرارات التنفيذية، يمكننا تأكيد أنّ الخدمات الصحية التي يقدّمها الضمان الإجتماعي قد عادت إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، مع استثناء وحيد وهو تغطية المستلزمات الطبية، والتي لا تزال تحتاج إلى تحسينات إضافية لمواكبة المستويات السابقة.

وشدد على أنه “لا يمكن أن التغافل عن دور الدولة في لعب دور محوري في هذا الإطار، وذلك عبر سبل عديدة أبرزها رفع الحد الأدنى الرسمي للأجور وزيادة الرواتب في القطاعين العام والخاص، الأمر الذي سوف ينعكس إيجاباً على إيرادات الصندوق المالية، وبالتالي تحسين قدراته على تقديم الخدمات الصحيّة والإجتماعيّة”، مؤكداً ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور إلى 450 دولار أميركي، كما كان قبل الأزمة، سيكون كافيًا لتحسين وضع الأجير وزيادة إيرادات الصندوق، لافتاً إلى أن هذا الأمر متروك للجنة المؤشر التي يرأسها وزير العمل، آملاً أن يتم الدعوة لاجتماعها قريبًا لبحث هذا الموضوع.