البنك الدولي يجمّد الغاز والكهرباء: الحصار مستمر إلى ما بعد الانتخابات؟

نهاية آذار الماضي، شارك الرئيس نجيب ميقاتي في منتدى الدوحة الذي جمع قيادات عالمية في السياسة والاقتصاد، وعقد سلسلة اجتماعات، أحدها مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي البلغارية كريستالينا جورجييفا، في حضور مسؤولين في الصندوق؛ من بينهم مدير دائرة الشرق الأوسط جهاد أزعور. تطرّق اللقاء إلى المفاوضات بين لبنان والصندوق، قبل أن يعلن ميقاتي، في المنتدى نفسه عن اتفاق وشيك مع وفد الصندوق الموجود في لبنان، وهو ما تم لاحقاً تحت عنوان «اتفاق على مستوى الموظفين».

وبحسب المعطيات، جرى الحديث عن اجتماع مع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، قبل أن يطلب رئيس الحكومة زيارة البيت الأبيض لمقابلة نائبة الرئيس كاميلا هاريس ومستشار الأمن القومي جان سوليفان، مع احتمال أن يدخل الرئيس جو بايدن الى غرفة الاجتماع لعقد لقاء سريع مع ميقاتي كما فعل رؤساء أميركيون في حالات كثيرة. وفي الوقت نفسه، عمل ميقاتي على تشكيل الوفد الذي سيرافقه، ويضم نائبه سعادة الشامي (رئيس لجنة التفاوض مع صندوق النقد) ووزير المالية يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. إلا أنه لم ينجح في الاستحصال على قرار برفع حظر السفر الذي فرضته النائبة العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون على سلامة.

انتظر رئيس الحكومة الأجوبة الأميركية، ليتبلّغ في وقت متأخر أن بلينكن لن يكون في العاصمة الأميركية في هذا الوقت. فيما أشار مصدر دبلوماسي عربي إلى رسالة اعتذار أميركية عن عدم قدرة أي من المسؤولين الأميركيين على لقاء ميقاتي بسبب «الانشغالات». غير أن المصدر نفسه تحدث عن أسباب أخرى للرفض ترتبط بغضب أميركي على سياسات متبعة في لبنان لا تلبّي متطلبات التوافق مع المجتمع الدولي. وعليه، لا تجد واشنطن نفسها معنية برسم سياسة خاصة بلبنان الآن، وخصوصاً عشية الانتخابات النيابية. وأوضح المصدر أن الانزعاج الأميركي من الحكومة اللبنانية مردّه عدم قدرتها على الالتزام بأي نوع من الإصلاحات. لكن اللافت أكثر هو إشارة المصدر العربي الى «انزعاج» أميركي من عدم إقفال الحكومة اللبنانية ملف الملاحقات بحق حاكم مصرف لبنان، وهو موقف بدا مستغرباً من أوساط لبنانية سبق أن نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم: «إذا كان سلامة في حالة اشتباه أو تعرّض لادعاء في قضايا اختلاس، فإن واشنطن غير متمسكة به»، وهو المناخ نفسه الذي يسود كثيراً من الأوساط الأميركية، وعبّر عنه تقرير نشرته مجلة «فورين أفيرز» أخيراً، دعت فيه الإدارة إلى «الانفصال علناً عن سلامة» وآخرين في لبنان.
التعبير عن الانزعاج الأميركي لا يقف عند حدود رفض استقبال ميقاتي، بل يتعداه إلى إفشال أي محاولة لتخفيف الضائقة التي تخنق اللبنانيين. فرغم ما تشيعه السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا عن مساعي بلادها لتحقيق الاستقرار في لبنان ومساعدته على تجاوز أزمته الاقتصادية، والترويج عن قرب إقرار صفقات جر الغاز المصري واستجرار الكهرباء الأردنية، علمت «الأخبار» أن قراراً سياسياً مفاجئاً صدر عن البنك الدولي قبل أيام، من شأنه تعطيل الصفقة كلها.

وعلمت «الأخبار» أن فريقاً قانونياً أعدّ تصوراً لاتفاق يبدّد الهواجس التقنية والقانونية ذات البعد السياسي بما يسمح للجميع بالسير بالاتفاق سريعاً. وقد أنجزت الأوراق في الوقت المطلوب، قبل أن يصدر قرار البنك الدولي الذي أكّدت مصادر معنية أنه «سياسي»، و«يهدف الى منع أي طرف لبناني من استثمار الاتفاق في الصراع السياسي الداخلي». إذ لا يريد الأميركيون أن يدّعي التيار الوطني الحر أنه وفّر الطاقة الكهربائية للبنان قبل الانتخابات. كما أن جهات أميركية ترفض أن تستفيد سوريا من الاتفاق بما يساعدها على معالجة أزمتها الكهربائية، أو أن تستفيد من عائدات الاتفاق.