| غاصب المختار |
أمّا وقد نالت الحكومة ثقة وازنة من المجلس النيابي، وتشكلت بوجهها جبهة نيابية معارضة، ولو ضيقة، فإنّ أمام الحكومة رحلة شاقة خلال ولايتها الممتدة حتى الانتخابات النيابية في أيار 2026، قد تعجز خلالها عن تنفيذ تعهداتها عالية السقف لمعالجة الأزمات الضخمة، وأولها إعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي وكلفته العالية، وولوج الإصلاحات البنيوية في هيكلية الإدارة الرسمية والقطاع المصرفي، وتطبيق ما لم يُطبّق من بنود اتفاق الطائف… وهي تحديات كبرى قد تعجزعنها الحكومة، ليس لضيق الوقت فقط، بل لما قد يحصل من اختلافات سياسية حول مقاربة هذه الملفات، نظراً لإختلاف مواقف القوى السياسية منها وهي الممثلة بأكثرها في الحكومة.
لكن يمكن أن تتوسع جبهة المعارضة الضيقة، التي تضم حتى الآن “التيار الوطني الحر” وبعض النواب المستقلين الذين لم يمنحوها الثقة، وربما ينضم إليهم لاحقاً بعض النواب “التغييريين” الذين منحوها ثقة بشروط عالية رهناً بإدائها وطريقة تنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع.
وفي رأي مصادروزارية أن أولى مهمات الحكومة ستكون وضع آلية للتعيينات الإدارية، وإجراء التعيينات العسكرية والأمنية، لا سيما لمنصب قائد الجيش الشاغر والضروري ملؤه لمواكبة تطبيق آلية تنفيذ القرار 1701 وانسحاب الاحتلال من الجنوب، و”تجديد شباب” المؤسسة العسكرية بدورات تطويع ضباط ورتباء وعناصر. وقالت المصادر لموقع “الجريدة”: “إن التعيينات العسكرية ستنتظر عودة الرئيس جوزاف عون من جولته الخارجية التي تبدأ الاثنين وتشمل السعودية ومصر ثم فرنسا، لكن لاشيء يمنع انعقاد جلسة عادية لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية لبحث أمور تحضيرية إجرائية ريثما تنعقد جلسة التعيينات ويكون قد تم التفاهم عليها بين رئيسي الجمهورية والحكومة. لكن حتى اللحظة لا دعوة لجلسات ولا كلام مع الوزراء المعنيين (الدفاع والداخلية والمالية) حول التعيينات العسكرية والأمنية، علماً أن بعض المعلومات أشارت إلى توجه لتعيين مدير العمليات في الجيش العميد رودولف هيكل قائداً للجيش وقائد منطقة جنوب الليطاني العميد إدغار لوندوس مديراً عاماً لأمن الدولة.
وإذا كان تعيين قائد للجيش، وربما مدير للمخابرات، مهمة تبدو سهلة، نظرأً لإرتباط التعيين بقرار رئيس الجمهورية حصراً، فإن تعيين مديرين عامين لقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك وسواها من قوى أمنية، قد يشهد تناتشاً سياسياً وطائفياً، لا سيما مع الاعتراضات السنية على أداء رئيس الحكومة وتجاوزه آراء القوى السياسية والنيابية السنية. عدا ما يمكن ان يحصل بالتعيينات الديبلوماسية والقضائية”.
ستمر مرحلة صعبة مع بداية انطلاق عمل الحكومة يصعب التكهن في كيفية تجاوزها، بسبب ضخامة الملفات المطروحة خلال مهلة السنة وأربعة أشهرمن عمر الحكومة، لكنها مهلة كافية لوضع بعض الملفات الأساسية قيد التنفيذ، وأولها، بعد التعيينات، إنجاز موازنة العام 2025 التي قد تصدربمرسوم أو يتم سحبها لتعديلها حسبما قال وزير المال ياسين جابر لموقع “الجريدة”، وموازنة 2026. والتحضير لإجراء الإنتخابات النيابية والبلدية والاختيارية في موعدها، وتعديل قانون الانتخابات حسبما قال أيضا لموقع “الجريدة” وزير الداخلية أحمد الحجار، وإصدار بعض القوانين والمراسيم المتعلقة بإستقلالية السلطة القضائية المستقلة، وربما اللامركزية الإدارية، وتنظيم وضع الإدارة وتصحيح رواتب الموظفين.
ولكن ما لا تنفّذه “الحكومة السلامية” سيبقى عالقاً في أدراج رئاسة الجمهورية لتنفيذه في الحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات النيابية، التزاما بخطاب القسم للرئيس عون.














