الخميس, ديسمبر 11, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderجلسة الثقة.. مهرجان خطابي أم فرصة "بدل ضائع"؟

جلسة الثقة.. مهرجان خطابي أم فرصة “بدل ضائع”؟

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| فرح سليمان |

في وقت يترقّب فيه اللبنانيون تطورات الجلسة الأولى لمجلس النواب الحالي، المخصصة لنيل الثقة على أساس البيان الوزاري، يبدو أن هناك مشكلة كبيرة في الأفق تتعلق بالوقت والجدوى.
الجلسة التي ستنعقد يومَي الثلاثاء والأربعاء ستكون على ما يبدو، أكثر من مجرد موعد دستوري، لتتحول إلى مهرجان خطاب طويل وممل، ربما يمتد لأيام، ليعكس صورة أخرى عن عجز البرلمان في مواجهة الأزمات.

ومع وجود أكثر من 75 نائباً قد طلبوا الكلمة لمناقشة البيان الوزاري، يشير هذا الرقم، الذي لا يبدو أنه سيقف عند هذا الحد، إلى مشهد يعكس الترهّل السياسي، فوفقاً للنظام الداخلي للمجلس، يحق لكل نائب أن يتحدث لمدة ساعة إذا كانت مداخلاته ارتجالية، ونصف ساعة إذا كانت مكتوبة، وبحسبة بسيطة، هذا يعني أن الجلسة قد تمتد لأيام عدة.

وفي هذا السياق، طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري من النواب اختصار الكلام في جلسة مناقشة البيان الوزاري، مشيرا الى ان “75 نائبا طلبوا الكلام وبهذا الشكل الجلسة ستمتد لأسبوع”.

وأضاف :”أمامي اكثر من 75 طالبَ كلام لذلك ارتأيت أنّ الكتلة التي تتضمن 10 نواب وما فوق من طالبي الكلام فالكلام مدته ستكون نصف ساعة وإن كان أقل من عشرة فربع ساعة للشخص عن الكتلة أما الزملاء فـ5 الى 10 دقائق”.

تدل هذه الأرقام على أمرين: الأول هو أن النواب في لبنان لا يزالون أسرى لعبارة “الكلام كثير”، حيث تحوّلت الجلسات إلى منصات لعرض الخطب الرنانة، التي غالباً ما تبتعد عن جوهر المشاكل الحقيقية. والآخر هو أن هذا الكم من المداخلات يعكس عجزاً عن الوصول إلى حلول فعلية، وأحياناً يشير إلى محاولة البعض استعراض قوتهم أو كسب النقاط السياسية في مواجهة خصومهم، حتى وإن كان ذلك على حساب الوقت الذي من المفترض أن يُستثمر في اتخاذ قرارات حاسمة.

تحديات “البيان الوزاري”

في ظل الدمار الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، يبرز ملف إعادة الإعمار كأحد أهم التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، ورغم إلحاح هذا الملف بالنسبة للبنان، إلا أن التعاطي الدولي والعربي معه لا يزال في إطار المواقف الدبلوماسية والتعهدات غير المقرونة بإجراءات عملية، فحتى الآن، لم تترجم التصريحات الداعمة للبنان إلى خطوات ملموسة، مما يضع الحكومة اللبنانية أمام معضلة حقيقية في ظل غياب أي رؤية واضحة لمساعدات خارجية قريبة.

إلى جانب ذلك، لا تقتصر التحديات على إعادة الإعمار فحسب، بل تمتد لتشمل قضايا أكثر تعقيدًا مثل ملف النازحين السوريين، الذي قد يكون محور نقاش في المرحلة المقبلة، إلا أن الخطر الأكبر الذي يلوح في الأفق يتمثل في عودة الحديث عن توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خصوصًا في ظل التغيرات الإقليمية ومحاولات إسرائيل فرض واقع جديد على الفلسطينيين، قد يؤدي إلى موجات تهجير جديدة نحو دول الجوار، مما يضع لبنان أمام اختبار جديد في سياق أزماته المتراكمة.

المُسلَّم به أنّ الحكومة ما بعد الثقة التي ستنالها في مجلس النواب، ستدخل تلقائياً في امتحان الإنجاز، والشرط الأساس لنجاحها هو قدرتها على ترجمة وعودها إلى أفعال ملموسة، والانتقال من الخطاب السياسي إلى التنفيذ العملي، خصوصًا في الملفات الأكثر إلحاحًا كإعادة الإعمار، ومعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، والتعامل مع التحديات الإقليمية التي تؤثر مباشرة على الاستقرار الداخلي.

قد تكون جلسة الثقة هي لحظة حاسمة في تاريخ لبنان، ولكن إذا بقيت كما هي، ستظل مجرد حوار فارغ، يقود إلى لا شيء، وإذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن الجلسة لن تكون سوى مجرد مسرحية خطابية، تستهلك الوقت والموارد دون أن تفضي إلى حلول حقيقية، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى إجراءات سريعة وقرارات حاسمة، أصبح من الواضح أن النواب، بدلًا من أن يتحملوا مسؤولياتهم في مواجهة التحديات، يجدون في الكلام مسارًا أسهل وأكثر أمانًا سياسيًا، بعيدًا عن الأفعال.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img