| غاصب المختار |
بدا من مواقف المسؤولين الأميركيين، العلنية والواردة في التسريبات، وآخرها ما قاله مستشار الرئيس الأميركي مسعد بولس علناً وما قالته خمسة مصادر لوكالة “رويترز” بعدم إشراك “حزب الله” في الحكومة الجديدة وعدم تلبية مطالب ثنائي الحزب وحركة “أمل”، أن الإدارة الأميركية مصرّة على خلق فتنة وتوتر وانقسامات وأزمة سياسية في لبنان، تكرّس حالة الانهيار الحاصلة، برغم الانفراج النسبي بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف نواف سلام لتشكيل الحكومة الجديدة بقرار وبضغط منها وبرضاها.
ولا تقتصر الضغوط الأميركية على رغبة الرئيس سلام في تسمية أحد الوزراء الشيعة الخمسة بالحكومة “تحسباً لإحتمال استقالتهم فيبقى شيعي واحد من اختياره”، حسبما تردّد، بل أبلغ الجميع أنه سيسمي كل الوزراء، لا سيما السنّة جميعهم “وما بتكونوا إلّا مبسوطين”، حسبما أبلغ بعض الكتل السنية، وهو اختلف مجدداً مع كتلة “الاعتدال الوطني” حيث قالت مصادر التكتل إنه سبق وتعهد بمنحه حقيبة، لكنه لم يفصح ماهي ومن هو الوزير الذي سيتولاها، وقالت مصادرالتكتل لموقع “الجريدة”: “هناك تردّد وغموض في توجهات سلام، ما يثير الكثير من الاأسئلة والهواجس، ويبدو أنه يتجه إلى توزير شخصيات معارضة محسوبة على المجتمع المدني”.
واختلف سلام كذلك مع تكتل “التوافق الوطني”، وذهب مع الكتلة إلى حدّ اقتراح اسم الاستاذة في الجامعة الأميركية ريما كرامي لحقيبة التربية، وهي من “جماعة المجتمع المدني”. وحسب ما قالت مصادر “التكتل” لموقع “الجريدة” فإن الرئيس المكلف اتصل برئيس الجامعة الأميركية الدكتور فضلو خوري طالباً منه تسمية شخصية أكاديمية شمالية حسب المواصفات التي حددها، فاختار له خوري الدكتورة كرامي، برغم خصومتها مع تيار “الكرامة” في طرابلس.
كذلك لم يتعهد لحزب “الكتائب” بأي أمر، مع أن الحزب قدّم له في بداية التشاور أسماء شخصيات حزبية للتوزير فرفضها ثم قدم الحزب لائحة بأسماء غير حزبيين. ما دفع مصادر “الكتائب” إلى التساؤل “إذا سمى أي حزب وزيراً غير حزبي فلمن ستكون مرجعيته السياسية؟”، مضيفة أن مقولة عدم توزير حزبيين بدعة و”تفنيصة”.
حتى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قال: “إن منطق عدم وجود أحزاب في الحكومة لا نقبل به، ونحن كحزب نريد أن نشترك فيها والعمل السياسي يقوم على الأحزاب”.
كما ان “الحزب التقدمي الاشتراكي”، الذي كان أول من أيّد وسمّى سلام لتشكيل الحكومة، طالته سهام التغيير، حيث أكدت مصادره عدم التوافق مع الرئيس المكلف بعدما اتجه إلى سحب وزارة الأشغال من الحزب، ويسعى لأن يكون الوزير الدرزي الثاني من حصته ويسميه بالتشاور مع رئيس الجمهورية!
وبرأي المصادر النيابية، هذه المواقف والضغوط هي تعبير عن قرار خارجي، لا سيما أميركي، لإحداث انقلاب في التركيبة السياسية اللبنانية تُضعف جهات سياسية مناهضة للسياسة الأميركية في لبنان والمنطقة، وتُحكِم التوجّه الأميركي للقبض أكثر على إدارة الوضع في لبنان، لا سيما في ما خصّ الوضع الجنوبي وتسهيل مهمة ومطالب الاحتلال الاسرائيلي فيه.
وفي بعض المعلومات أن الموالين لنواف سلام من نواب تغييريين وقادة حركة 17 تشرين، يمارسون ضغوطاً عليه لعدم التراجع عن رفضه إعطاء المالية والصحة للثنائي الشيعي. وفهم أن هذا الفريق على تواصل دائم مع السفارة الأميركية في هذا الشأن، وهومن يتولى “إعطاء النصائح” وربما “التوجيهات”.