| زينب سلهب |
يترقب العالم الاستحقاق الأهم: انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، التي يتنافس عليها المرشحان الأقوى، عن الحزب الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وعن الحزب الديموقراطي كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن.
أكثر منطقة ترتقب نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، هي الشرق الأوسط، لتأثير النتائج على الحرب التي يشنها كيان الاحتلال الاسرائيلي على كل من لبنان وغزة.
تصدرت الانتخابات الأميركية حديث وسائل الإعلام منذ أكثر من سنة، علماً أن قانون انتخاب الرئيس الأميركي ينص على انتخاب رئيس جديد كل أربع سنوات.
تتم عملية انتخاب الرئيس الأميركي من خلال عدة مراحل لا يعرفها الكثيرون، ضمن نظام انتخابي يعد فريداً من نوعه، بل ومن أعقد النظم الانتخابية في العالم رغم سهولته الظاهرية.
يشترط في من يترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة أن يكون من مواليد الولايات المتحدة الأميركية، وأن لا يقل عمره عن 35 عاماً، وأن يكون مقيماً في الولايات المتحدة الأميركية لمدة 14 سنة على الأقل.
كما يشترط توافر نفس الشروط في من يترشح لمنصب نائب الرئيس، إضافة إلى شرط عدم جواز أن يكون نائب الرئيس من نفس الولاية التي ينتمي إليها الرئيس، وذلك بموجب التعديل الثاني عشر للدستور الأميركي.
يتم انتخاب الرئيس الأميركي ونائبه كل أربع سنوات. وخلافاً لما يعتقده الكثيرون، فإن الناخبين الأميركيين لا يقومون بانتخاب رئيسهم مباشرة، بل يتم حسم الانتخابات عن طريق الهيئات الانتخابية Electoral College)) أو “المجمع الانتخابي” الذي يتكون من 538 مندوباً. وهذا العدد يوازي عدد أعضاء الكونغرس الأميركي بمجلسيه النواب والشيوخ، علاوة على ثلاثة أعضاء من مقاطعة كولومبيا التي توجد بها العاصمة واشنطن على الرغم من أنها لا تملك أى تمثيل انتخابي في مجلس الشيوخ الأميركي، حيث يكون لكل ولاية أميركية داخل هذا المجمع الانتخابي عدد معين من الأصوات بحسب عدد سكانها وعدد النواب الذين يمثلونها في الكونغرس.
تجرى الانتخاب وفقاً لقاعدة أن الولاية تعتبر دائرة انتخابية واحدة، بحيث أن المرشح الذي يحصل على أغلبية أصوات الناخبين في إحدى الولايات، يحصل على جميع أصوات أعضاء المجمع الانتخابي الممثلين لهذه الولاية، بغض النظر عن نسبة الأصوات الشعبية التي حصل عليها في تلك الولاية، وذلك باستثناء ولايتي نبراسكا وماين اللتين تطبقان نظاماً نسبياً، بحيث يحصل كل مرشح على عدد من أصوات أعضاء المجمع الانتخابي يتناسب مع عدد ما حصل عليه من أصوات الناخبين.
يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن أميركي بلغ سن الثامنة عشرة، شريطة أن يستوفي شروط الإقامة المفروضة في الولاية التي يتبعها والتي تختلف من ولاية إلى أخرى، وأن يلتزم بالمواعيد النهائية المحددة لتسجيل الناخبين.
الطريقة الأكثر شيوعًا المستخدمة في الانتخابات الأميركية هي نظام الفوز بأكثر الأصوات، حيث أن المرشح الحائز على أكثر الأصوات هو من يفوز في الانتخابات.
قد يستخدم البعض نظاماً من جولتين، في حالة عدم حصول أي من المرشحين على العدد المطلوب من الأصوات، فلذلك تعقد جولة إعادة بين المرشحين الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات.
تتحدد أهلية الفرد للتصويت في الدستور وتنظم على مستوى الولايات أيضاً.
جميع الولايات الأميركية، باستثناء داكوتا الشمالية، تتطلب تسجيل المواطنين الذين يرغبون في التصويت.
مصدر مهم لأصوات الغائبين هو الأميركيين الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة. في عام 1986 أصدر الكونغرس قانون التصويت الغيابي للمواطنين في الخارج.
تتم عملية الانتخاب على 5 مراحل كالتالي:
1 ـ تشكيل الهيئة الانتخابية (المجمع الانتخابي):
الهيئة الانتخابية هي تقليد دستوري أميركي يعود للقرن الثامن عشر. ويقصد بها مجموعة المواطنين الذين تعينهم الولايات للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائبه نيابة عن جميع المواطنين في الولاية.
لذلك فإن الهيئة الانتخابية تمثل نموذجاً لإجراء انتخابات غير مباشرة، وذلك خلافاً للانتخابات المباشرة التي تتم من قبل مواطني الولايات المتحدة الأميركية لاختيار أعضاء مجلس النواب.
وتختلف عملية اختيار أعضاء الهيئة الانتخابية من ولاية إلى أخرى، ولكن تقوم الأحزاب السياسية عادةً بتسمية أعضاء الهيئة الانتخابية خلال مؤتمرات حزبية أو من خلال التصويت في اللجنة المركزية للحزب.
يتم تعيين الهيئة الانتخابية من قبل كل ولاية استناداً إلى الدستور الأميركي والمجلس التشريعي لكل ولاية على حدة. حيث يقوم الناخبون في كل ولاية باختيار أعضاء الهيئة الانتخابية في يوم إجراء الانتخابات العامة.
لذلك فإنه، من الناحية الفنية، يكون المجمع الانتخابي، وليس الناخبين، هو من ينتخب الرئيس، وذلك مع ملاحظة أن عمليتي التصويت مرتبطتين بشكل وثيق.
2 ـ تبدأ الانتخابات التمهيدية (التصفية) في الولايات الأميركية في شهر كانون الثاني من عام الانتخابات، حيث يخوض المرشحون منافسة ضد زملائهم من أعضاء نفس الحزب للفوز بترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية.
ويقوم أعضاء وفود الحزب القادمة من الولايات المختلفة والمشاركة في المؤتمر القومي للحزب، الذي يعقد عادة في الصيف، باختيار المرشح النهائي للانتخابات.
وفي انتخابات التصفيات، يختار الناخبون أعضاء هذه الوفود الذين يعلنون غالباً تأييدهم لمرشح معين، ويحتاج المتنافسون على ترشيح الحزب إلى أغلبية من هؤلاء الأعضاء في مؤتمر الحزب للفوز بالترشيح.
وتستخدم بعض الولايات، مثل “ولاية أيوا”، نظام المؤتمر الحزبي بدلاً من نظام انتخابات التصفيات لاختيار أعضاء الوفد الذي سيمثل الولاية في المؤتمر القومي للحزب.
وفي انتخابات التصفيات، يختار الناخبون الأعضاء الذين يؤيدونهم، أما في ولايات نظام المؤتمر الحزبي فيتم اختيار الأعضاء عبر عدة مراحل.
3ـ يتم تنظيم مؤتمرات الأحزاب، والتي تعد واحدة من أكثر الأحداث إثارة في السياسة الأميركية، حيث يصل وفد كل ولاية إلى القاعة التي يعقد فيها المؤتمر القومي للحزب يحمل لافتة عليها اسم مرشح الحزب الذي يتمتع بتأييده.
وعادة يكون الحزب قد كوّن فكرة عن مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية بحلول هذه المرحلة. ويقوم وفد كل ولاية باختيار مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية رسميا.
ويفوز بترشيح الحزب المرشح الذي يختاره أكبر عدد من الوفود، كما يحصل على دعم منافسيه داخل الحزب أيضاً، ثم يقوم المرشح الفائز باختيار نائباً له يخوض معه حملته الانتخابية.
4 ـ يكثف المرشحون المتنافسون من الأحزاب السياسية الأميركية المختلفة تركيزهم على الحملة الانتخابية.
وتعاد صياغة سياسات كل مرشح لتأخذ في الاعتبار مطالب أنصار منافسيه السابقين داخل حزبه. وهذه المرحلة من سباق الانتخابات تستغرق وقتا أقصر مما تستغرقه انتخابات التصفيات داخل الأحزاب.
وفي الأسابيع الأخيرة يركز المرشحون اهتمامهم على ما يعرف بالولايات “الغامضة”. ويقصد بها الولايات التي لم يتضح بعد أي مرشح ستؤيد، في الوقت الذي يستعدون فيه لانتخابات الهيئة الانتخابية الحاسمة.
5 ـ يطلق على هذه المرحلة “الانتخابات العامة”، وتجرى هذه المرحلة دائما في أول يوم ثلاثاء يلي أول يوم اثنين في شهر تشرين الثاني ويُطلق عليه “الثلاثاء الكبير”.
يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة البلاد. ثم تفرز الأصوات وتعلن النتائج الأولية للانتخابات عادة خلال 12 ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع.
وبعد فرز الأصوات، تنتقل العملية الانتخابية إلى الهيئة الانتخابية، حيث يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي للتصويت على اختيار الرئيس ونائبه في أول يوم اثنين في أعقاب ثاني يوم أربعاء في شهر كانون الأول فى سنة الانتخاب.
وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين للرئاسة على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية (أي 270 صوت)، وأيضاً في حالة عدم حصول أي من المرشحين لمنصب الرئيس على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية، يتوجب على مجلس النواب أن يقرر المرشح الفائز، حيث يقوم أعضاء مجلس النواب بالإدلاء بأصواتهم لاختيار المرشح الفائز بمنصب الرئيس، ويكون لكل عضو صوت واحد.
أما في حالة المرشحين لمنصب نائب الرئيس، فيتوجب على مجلس الشيوخ أن يقرر المرشح الفائز، حيث يقوم أعضاء مجلس الشيوخ بالإدلاء بأصواتهم لاختيار المرشح الفائز بمنصب نائب الرئيس، ويكون لكل عضو صوت واحد.
من هم الأحزاب المرشحون للرئاسة؟
إلى جانب الحزبين الأقوى، الجمهوري والديموقراطي، أعلن مرشحو الأحزاب الثالثة والمستقلون عن ترشحهم للرئاسة. ومن بينهم روبرت كينيدي جونيور، وكورنيل ويست.
أعلنت بعض الأحزاب الثالثة، مثل حزب “التضامن” الأميركي، وحزب “المنع”، والحزب “الدستوري”، والحزب “الليبرتاري”، وحزب “الاشتراكية والتحرير”، عن مرشحين للرئاسة، بينما بدأ حزب “الخضر” انتخاباته التمهيدية، في حين أن المرشحين المستقلين/الأطراف الثالثة، غالبًا ما يكون أداؤهم في استطلاعات الرأي أفضل من الأداء الانتخابي الفعلي، ويتمتع مرشحو الطرف الثالث، اعتبارًا من نيسان 2024، بأقوى أداء في استطلاعات الرأي منذ أرقام استطلاعات روس بيرو المرتفعة في التسعينيات.
تتمتع هذه الأحزاب بإمكانية الوصول إلى صناديق الاقتراع في بعض الولايات، ولكن ليس بما يكفي للحصول على 270 صوتًا للفوز بالرئاسة، دون إجراء حملة كتابة.
تكشف القراءة التاريخية لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ ما يقرب من ربع قرن، عن تمتع الحزبين “الديمقراطي” و”الجمهوري” بولايات تشبه المناطق الحصينة، ويكون التصويت فيها شبه محسوم لأحد الطرفين، وهو وضع يختلف عن الولايات المتأرجحة التي تتجه إليها أنظار الجميع في تشرين الثاني، والتي قد تنتهي بالتصويت لدونالد ترامب أو كامالا هاريس.
وبمراجعة نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية الستة الأخيرة منذ عام 2000، تبين أن 36 ولاية صبّت نتيجة تصويتها دائماً لمصلحة حزب واحد، أكان الحزب “الديمقراطي” أو “الجمهوري”، فيما تبادل الحزبان الكبيران الفوز بانتخابات 14 ولاية خلال 20 عاماً من الانتخابات.
تقول بيانات موقع 270towin المتخصص في نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، إنه من أصل 50 ولاية هي مجموع عدد الولايات الأميركية، 35 ولاية منها يضمن فيها كل مرة حزب واحد الفوز، بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا (تضم العاصمة واشنطن)، التي ذهبت نتائجها دائماً في الانتخابات الستة الأخيرة لمصلحة الديمقراطيين.
بالنسبة للحزب “الديمقراطي”، الولايات الـ15 (إضافة إلى مقاطعة كولومبيا) التي فاز بها بشكل متواصل منذ عام 2000 هي: كاليفورنيا، ونيويورك، وأوريغون، وواشنطن، وهاواي، ومينيسوتا، وإلينوي، وماين، ورود آيلاند، وكونيتيكت، ونيوجيرسي، وديلاوير، وفيرمونت، وماريلاند، وماساتشوستس.
وأما الحزب “الجمهوري”، فقد فاز بالعشرين ولاية التالية بشكل متواصل منذ عام 2000: تكساس، ولويزيانا، وألاباما، وتينيسي، وأركانساس، وأوكلاهوما، وميسيسيبي، وألاسكا، ويوتاه، وإيداهو، ويومينغ، ومونتانا، وكانساس، ونورث داكوتا، وساوث داكوتا، ونبراسكا، وميسوري، وويست فرجينيا، وكنتاكي، وساوث كارولاينا.
وتتبقى 15 ولاية، منها 8 ولايات فاز فيها الحزبان منذ عام 2000، لكن كانت تميل نتائجها لأحد الحزبين في هذه الانتخابات، وهي ولايات: نيوهامشير، وفلوريدا، وكولورادو، ونيومكسيكو، وإنديانا، وأوهايو، وفرجينيا، وأيوا.
وبمقارنة نتائج الانتخابات السابقة، لا سيما الأخيرة منها، يرجّح فوز الحزب “الديمقراطي” بالولايات التالية: نيوهامشير، وكولورادو، ونيومكسيكو، وفرجينيا. ويتوقع فوز الحزب “الجمهوري” بالولايات التالية: فلوريدا، وإنديانا، وأوهايو، وأيوا.
وتبقى 7 ولايات تعد متأرجحة، وهي التي يتوقع أن يكون لنتائج الانتخابات فيها، الدور الأكبر في حسم هوية الفائز بالسباق الرئاسي، وهي: ميشيغان، وويسكنسن، وبنسلفانيا، وجورجيا، ونورث كارولاينا، ونيفادا، وأريزونا.
ووفقاً لموقع “يو إس نيوز” الأميركي، فإن الولاية المتأرجحة هي التي “يُنظر إليها على أنها تلعب دوراً رئيسياً في نتائج الانتخابات الرئاسية”.
والولايات المتأرجحة في هذا السباق الرئاسي لعام 2024 هي: ميشيغان، ويسكنسن، بنسلفانيا، جورجيا، نورث كارولاينا، نيفادا، أريزونا، حيث تتقارب نتائج الاستطلاعات بين المتنافسين كامالا هاريس ودونالد ترامب.
كيف يتوزع مندوبو الأحزاب؟
تشهد الانتخابات الأميركية نوعين من المندوبين الانتخابيين، هما مندوبو كل حزب ممن يختارون مرشحه لتمثيله في الانتخابات التمهيدية، ومندوبون يختارون رئيس الجمهورية من بين مرشحي الأحزاب المختلفة.
ويمكن لأي مواطن أميركي يحظى بتأييد سكان الولاية التي يقيم فيها أن يصبح مندوباً، ويتم تعيينه من قبل قيادة الحزب في كل ولاية، وعادة يكون هؤلاء من أعضاء الكونغرس أو من العسكريين المتقاعدين أو المشاهير.
يعقد الحزبان الديمقراطي والجمهوري مؤتمراتهما الانتخابية العامة خلال أغسطس/آب بهدف تسمية مرشحي الحزبين بصورة رسمية لخوض السباق الرئاسي.
ويشهد كل مؤتمر حزبي تصويت المندوبين للمرشح الفائز بالانتخابات التمهيدية، في محاولة لإظهار الوحدة والوقوف خلف المرشح الفائز والتغلب على صراعات وانقسامات مرحلة الانتخابات التمهيدية، ويلتزم المندوبون المنتخبون بالتصويت، وفق معطيات نتائج الانتخابات في الولايات التي يمثلونها.
ويشارك مندوبو الحزب من كل ولاية أميركية في المؤتمر العام للحزب، ويرجع لقيادة الحزب في الولايات أن تحدد كيفية اختيار المندوبين للمشاركة في المؤتمر العام للحزب.
ويجلس مندوبو كل ولاية معا بجوار بعضهم البعض في المؤتمر العام للحزب، ويحملون لافتات عليها اسم مرشح الحزب الذي يتمتع بتأييدهم، ويقوم وفد كل ولاية باختيار مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية رسمياً.