هل حققت “إسرائيل” النصر؟

رأت صحيفة “هآرتس” العبرية، أن هناك مرحلة أكثر ضبابية بشأن مختلف القضايا عقب اغتيال رئيس “حماس” يحيى السنوار.

وقالت الصحيفة، إنه “كما كان متوقعا فقد احتفل نتنياهو الليلة الماضية يقتل السنوار، وعلى مدار عام لم يكن هناك ما يشغل نتنياهو أكثر من القضاء على السنوار، لأن هذا أمر كان هوسه، فقد كان كثيرا يصف السنوار بأنه عدوه اللدود الذي أخذ ملايين الدولارات من نتنياهو وفي اللحظة المناسبة هاجم إسرائيل وألحق بها أكبر هزائمها”.

وأضافت “أدرك نتنياهو منذ اللحظة الأولى أن صورة السنوار القتيل هي وحدها القادرة على أن تحجب في أعين جمهوره الفشل الذي كان مسؤولا عنه بقدر لا يقل عن الشاباك والجيش الإسرائيلي، فقد كان يولي أهمية أقل لصورة أخرى من صور النصر ألا وهي عودة جميع المختطفين”.

وأشارت إلى أنه “بعد أن حقق نتنياهو صورة النصر التي طال انتظارها وبعد أن تم حل جميع كتائب حماس ولم يبق سوى فرق متفرقة، حصل نتنياهو على رصيد متجدد ليصبح رجل دولة لكنه لم يظهر ذلك في خطاب النصر الذي ألقاه الليلة الماضية، لأنه بدلا من الإشارة إلى مبادرة سياسية جريئة من شأنها إنهاء الحرب في غزة بما ينهيها أيضا في الشمال، خرج وقال لعناصر حماس أطلقوا سراح الرهائن مقابل الحصانة، فشل نتنياهو في نطق عبارة “السلطة الفلسطينية” بمعنى هيئة حكم بديلة في القطاع، وحتى هذه اللحظة لم يرتفع عن مستوى السياسي التافه الذي توجهه الاعتبارات الشخصية والسياسية”.

وأوضحت أنه “طوال عام كامل نتنياهو يتصرف بلا استراتيجية واضحة ويعول على ما يحققه الجيش والشاباك في الميدان وينسب الانتصارات لشخصه”.

وتابعت “هآرتس”: “أثبتت الاغتيالات سابقا لقادة حماس أن الحركة لم تغير من سلوكها وأيديولوجيتها أو أدى ذلك لانهيارها، وبعد كل عملية اغتيال يظهر قادة جدد وفي كل فترة كانت تظهر حماس قدرتها على التعافي وادخال قيادة جديدة من جيل إلى آخر”.

وأكدت أنه “في فترة العام الأخير منذ السابع من أكتوبر تغير الوضع تماما، لأن الدمار الذي لم يسبق له مثيل في قطاع غزة والوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة وسيطرة إسرائيل على المعابر، سيجعل مهمة استبدال القيادة صعبة للغاية، وحتى لو تم اختيار بديل فليس من الواضح ما إذا كان سيكون لديه القدرة على السيطرة على الميدان وتوزيع الأوامر وإدارة التنظيم الذي تفكك إلى حد كبير إلى أجزاء تعمل بشكل مستقل”.

وأضافت أنه “على الرغم من ذلك وبعد أكثر من عام من القتال لا توجد حاليا أي هيئة أو منظمة فلسطينية يمكنها المطالبة بالسيطرة على قطاع غزة بدون حماس، وكل من تتحدث إليه في القطاع يعرف ذلك جيدا، بحيث لا تجرؤ السلطة الفلسطينية والفصائل على طرح فكرة السيطرة على القطاع دون ذكر حماس كشريك، حتى المحاولة المصرية الأخيرة لإيجاد صيغة لإدارة مشتركة لحركتي حماس و فتح في قطاع غزة باءت بالفشل بسبب مكانة المنظمة”.

وأوضحت أن “هذا لا يعني أن قتل السنوار لن يؤثر على ميزان القوى في القيادة الفلسطينية، فمن المتوقع أن يؤدي مقتله واغتيال رئيس حكومة حماس في غزة روحي مشتهى قبل ذلك إلى تحول ثقل قيادة الحركة في الخارج، ومن المحتمل أن يصبح نائب السنوار خليل الحية الذي يتولى التنسيق وتنسيق المفاوضات نيابة عن حماس الشخصية الأهم في المنظمة”.

وقالت “في غزة قد يكون محمد السنوار شقيق يحيى، وربما بعض قادة المنطقة مثل عز الدين الحداد، لكن من المشكوك فيه أن يكون لدى هؤلاء الأفراد القدرة على ملء الفراغ الذي خلفه مقتل السنوار والذي سيؤثر أيضا بشكل كبير على مفاوضات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين، وإسرائيل والدول الوسيطة وكذلك قيادة حماس في الخارج كانوا يعلمون أن أي قرار بشأن المفاوضات لم يتخذ في الدوحة أو بيروت بل في غزة”.

وشددت على أن “قيادة حماس في غزة وخاصة السنوار هي التي اتخذت القرارات، وفي غيابه لا يمكن معرفة من يستطيع أن يقرر في قضية المختطفين، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان بديله سيكون لديه معلومات عن جميع المختطفين وسيكون قادرا على جمعها ونقلها إلى القيادة الأجنبية وفرق التفاوض، وبالتأكيد ذلك عندما يكون بعضهم محتجزا لدى منظمات أخرى مثل الجهاد الإسلامي أو حتى لدى جهات أخرى.

وأشارت إلى أنه “ليس من الواضح في هذه المرحلة ما إذا كان استمرار الضغط العسكري الإسرائيلي سيؤدي إلى تغيير في موقف حماس أو إلى نوع من الاختراق أو ربما إلى سيناريو أكثر صعوبة حيث ستواجه إسرائيل مجموعات مسلحة تحتجز رهائن كما حدث في البلدان التي دارت فيها حروب أهلية وحروب عصابات مثل سوريا أو لبنان أو الصومال، ومن شأن هذا التفكك أن يعرض حياة المختطفين لمزيد من الخطر وليس من الواضح حجم المعلومات التي تمتلكها إسرائيل بشأن كل مجموعة وعصابة من هذا القبيل”.

وتابعت “إلى أن تتضح الصورة وتؤكد حماس مقتل السنوار ومن الممكن اختيار زعيم بديل، لن يكون من الممكن الحديث عن مفاوضات منسقة لإطلاق سراح المختطفين وإنهاء الحرب، الصورة التي تمتلكها إسرائيل حاليا لجثة السنوار المشوهة لا تعني أبدا تحقيق صورة النصر”.