كشفت وكالة “رويترز” تفاصيل جديدة ومهمة من قضية تفخيخ أجهزة الـ”بيجر” التي انفجرت في 17 أيلول/ سبتمبر الماضي، في وقت واحد في الضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من المناطق اللبنانية وفي سوريا، وسبق الانفجار في معظم الحالات صوت رسالة واردة.
وحملت بطاريات أجهزة الـ”بيجر” المفخخة، التي وصلت إلى لبنان في بداية هذا العام، جزءاً من مخخط إسرائيلي لتدمير “حزب الله”، عبر ملامحها الخادعة ونقطة ضعف واحدة، بحسب ما جاء في تقرير صدر عن وكالة “رويترز”.
ووفقاً لمصدر لبناني لديه معرفة مباشرة بأجهزة الـ”بيجر” وصور لتحليل مفصل للبطاريات، صمم العملاء الذين صنعوا الأجهزة بطارية تخفي كمية صغيرة لكنها قوية من المتفجرات البلاستيكية وأداة تفجير جديدة لا تكشفها الأشعة السينية.
وللتغلب على نقطة الضعف التي تتمثل في عدم وجود خلفية معقولة عن المنتج الجديد، فقد أنشأوا متاجر وصفحات وهمية وكتبوا منشورات مضللة على الإنترنت لخداع “حزب الله” عندما يحاول التحقق من الأجهزة.
ويلقي التلاعب بتصميم أجهزة الـ”بيجر” المفخخة والقصة التي تم نسجها بعناية للتمويه على خصائص البطارية، بالضوء على تنفيذ عملية استغرق إعدادها سنوات ووجهت ضربات غير مسبوقة لـ”حزب الله” ودفعت الشرق الأوسط لشفا حرب إقليمية.
ووفقاً للمصدر اللبناني والصور المفصلة للأجهزة المفخخة التي تم تفجيرها، تم زرع ورقة مربعة رقيقة تحتوي على 6 غرامات من مادة بلاستيكية متفجرة بيضاء (PETN) بين خليتين متعامدتين في البطارية.
وأضاف المصدر أن المساحة المتبقية بين خلايا البطارية لم تظهر في الصور بل كانت مملوءة بشريط من مادة شديدة الاشتعال تؤدي دور المفجر.
وأظهرت الصور أن هذه “الشطيرة” ذات الثلاث طبقات تم إدخالها في غلاف بلاستيكي أسود، وزرعها داخل غلاف معدني بحجم علبة الثقاب تقريبا.
وكانت هذه التركيبة غير اعتيادية لأنها لم تعتمد على نظام تفجير مصغر قياسي، والذي عادة ما يكون أسطوانة معدنية، وفقًا لما ذكره المصدر واثنين من خبراء المتفجرات، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وبدون أي مكونات معدنية، كانت المواد المستخدمة لتفعيل التفجير لها ميزة مثل المتفجرات البلاستيكية، لم يتم اكتشافها بالأشعة السينية.
عند استلام أجهزة الإرسال في شباط/ فبراير الماضي، بحث “حزب الله” عن وجود متفجرات، وفقًا لشخصين مطلعين على المسألة، حيث مرروا الأجهزة عبر أجهزة الفحص الأمني بالمطار لمعرفة ما إذا كانت ستصدر إنذارات.
ولم يُبلغ عن أي شيء مريب. ويبدو أن الأجهزة كانت معدة لإحداث شرارة داخل حزمة البطارية، تكفي لإشعال المادة المتفجرة وتفجير ورقة PETN، حسبما قال خبيرا المتفجرات، اللذان اطلعا على تصميم الأجهزة.
وبما أن المتفجرات والتغليف احتلوا حوالي ثلث الحجم، كانت حزمة البطارية تحمل جزءًا صغيرًا من الطاقة التي تتناسب مع وزنها البالغ 35 غرامًا، حسبما قال اثنان من خبراء البطاريات.
وقال خبير بطاريات الليثيوم في جامعة نيوكاسل البريطانية، بول كريستنسن: “هناك كمية كبيرة من الكتلة غير المحسوبة”.
وفي مرحلة ما، لاحظ “حزب الله” أن البطارية كانت تفرغ أسرع مما هو متوقع، وفقًا للمصدر اللبناني. ومع ذلك، لم تبدُ هذه المشكلة أنها أثارت مخاوف أمنية كبيرة – حيث كان لا يزال يتم تسليم أجهزة الإرسال لأعضائها قبل ساعات من الهجوم.
وفي 17 أيلول/ سبتمبر الماضي، انفجرت الآلاف من أجهزة البيجر في وقت واحد في الضاحية الجنوبية لبيروت ومعاقل أخرى لـ”حزب الله”، وسبق الانفجار في معظم الحالات صوت رسالة واردة.
وبحسب “رويترز”، بدت أجهزة الإرسال وكأنها تحتوي على حزمة بطارية ليثيوم أيون قياسية، إلا أن البطارية المسماة LI-BT783 لم تكن متوفرة في السوق، مما دفع عملاء “الموساد” إلى إنشاء قصة خلفية وهمية لتضليل “حزب الله”، الذي لديه إجراءات تدقيق صارمة في مشترياته.
وتم خداع “حزب الله” عبر بيع نموذج مخصص لجهاز الإرسال، AR-924، تحت علامة تجارية تايوانية معروفة تُدعى “Gold Apollo”. ادعى رئيس الشركة، هسو تشينغ ـ كوانغ، أنه تم التواصل معه قبل ثلاث سنوات لمناقشة اتفاقية ترخيص، لكنه لم يكن لديه أي معلومات عن الهدف النهائي للمنتج.
وفي أيلول/ سبتمبر 2023، تم إدراج تفاصيل حول AR-924 على موقع apollosystemshk.com، الذي قدم عنوانًا في هونغ كونغ لشركة لم توجد في سجلات الشركات. الموقع ركز على ميزات البطارية، مشيرًا إلى أنها قد لا تحتاج إلى الشحن فترة تصل إلى 85 يومًا وإمكانية إعادة شحنها عبرUSB.