علمت «الأخبار» أن مفاجآت جديدة متوقّعة في ملف الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأن التحقيقات التي تُجرى في عدد من الدول الأوروبية تنحو إلى اتخاذ خطوات جديدة، من بينها قرارات تنفيذية كالقرار السابق بالحجز على أصول مالية وعقارية تعود لسلامة وشركائه المؤلّفين من شقيقه رجا وابنه ندي ومساعدته ماريان حويك وزوجته آنا كوزاكوفا.
وعُلم أن جهات نافذة في القطاع المصرفي سمعت كلاماً مباشراً من مراجع قضائية في لبنان بأن استمرار امتناع المصارف عن تزويد النيابة العامة في لبنان بالكشوفات متذرّعة بالسرية المصرفية، سيدفع الجهات القضائية الأوروبية إلى القيام بخطوات ضد هذه المصارف. كما أُبلغت بعض المصارف بأن استمرار تمنّعها عن الاستجابة سيضع المصارف وإداراتها تحت دائرة الملاحقة والعقوبات من قبل سلطات أوروبية. وقد دفع ذلك ببعض المصارف التي تخشى انتقام سلامة إلى البحث في كيفية التعامل مع الأمر. والمؤكّد أن بعضها بات على قناعة بأنه لا يمكن الهروب طويلاً من تسليم السلطات اللبنانية أو الأوروبية (بواسطة لبنان) الملفات المطلوبة.
وبحسب المعلومات، فإن فكرة الادّعاء على سلامة في لبنان لا تزال عالقة في أدراج «كبار القوم». إذ إن النائب العام التمييزي فكّر في الادّعاء على سلامة على أساس ما هو موجود حتى اللحظة بحوزة القاضي طنوس الذي يشدد على ضرورة الحصول على كشوفات رجا سلامة في المصارف الستة، لأن لا ادعاء قوياً من دونها. كما أن النائب العام المالي علي إبراهيم يمتنع عن الادعاء ويطلب في حالة إحالة الملف إليه أن يعيد درسه مجدداً. فيما يروّج البعض لفكرة ادعاء سريع يحال الملف بموجبه إلى القاضي شربل أبو سمرا الذي يعمد إلى حفظه ما يجعل سلامة خارج الملاحقة.
ورغم ما باشرته النائب العام في جبل لبنان القاضية غادة عون من إجراءات ترتبط بالتحقيقات الجارية في فرنسا، إلا أن المصادر القضائية تتحدث عن فصل بين الملفين، أي أن ما يتابعه طنوس لا يرتبط حكماً بما تقوم به عون، خصوصاً أن الضغوط لإبطال مفعول ما قامت عون به لا تزال قائمة، وسط توقعات بأن يصار إلى إخلاء سبيل رجا سلامة سريعاً، ما يوجّه ضربة إلى الإجراءات القضائية القائمة. علماً أن المساعي التي يقوم بها الداعمون لسلامة تستهدف إبعاد عون وطنوس عن الملف بصورة كاملة. كما أن هناك مشكلة أخرى تواجه القضاة اللبنانيين، ولا سيما طنوس، تتمثل في إبعاده عن التواصل مع المحقّقين الأوروبيين بعد قرار عويدات منعه من السفر إلى باريس للمشاركة في مؤتمر قضائي يجمع محقّقي الدول الأوروبيّة التي فتحت قضايا جنائيّة مرتبطة بسلامة.
يشار أيضاً إلى أن المطالب الأوروبية من لبنان لم تعد تقتصر على لائحة واحدة. وتقول مصادر متابعة إن الشركات التي طلبت لوكسمبورغ التقصّي عنها، تختلف عما طلبته السلطات الفرنسية، ما يشير إلى احتمال حصول توسع كبير في التحقيقات لوكسمبورغ.
ورغم كل العقبات، إلا أن معلومات «الأخبار» تشير إلى وجود تنسيق بعيداً عن الأضواء بين الجهات المعنية في لبنان وفرنسا ولوكسمبورغ وألمانيا حيث يجري التدقيق في أصول ثروة سلامة. ونُقل عن مصدر ألماني معنيّ أن تحقيقات أولية قدّرت ثروة سلامة بنحو مليار دولار، وهو رقم لا يمكن الوصول إليه انطلاقاً من ثروة مادية وعقارية لم تكن تتجاوز الخمسين مليون دولار عندما تولّى منصبه في حاكمية مصرف لبنان. كما أن تشغيل هذه الثروة في الأسواق المالية والعقارية لا يسمح بهذه النسبة من النمو، ما يعزّز الشبهات حول عمليات غير قانونية قام بها سلامة على مدى عقدين من الزمن.