| عمر نشابة |
لم يصدر بيان رسمي عن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفل) بشأن ما حصل في البترون الجمعة الفائت، عندما خطفت قوة كوماندوس إسرائيلية آتية من البحر المواطن اللبناني عماد فاضل أمهز من بيته ونقلته الى جهة مجهولة. فهل كان يفترض أن تتدخل اليونيفل لمنع القوة الإسرائيلية من الوصول الى الشاطئ اللبناني؟
أنشأ مجلس الامن الدولي قوة اليونيفل عام 1978 لـ«التحقق من انسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفاعلة» (القرار 426). أما قوة اليونيفل البحرية فتأسست عام 2006، وهي تتألف من سفن حربية بنغلادشية وألمانية ويونانية وإندونيسية وتركية، تنتشر على امتداد الساحل اللبناني لـ«دعم القوات البحرية اللبنانية في مراقبة مياهها الإقليمية وتأمين السواحل اللبنانية ومنع دخول الأسلحة غير المصرّح بها إلى لبنان عن طريق البحر» (كما يرد في الموقع الرسمي الخاص باليونيفل). وثمة جانب آخر من مهام قوة اليونيفل البحرية، يتمثل بمساهمتها في تدريب البحرية التابعة للجيش اللبناني.
بما أن المسؤولية الأساسية لحماية لبنان واللبنانيين من أي هجوم عسكري خارجي تعود للجيش اللبناني، كان يفترض أن تقدم اليونيفل المساعدة اللازمة للدفاع عن الشواطئ اللبنانية والتصدي للهجوم العسكري على البترون كونه تجاوزاً خطيراً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. واذا كان الجيش غير قادر عسكرياً وتقنياً على مواجهة القوة الإسرائيلية المهاجمة، كان يفترض أن تسانده اليونيفل لأن ذلك يصبّ في إطار تثبيت سلطة الدولة اللبنانية و«تأمين السواحل اللبنانية» ودعم و«تدريب البحرية التابعة للجيش اللبناني».
لا بد من الإشارة الى أن قوة اليونيفل البحرية هي الأولى من نوعها في بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة. وتتباهى الأمم المتحدة بأن «نشر القوة البحرية التابعة لليونيفل كان خطوة تاريخية دفعت إسرائيل إلى رفع حصارها البحري عن لبنان» عام 2006. لكنها تتحفظ عن الادلاء بأي تصريح اليوم بعد امتناعها، أو عجزها، عن مساندة الجيش ومنع انتهاك السيادة اللبنانية من قبل إسرائيل وعن حماية مواطن لبناني من الخطف والإخفاء القسري.
تبلغ الميزانية السنوية لليونيفل نحو نصف مليار دولار، ويعمل فيها حالياً 11,000 شخص، من بينهم 10,000 عسكري، فضلا عن حوالي 550 موظفاً مدنياً محلياً و250 موظفاً مدنياً دولياً. ويساهم نحو 50 بلداً في قوات اليونيفل، بما في ذلك إندونيسيا التي تعدّ أكبر مساهم (1200 عسكري). وتتكون القوة البحرية التابعة لليونيفل حالياً من خمس سفن مجهزة بتقنيات عسكرية ورادارات متطوّرة، إضافة إلى ست طائرات هليكوبتر. فكيف يمكن أن تمرّ سفن حربية إسرائيلية تنقل أكثر من 20 عنصراً مسلّحاً، عبر المياه الإقليمية اللبنانية، متجاوزة رادارات المراقبة وأنظمة الرصد العسكرية التابعة للأمم المتحدة، وتصل الى الشاطئ حيث تنفذ جريمة خطف مواطن وتنقله الى جهة مجهولة من دون أن تدري اليونيفل، أم أنها علمت بالأمر ولم تبلّغ القوات البحرية التابعة للجيش اللبناني؟
ولا بد من الإشارة الى أنّ من حق اليونيفل استخدام القوة. فهي بعثة لحفظ السلام تعمل بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة. وفي إطار تنفيذ ولايتهم، يجوز لأفراد هذه القوات ممارسة حقهم الأصيل في الدفاع عن النفس. كما يجوز لقوات اليونيفل أن تلجأ إلى الاستخدام المتناسب والتدريجي للقوة من أجل:
• ضمان عدم استخدام منطقة عملياتها في أنشطة عدائية؛
• مقاومة المحاولات باستخدام القوة لمنع قوات اليونيفل من أداء واجباتها بموجب التفويض الممنوح لها من مجلس الأمن؛
• حماية أفراد الأمم المتحدة ومرافقها ومنشآتها ومعداتها؛
• ضمان أمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني؛
• حماية المدنيين المعرضين لخطر العنف الجسدي الوشيك.
لكن اليونيفل لم تفعل، ولم تحم «أفراد الأمم المتحدة ومرافقها ومنشآتها ومعداتها» عندما استهدفها الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر في الناقورة وفي عدد من قواعدها في الجنوب؛ كما أنها لم تحمِ المدنيين المعرّضين للخطر؛ ومن بينهم اللبناني المخطوف والمخفي قسراً عماد أمهز.