ما هو أفق الحرب.. بعد انتخاب ترامب؟

| علاء حسن |

يربط عدد من المتابعين بين الانتخابات الأميركية وبين أفق أحداث معينة تحصل على مستوى العالم. ولذلك، منذ احتدام الحملة الانتخابية ولغاية صدور النتائج الرسمية، وهم يحاولون التنبؤ بما سيجري في منطقتنا من زاوية ما ستفرزه هذه الانتخابات.

لكن، وبقراءة أكثر موضوعية لما يجري من حرب إبادة صهيونية على قطاع غزة، وحرب مدمرة كانت لتكون نظيرتها لولا قوة المقاومة في لبنان، نصل إلى مجموعة من الاستنتاجات التي يمكن من خلالها قراءة مجريات الحرب بواقعية أكثر:

أولاً ـ إن ما قام به نتنياهو خلال العام المنصرم من أداء هجومي ودفاعي، جعل الكيان الصهيوني في حالة استنهاض جديدة أمام “تهديدات وجودية”، وهذه الحالة سمحت له بالتوغل أكثر من غيره من زعماء الكيان داخل اللوبيات، والتي تبنته إلى حد يجعل أي مرشح يخضع لرغبات وتوجهات تلك اللوبيات.

ثانياً ـ هناك ثوابت في الدولة الأميركية لا يمكن لأي شخصية تتولى أي منصب أن تحيد عنها، وهذا حال غالبية الدول ذات الاستقلالية بطبيعة الحال، ومن هذه الثوابت دعم “إسرائيل”، والحفاظ على أمنها، حتى لو تطلب ذلك حضور الولايات المتحدة بنفسها إلى المنطقة، وهذا ما حصل بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001.

ثالثاً ـ رغم ما تفوّه به ترامب خلال حملته الانتخابية من أنه سيعمل على إنهاء الحروب، إلا أن القرار النهائي سيكون للدولة العميقة التي سمحت له بالفوز في الانتخابات بالشكل الذي حصل، وخصوصاً أن الجمهوريين اليوم أمسكوا بمقاليد الحكم كافة من رئاسة إلى الكونغرس إلى مجلس الشيوخ.

رابعاً ـ على المستوى العام، من الواضح أن فكرة “أميركا أولاً” استحوذت على أهواء الناخبين الذين وجدوا أن بايدن أوصلهم إلى مستويات سيئة في مختلف القضايا، وعلى رأسها الموضوع الاقتصادي.

من مجمل ما سلف، يمكن الاستخلاص أن نتنياهو يريد الاستمرار في الحرب حتى إزالة التهديدات التي تحيط به، ليصبح “ملك اليهود” الذي بعث فيهم روحاً جديدة، أو على الأقل “بن غوريون الثاني” الذي منحهم دولة بعد قرون من الشتات. لكن العامل الاقتصادي هو الذي سيكون الفيصل في استمرار هذه الحرب من عدمها، خصوصاً بعد التراجع الكبير في اقتصاد الكيان، وخروج المستثمرين والنخب، وحاجة الجيش إلى تقديم صورة النصر من أجل ضمان بقاء الدعم الخارجي له.

فإذا استطاع ترامب ـ التاجر تأمين الأموال اللازمة لتمويل الحرب، فإنه لا مصلحة له في إيقافها في المرحلة الحالية. أما إذا وجد نفسه بين خيارين: أمن “إسرائيل” والأزمة الاقتصادية، فإنه من المرجح اختيار الثانية على الأولى، والعمل على إنهاء الصراع بشكل لا يكسر معها الكيان ولا يضعها تحت مقصلة تهديد المقاومة.

وعدم وضع الكيان تحت مقصلة تهديد المقاومة، يعني الدخول في مرحلة الخناق الاقتصادي للمقاومة، ولجميع داعميها، أفراداً كانوا أم كيانات ودول.

في جميع الأحوال، أي من السيناريوهات المنظورة لن تكون قابلة للتنفيذ قبل حوالي ثلاثة أشهر من الآن، حين يتسلم ترامب الرئاسة رسمياً، ويجلس في المكتب البيضاوي الذي لطالما حلم به في السنوات الأربعة الماضية.

وعليه، نحن أمام أشهر صعبة، سيحاول فيها نتنياهو تحقيق أكبر قدر من الانجازات والمكتسبات، قبل الدخول في منعطف الاستمرار أو الإنهاء.