| خلود شحادة |
في ظل كل التبدلات السياسية الحاصلة على الساحة اللبنانية، بقيت هناك ثابتة وحيدة، حالة الترقب والانتظار لذكرى 14 شباط، وما ستحمله من تطور بشأن قرار الرئيس سعد الحريري “تعليق العمل السياسي”.
تيار “المستقبل” يستعد لإحياء الذكرى الـ20 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط، بزخم خاص هذه السنة، وقد انتشرت صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري على اللوحات الإعلانية مع عبارة “بالعشرين عساحتنا راجعين”، وهو ما أوحى بتوجّه مختلف في إحياء الذكرى هذه السنة، لعدة اعتبارات:
ـ الاعتبار الأول، أن المناسبة مر عليها عقدان من الزمن بالتمام، وهذا يشكل رمزية، حيث أن مرور 20 سنة على الاغتيال لم يُسقط الشهيد رفيق الحريري من الذاكرة الوجدانية للبنانيين عموماً، والجمهور “الأزرق” خصوصاً.
ـ الاعتبار الثاني يتعلّق بالمتغيرات التي حصلت في لبنان، مع انتخاب الرئيس جوزاف عون، واختيار الرئيس نواف سلام لرئاسة الحكومة، وهو ما يحتسبه تيار “المستقبل” انتصاراً لمساره السياسي.
ـ الاعتبار الثالث مرتبط بالتعديل الذي طرأ على التوازنات السياسية الداخلية في لبنان في المرحلة الأخيرة، والتي أفضت إلى اصطفافات سياسية نجحت في فرض واقع جديد على المستوى السياسي في لبنان.
ـ الاعتبار الرابع له علاقة بالزلزال السوري، عبر الإطاحة بنظام بشار الأسد، وشعور “المستقبل” بـ”الثأر” من “النظام السوري” عموماً وبشار الأسد خصوصاً.
ـ الاعتبار الخامس يتمثّل بعودة السعودية بقوة إلى لبنان، بعد إدارة الظهر سياسياً لسنوات، وما ستتركه هذه العودة السعودية من تأثير على مجمل الواقع اللبناني الجديد.
وفي حين ترددت معلومات عن أن محطة 14 شباط 2025، ستشكل عودة طويلة للرئيس سعد الحريري إلى لبنان، إنطلاقاً من الاعتبارات المذكورة، إلا أن مصادر خاصة أكدت لموقع “الجريدة” أنها ليست في أجواء “عودة دائمة” للحريري، وفق المعطيات المتوافرة، خصوصاً أنه لم تصدر أي إشارة من المملكة العربية السعودية حول تبنّي عودة الحريري أو رعاية دور تيار “المستقبل”، وهو ما ظهر في مرحلة انتخاب الرئيس جزاف عون وتسمية الرئيس نواف سلام، حيث أظهرت السعودية انفتاحاً على النواب السنّة من مختلف المناطق، وتفاعل هؤلاء النواب مع هذا الانفتاح بشكل قوي.
وشددت هذه المصادر، على أن القرار بعدم عودة الحريري إلى العمل السياسي “ما زال ساري المفعول”، وأن محطة 14 شباط هذه السنة ستكون كسابقاتها في السنوات الأخيرة الماضية، أي أن الرئيس الحريري سيحضر إلى بيروت ويشارك بالذكرى، في ساحة الشهداء، مع حشود من أنصاره.
وكشفت هذه المصادر، أنه كانت هناك “نصائح” بأن يتم الإكتفاء بقراءة الفاتحة على الضريح من قبل الرئيس سعد الحريري وبعض الأقرباء والمقربين، ومن دون حشود شعبية.
وعلى خط موازٍ، أكدت مصادر قريبة من تيار “المستقبل” لموقع “الجريدة” أن التحضيرات قائمة لإحياء الذكرى في 14 شباط، بمشاركة الرئيس سعد الحريري وجمهور “المستقبل” في ساحة الشهداء.
وكشفت المصادر، عن “تغيير” في برنامج الذكرى هذه السنة، حيث سيلقي الرئيس الحريري كلمة، بخلاف السنوات السابقة التي كان يكتفي فيها بتحية للجمهور. ورجحت المصادر أن يكون مضمون كلمة الحريري “وجدانياً” ومرتبطاً بملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بحيث يعتبر سعد الحريري أن “المجرم قد نال عقابه”.
وأوضحت هذه المصادر أن الحريري سيتوجه بعد ذلك إلى بيت الوسط، وسيكون هناك برنامج لقاءات، كما جرت العادة، مؤكدة أنها لم تتبلغ بأي تعديل جوهري يتعلق بمدة إقامة الحريري في بيروت، بمعنى أنه ليس هناك من قرار بـ”إقامة طويلة” في بيروت، حتى اليوم، وبالتالي فإن الحريري، سيمضي عدة أيام في بيت الوسط، قبل العودة إلى مقر إقامته في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ونفت هذه المصادر لموقع “الجريدة” أي توجه لتعديل قرار “تعليق العمل السياسي” للرئيس الحريري، لكنها لم تؤكد ولم تنفِ إمكانية إطلاق دينامية سياسية لتيار “المستقبل” تتعلّق بالإنتخابات النيابية المقبلة، وإحتمال مشاركة “التيار الأزرق” فيها.
وما بين النفي والتأكيد، كان لافتاً ذلك الحماس السياسي الذي ظهر لدى بعض الأطراف التي ترجو عودة الحريري إلى العمل السياسي في لبنان، ويشاركها هذه “الحماسة” جمهور تيار “المستقبل” الذي يشعر بحالة من “التهميش” في ظل غياب القيادة السنية الموحدة، خصوصاً بعد ما ظهر من الغياب السنّي على مستوى تركيبة النظام في لبنان، والذي ظهر واضحاً خلال فترة انتخاب الرئيس جوزاف عون وتكليف نواف سلام تشكيل الحكومة.