| غاصب المختار |
بدأ العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية حملة تهويل سياسية وأمنية، لا سيما على الشخصيات الرسمية والسياسية، لمنعها من المشاركة في تشييع الشهيدين الكبيرين السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، معطوفة على تقارير صحافية عن “مخاوف لدى سكان بيروت المقيمين بجوار المدينة الرياضية وأن بعضهم ترك منزله أو سيتركه إلى ما بعد التشييع”، وعلى كلام أميركي على لسان السيناتور الجمهوري في الكونغرس جو ويلسون يعتبر أن “كل من يشارك سيعتبر من حلفاء ايران”، وعلى تحذيرات من سفارتي أميركا وفرنسا في بيروت لرعاياهما بالحذر وعدم التوجه إلى بيروت يوم التشييع، وعن احتمال فرض عقوبات أميركية على السياسيين والرسميين المشاركين، وكلام عن احتمال لجوء العدو الإسرائيلي إلى عمليات أمنية أو عسكرية لتعطيل أو تخفيف المشاركة الرسمية والسياسية ولا سيما الشعبية في التشييع.
يبدو من حملة التهويل هذه أن التوقعات بالمشاركة الكثيفة، وربما التاريخية، السياسية والحزبية والنقابية والشعبية اللبنانية، ومن نحو 80 دولة عربية وغير عربية، في تشييع الشهيدين، هي ما تؤرق الجهات التي تتعاطى مع “حزب الله” على أنه مهزوم ومكسور ومربك وفقد كثيراً من شعبيته، فسعت قبل موعد التشييع إلى بثّ شائعات وفبركة معلومات لتؤكد مصداقية ما تزعمه، بينما تؤكد مصادر مقربة من “حزب الله” أنه يتفهم عدم مشاركة قوى سياسية وحزبية وشخصيات وهيئات كانت ولا زالت على خصومة سياسية معه، وهو توقّع عدم مشاركتها، ولذلك لم يوجّه لها الدعوات لحضور التشييع، لكنه لا يعتبر ذلك مشكلة، فالحزب لا يتلقى دعوات من هؤلاء الخصوم للمشاركة في نشاطاتها، ولو تلقى لا يشارك فيها، أسوة بهم.
لكن، بعيداً عن تأثير هذه الشائعات والمزاعم التهويلية، يجب التوقف عند إجراءات بعض الجهات والمؤسسات الرسمية في الرضوخ للتهويل، بل التعامل مع المقاومة وجمهورها بطريقة سلبية، ويكفي للدلالة على ذلك، الرضوخ لطلب منع هبوط الطيران الايراني في مطار رفيق الحريري في بيروت، والاستفاقة المتأخرة على أن هناك عقوبات أوروبية على إيران يُخشى أن تنعكس على لبنان، بينما كان الطيران الإيراني طيلة السنوات الأخيرة يهبط ويطير من مطار بيروت، ولم يعترض أحد إلّا عندما تدخل الكيان الاسرائيلي طالباً منعه من الهبوط بحجة نقل أموال إيرانية إلى “حزب الله” وعبر مواطنين لبنانيين… ثم يتحدثون عن سيادة لبنان!
وبرغم كل هذه “البروباغاندا”، فإن “حزب الله” لا يعوّل على مشاركة رسمية أو سياسية أو حزبية واسعة، بل يُعوّل على الناس الأوفياء من جمهوره الواسع، وعلى حلفاء الداخل والخارج لخط المقاومة، والذين، بحسب المعلومات، سيحضرون من أغلب مناطق لبنان وبحضور عابر للطوائف وللكيديات السياسية وللتهويل القائم، كما أن الاستعدادات والتعبئة التي قام بها الحزب منذ قرر موعد ومكان التشييع كفيلة بتأمين حشد شعبي ضخم، هو بالتحديد ما يريده الحزب وما يهمّه، وهوما يراهن عليه ويعتبره بمثابة استفتاء على مواصلة النهج والوفاء، برغم احتمالات الخطر والغدر الاسرائيلي بالقيام بعملية اغتيال أو ضربة جوية قبل أو بعد التشييع تعكّر المشهد التاريخي.
أمّا ما بعد التشييع، فسيكون للحزب كلام آخر، وتصرف آخر، بحسب ظروف المرحلة واتجاهات المواجهة السياسية.














