| مرسال الترس |
لم يُعِر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أي اهتمام لانتقادات مجموعات الـ”سوشيل ميديا” التي صبت جام غضبها عليه بعد إعلان فك تحالفه مع “حزب الله”، على خلفية “الحرب المجنونة” التي يعتمدها العدو الاسرائيلي على لبنان، والتي لم تسلم منها مختلف المناطق اللبنانية على مساحة الوطن.
الواضح أن القضية بين “الصهر المدلّل” و”الحزب المقاوم” ليست “مسألة رمانة، وإنما قلوب مليانة” ممتدة منذ سنتين، حين افترقا على خلفية الاختيارات الرئاسية التي حسمها الحزب لصالح دعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، والذي ما زال يرفضه نائب البترون لألف سبب وعلّة موجودة في قاموسه العائلي والسياسي.
وللتعويض عن التحالف مع حزب قدّم له “لبن عصفور” انتخابات العام 2022، اعتمد باسيل أسلوب تغطية “السماوات بالقباوات” عبر طريقتين لا تبدوان سالكتين إلى آخر الممر:
الأولى، محاولة فتح صفحة جديدة و”متذاكية” مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي لا يمكن أن ينسى تجريحه بشخصه حين وصفه بـ “البلطجي”، وذلك بالتزامن مع محاولة جرّ “غريمه ومنافسه النيابي” في المجتمع المسيحي رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى “اتفاق معراب” ثانٍ شبيه بنتائج الأول الذي أوصل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، وذلك من خلال القول إنه أدرج اسمه في لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، والذي ردّ عليه جعجع بالقول لسائله عن رأيه بهذا الطرح بالإجابة: “اكتب أن جعجع ضحك طويلاً جداً”.
ما يدركه قائد “معراب” هو أن باسيل لم يكن مرة مع وصوله إلى بعبدا، لأنه خصمه الأول والأساسي في المشروع والنظرة والتمثيل المسيحي. ولكن ما فعله كان هدفه أن يحثّ جعجع على مبادلته بالمثل، ويكرر الخطأ الذي اعتمده عام 2018.
وعلى خط موازٍ، وسّع باسيل دائرة رفضه لمرشحي الرئاسة، فأضاف إلى لائحته، التي تضم فرنجية وقائد الجيش، كلاً من الوزير السابق ناصيف حتي والنواب نعمة أفرام وميشال معوض وإبراهيم كنعان… لعله يبقى وحده “الحصان” الأوحد في السباق.
أما الطريقة الثانية، فهي فتح باب التواصل مع الأميركيين الذين يفرضون عليه عقوبات لأنه كان حليفاً لـ”حزب الله”، من بوابة دولة قطر التي زارها مرات عدة، علناً وسراً، فيبيض صفحته أمام بلاد “العم سام”، ويسعى للقوطبة على اقتناع واشنطن بأن قائد الجيش العماد جوزاف عون هو الأصلح لقيادة لبنان في مرحلة ما بعد الحرب لإنهاء دور “حزب الله” العسكري.
ولكن الواضح أن باسيل بات مكشوفاً من جميع الأفرقاء. وإذا كان “حزب الله” قد “تقبّله مع جميع مواقفه الملتبسة” إكراماً للعلاقة المتميزة التي كانت قائمة بين الرئيس ميشال عون والأمين العام للحزب الشهيد السيد حسن نصر الله، فإن المعروف عن الأميركيين أنهم يتركون حلفاءهم بخفة عندما يحققون مصالحهم، فكيف بالذين يتقربون إليهم لحاجة. وإذا لم يصدّق باسيل هذه القاعدة ما عليه سوى مراجعة تصريحات السفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان والعديد من قادة الرابع عشر من آذار، لعله يتعظ… بعد فوات الأوان!